ولد الشاعر ناصر بن سالم بن علي العويس الشامسي بقرية «الحيرة» في الشارقة عام 1914م وتوفي - رحمه الله - في العام 2008م، وكان من الشعراء البعيدين عن الأضواء، يكتب شعره ويدوّنه بصمت، ولا يعرضه إلا على المقرّبين من أهله وأصدقائه، وجاء نأيه وابتعاده عن الوهج الإعلامي كاختيار شخصي، معتبراً القصيدة غايةً متحقّقة في العزلة، لا وسيلة لحيازة الشهرة.
ويذكر الباحث الدكتور راشد أحمد المزروعي أن والد الشاعر ناصر بن سالم العويس، كان من روّاد شعراء الإمارات في الفترة الحديثة، حيث أبدع في القصائد العامية والفصحى معاً، ويعدّ من أوائل المثقفين المواطنين الذين أثروا الساحة الثقافية أيام الاستعمار البريطاني، وكان لإسهاماته الشعرية دور في شحذ الهمم ورفع معنويات المواطنين، وزيادة تعلّقهم بأوطانهم، وتطوّر وعيهم السياسي والاجتماعي. ويشير المزروعي إلى أهمية منطقة «الحيرة» في تكوين الشخصية الثقافية لشاعرنا ناصر العويس، فبالإضافة إلى تأثره بوالده، فإن «الحيرة» التي ولد بها كانت تزخر بالحراك المعرفي، وتزدحم فيها العقول المستنيرة والمواهب الشعرية والقامات الإبداعية، مضيفاً أن شاعرنا تعلّم في طفولته قراءة القرآن والكتابة والحساب، كما أنه نهل من مكتبة والده ما استطاع من المعارف، وخاصة في الآداب والشعر العربي الفصيح، مثل شعر المعلّقات، وشعر المتنبي، إضافة لاطلاعه على المجلات والإصدارات العربية في تلك الفترة. ويرد في السيرة الحياتية لناصر العويس أنه عمل بالتجارة والعمل الحرّ منذ صغره، لأنه كان ينفر من القيود الوظيفية، ويفضل أن يكون حرّاً طليقاً في حياته العملية، فعمل بداية مع والده بدبي نهاية العشرينيات الماضية، ثم استقلّ عن والده، ليعمل ويكسب من وراء شراء وبيع اللؤلؤ، حيث كان يشتريه من النواخذة والغاصة، فيتاجر ببعضه هنا في الإمارات، ثم يسافر بجزء منه إلى الهند لبيعه هناك، كما سافر شاعرنا إلى شرق أفريقيا في بداية الخمسينيات لاستيراد السيارات والأقمشة، ثم خاض تجربة ناجحة في بيع المواد الاستهلاكية في دبي وتصدير الأسماك المجفّفة وزعانف أسماك القرش إلى موانئ كولومبو في سيريلانكا، وإلى سنغافورا، وعندما أصيبت التجارة المحلية بالكساد بعد الحرب العالمية الثانية سافر الشاعر ناصر العويس إلى الدمّام بالمملكة العربية السعودية للعمل وكسب الرزق هناك، ثم رجع بعد سنة إلى الشارقة، لأنه لم يطق فراق الوطن والأهل .
وبعد عودته من الدمام اتخذ الشاعر ناصر العويس قراراً مصيرياً كان له أثر كبير في حياته، إذ عزم ترك العيش في الساحل، والتوجّه إلى البادية في المنطقة الوسطى من الدولة، وكأنّه أراد تجربة حياة البدو، فانتقل عام 1954م إلى مناطق «الفاية» و«البحايص»، ثم «الذيد»، حيث استصلح المزارع، وعمل في التجارة التي خدمت المسافرين المتوجهين من الشارقة ودبي إلى سلطنة عمان، وتحديداً إلى منطقة الباطنة التي ازدهرت فيها المقايضة والتجارة وبيع البضائع منذ الخمسينيات وحتى بداية السبعينيات، وفي الذيد تزوج شاعرنا واستقر وأنتج فيها جلّ قصائده وأجملها حتى رحيله.
https://www.alittihad.ae/news/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9/4210894/%D9%86%D8%A7%D8%B5%D8%B1-%D8%A8%D9%86-%D8%B3%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%88%D9%8A%D8%B3---%D8%B4%D8%A7%D8%B9%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%AB%D9%8A%D9%82
يكتب في
أدب
شعر