التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا


تأليف :

الناشر : أبوظبي : مركز زايد للتنسيق والمتابعة Abu Dhabi : Zayed Centre for Coordination & Follow-up

سنة النشر : 2002

عدد الصفحات : 73

الوسوم - سياسة

تقييم الكتاب

شارك مع أصدقائك تويتر فيسبوك جوجل


تتمثل قيمة هذه الدراسة فى تتبعها الدقيق والموثق لابعاد السياسة الاسرائيلية، وسعيها المستمر لتطويق الوطن العربى من مختلف جهاته خاصة الاستراتيجية بغية التحكم فى أمن كل الدول العربية والاضرار بعلاقاتها مع الدول الافريقية فضلا عما تحققه الدولة العبرية من مصالح اقتصادية وسياسية وعسكرية من خلال سياسته فى افريقيا. وأبرزت الدراسة الكيفية التى استغلتها اسرائيل لمد جذورها فى القارة الافريقية حيث اعتمدت على الوضع الاقتصادى المتردى لكثير من الدول واستخدمت مختلف أنواع الدعاية وشركات تابعة لجهاز الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية فضلا عن تعاونها الحثيث مع الدول الاستعمارية والذى بدأ منذ مشروع أوغندا وأقامة مستعمرة يهودية فى القارة السمراء منذ بدايات هذا القرن. وحول حضور الهاجس الامنى فى كل المشاريع الاسرائيلية بالاضافة الى الغايات الاقتصادية والتنموية رأت الدراسة أن الامن القومى ومفهوم ادارة الصراع الدولى والاقليمى هما جناحا التحرك الاسرائيلى الافريقى وتسعى اسرائيل الى التنسيق الدائم بينهما حيث يمثل هذا الامر الاهتمام الاكبر للقادة الاسرائيليين ويرتبط بحالة التنمية. وفى اطار الوقوف عند دوافع التوجه الاسرائيلى الى افريقيا نجد أن نسبة كبيرة من الواقع السكانى للكيان الصهيونى المصطنع جاءت من أقطار افريقية خلال الفترة الممتدة من عام 1948 حتى عام 1967 وقد تراوحت نسبة الوجود الافريقى فى الكيان الصهيونى من 15 بالمئة الى 7 بالمئة ثم انضاف الى التركيبة السكانية يهود الفلاشا. وفى هذا السياق توضح الدراسة أن عملية تهجير يهود أثيوبيا وماارتبط بها من أحداث أظهرت أن النشاط الصهيونى فى افريقيا يعتمد الانتقائية فى عمليات التهجير فهؤلاء اليهود من الفلاشا يشكك كثير من الاسرائيليين أنفسهم فى حقيقة يهوديتهم وبالتالى عدم انطباق حق العودة عليهم وما يمكن أن يسببه ذلك فى انتفاء نظرية الاختصاص اليهودى عليهم والتى روجت لها الدعايات منذ أمد بعيد ولكن اسرائيل عندما ركزت عليهم رأت أن هؤلاء الافارقة يمكن أن يحلوا كعمالة محل الفلسطينيين وأيضا يمكن تجنيد العديد منهم فى جيش الدفاع ولم تمارس اسرائيل نفس الدور مع الجالية اليهودية فى جنوب افريقيا حيث اعتبرتها من الجاليات التمويلية كيهود الولايات المتحدة الامريكية ومن جماعات الضغط التى استخدمت فى فترة التفريق العنصرى فى جنوب افريقيا من أجل مزيد من التعاون بين النظامين العنصريين فى اسرائيل وجنوب افريقيا. وفى معرض نقاش استغلال اسرائيل للظروف الدولية من أجل ارتباطها بافريقيا أوضحت الدراسة كيف مهد الاستعمار الغربى للقارة الافريقية الظروف لاسرائيل حيث سمح لها بالتغلغل الى مستعمراته منذ نهاية الحرب العالمية الثانية والتبشير بمشروعها الذى استهدف التمكن والسيطرة الكاملة على مقدرات تلك البلدان الافريقية بعد أن نالت استقلالها وذلك من خلال جملة من الاساليب والوسائل. وقد سعت اسرائيل بواسطة طرق مختلفة لتأكيد الارتباط بافريقيا سواء عن طريق الحكومة الاسرائيلية أوعن طريق الهيئات والادارات العاملة فى مجال التعاون الافريقى أو عن طريق أصدقاء اسرائيل وخاصة من الدول الكبرى وتقديم الدعم اللازم لاستمرار التغلغل فى افريقيا عن طريق اشتراط هذه الدول الكبرى على الدول الافريقية شراء معدات وأسلحة والتعاون مع اسرائيل بل وصل الامر الى أن اصدرت الخارجية الامريكية أمرا الى سفاراتها فى الخارج فى الثمانينيات من القرن العشرين بوضع كل امكاناتها لتسهيل عمل الممثلين الرسميين الاسرائيليين وغير الرسميين. كما شكلت الخارجية الامريكية لجنة أمريكية اسرائيلية مشتركة لتنسيق العمل فى العالم الثالث وتسهيل أهداف السياسة الخارجية الاسرائيلية كما تناولت الدراسة أهداف السياسة الاسرائيلية الخارجية فى افريقيا فأبرزت أن خلفيتين حكمتاها وقد تمثلت الاولى فى الخلفية المرتبطة بالامن القومى والتى عبر عنها أحد الكتاب الاسرائيليين عندما قال «ان اسرائيل لا تقوم بعمل خيرى فى افريقيا وأن النشاط الاسرائيلى غير منزه تماما عن المصلحة العامة والصريحة لتحطيم الحصار العربى» ولذلك استهدفت اسرائيل البعد الاستراتيجى المتمثل فى تحقيق السيطرة الاقليمية بغرض الالتفاف على أشكال العزلة التى تفرضها الدول العربية حول اسرائيل وتأمين الملاحة فى البحر الاحمر فضلا عن الارتباط بالجاليات اليهودية فى افريقيا وتسويق منتجاتها وضمان أكبر قدر من الدعم الدولى للتصويت فى المنتديات العالمية أما الخلفية الثانية فهى الهيمنة إذ استغلت اسرائيل ارتباطها بالغرب وخاصة الولايات المتحدة الامريكية وركزت على ابراز أهميتها بالنسبة للسياسة الغربية وتحركها على المستوى الاقليمي والافريقى فى اطار دورها فى النظام العالمى الجديد الذى يرسخ مبدأ الهيمنة الاسرائيلية باعتبارها وجها من وجوه الهيمنة الغربية والامريكية. وقد توقفت الدراسة عند مظاهر التغلغل الاسرائيلى فى افريقيا فبدأت بمظاهر تغلغلها الاعلامى والدعائى مبرزة مراحل ذلك التغلغل الذى تدرج من ابراز اسرائيل لنفسها فى المراحل الاولى بوصفها الدولة «المسالمة» التى لا تريد ألا من يتوسط بينها وبين العرب لتحقيق السلام الى أبراز الاعلام والدعاية الاسرائيليين لصورة الدولة النموذج التى لا غنى للدول الافريقية عن الاستعانة بها خاصة بعد انتصارها فى يونيو 1967 حيث بدأ الحديث عن العبقرية اليهودية وتشويه صورة العرب وزرع بذور الخلاف بينهم وبين جيرانهم من الافارقة وقد وجدت اسرائيل الدعم الاوروبى لسياستها الاعلامية والدعائية حيث سمحت السوق الاوروبية المشتركة لاسرائيل أن تكون مركزا لتدريب المبعوثين من الدول الافريقية المرتبطين بالسوق وهى الميزة التى كانت مقصورة على دول السوق كما تم التعاون الامريكى مع المراكز التى أنشئت فى اسرائيل لتدريب الكوادر النقابية والسياسة الافريقية. ولم يفت الدراسة أن تبرز فى هذا السياق تركز التغلغل الاسرائيلى بعد اتفاقيات أوسلو ومشروع الشرق أوسطية الذى وصفته بكونه «يكرس الهيمنة الامريكية من خلال توظيف اسرائيل فى المنطقة علاوة على توظيفها افريقيا». وضمن مظاهر التغلغل الاسرائيلى فى افريقيا تناولت سعى السلطات الصهيونية الى التحكم فى الاقتصاد الافريقى وتوجيهه من خلال استخدام سياسة المعونات الفنية والتقنية فضلا عن المدربين والخبراء العسكريين علاوة على الخبراء فى المجالات المختلفة حيث توجه الى افريقيا خلال حقبتى الستينيات والسبعينيات1500 خبير اسرائيلى واستقبلت اسرائيل من افريقيا 6200 متدرب كل ذلك علاوة على استثمارات الشركات الهندسية والصناعية الاسرائيلية والتى حصلت على عقود للعمل فى افريقيا بمئات الملايين من الدولارات وارتفعت الصادرات والواردات بين افريقيا واسرائيل حيث كانت صادرات اسرائيل فى عام 1970 لا تتجاوز 41 مليونا و 500 الف دولار ثم وصل عام 1980 الى190 مليونا 900 الف دولار ليصل فى عام 1993 الى 264 مليونا و 400 الف دولار أما الواردات الاسرائيلية من افريقيا فقد تدرج ارتفاعها خلال السنوات السابقة الذكر من 30مليونا و100 الف دولار الى 137 مليونا و 800 الف دولار لتصل الى 335 مليونا و 700 الف دولار وذلك فى خط تصاعدى يبرز استغلال اسرائيل لموارد الدول الافريقية فضلا عن تغلغلها الاقتصادى هناك والذى لا تتضح صورته الا بمقارنته بالواردات والصادرات بين الدول العربية وجاراتها الافريقية حيث لم تتجاوز سنة 1993 نسبة 11 بالمئة بالنسبة للصادرات و23 بالمئة بالنسبة للواردات الامر الذى يعكس تزايد الاهتمام المشترك بين الدول الافريقية واسرائيل مقابل تراجع الاهتمام بين الدول العربية والدول الافريقية. ويتبين أن نسبة كبيرة من الخبراء الاسرائيليين الى الدول الافريقية هم من العسكريين المتقاعدين وأن معظم مراكز التدريب المهنى فى اسرائيل والتى يفد اليها الافارقة مراكز لها وظائف أمنية وهو ما جعل اسرائيل تتغلغل فى معظم أوساط المجتمع الافريقى. خاصة فى أوساط النخب السياسية والعسكرية مما مكنها من النفوذ الاقتصادى فى سرعة قياسية. وفى تناولها للتغلغل الاسرائيلى العسكرى بينت الدراسة ومن خلال الاتفاقيات والتعاون العسكرى بين اسرائيل وبين الدول الافريقية مختلف النشاط العسكرى الاسرائيلى فى افريقيا وكيف سعت الاولى الى اغراق القارة الافريقية بمختلف ترسانتها العسكرية كل ذلك اضافة الى شرح الاستراتيجية العسكرية الاسرائيلية فى القارة الافريقية وأبعادها المختلفة وقد بنت اسرائيل استراتيجيتها للتحرك على الساحة الافريقية من خلال مجموعة من المبادئ والركائز الاساسية التى ترمى أولا الى تحسين الوجه الاسرائيلى فى القارة الافريقية وجعله مقبولا من دولها واظهار أهمية اعتماد هذه الدول على اسرائيل فى اعداد وتأهيل كوادرها العسكرية اضافة الى تقديم كافة التسهيلات التى تتيح بناء علاقات مع الانظمة الافريقية واظهار مدى قدرتها على خدمة أهداف الدول علميا وعسكريا. وفى هذا المجال أيضا تبين الدراسة حجم الاتفاقيات العسكرية الاسرائيلية مع كل دولة أفريقية على حدى وتاريخها فى استقصاء دقيق وموثق يدل على تطور العلاقات وتناميها بشكل كبير وفق نظام الاستراتيجية المذكورة سابقا. وتتناول الدراسة انعكاس التغلغل الاسرائيلى فى افريقيا على الامن القومى العربى فتبين أن منطقتى النفوذ الاسرائيلى فى القرن الافريقى والبحر الاحمر تمثلان الجدار الجنوبى للامن القومى العربى وحزام الامن الغربى والعمق الاستراتيجى لمنطقة الخليج باعتبارهما الاتجاه الرئيسى لعبور التجارة البترولية وحلقة الاتصال بين النظم الاقليمية فضلا عما يضمانه من دول عربية حيث يمثلان البعد الاستراتيجى لكل من مصر والسودان. نظرا لتحكمهما فى مصدر النيل وتأثيرهما على حركة الملاحة فى قناة السويس بل تبرز الدراسة سعى اسرائيل الحصول على تسهيلات بحرية بالمداخل الجنوبية للبحر الاحمر من خلال التواجد بأريتريا وجزيرة دهلك الى اقامة نقاط ارتكاز للاستطلاع ومتابعة الانشط العربية واستغلال المنطقة عند الضرورة كوسيلة للضغط وتشتيت الجهود عند ادارة صراع مسلح بين اسرائيل والعرب فضلا عن امكانية استخدام المنطقة كنقاط انطلاق لتوجيه ضربات وقائية سواء تجاه مصر أو لاحد الاهداف العربية. ويمثل الدعم اللوجستيكى الذى يتلقاه الجيش الشعبى السودانى بقيادة جون قرنق هدفا اسرائيليا لزعزعة الاستقرار فى هذا البلد العربى. ولمواجهة التحدى الامنى الذى يفرضه التغلغل الاسرائيلى فى افريقيا تضع الدراسة تصورا لخطة عربية مستقبلية بغية تركيز وتقوية العلاقات العربية الافريقية ومواجهة النفوذ الاسرائيلى فى هذه القارة التى تمثل جزءا من أمن الوطن العربى وبعدا استراتيجيا وتاريخيا كانت علاقاته مع الدول العربية حسنة على مر العصور. وتؤكد الدراسة ختاما على أن الواقع يفرض على البلدان العربية تبنى مشروع قومي للتحرك على المستوى الافريقى دون حساب الربح والخسارة الانية وتأجيل ذلك الى الامد البعيد حتى تتم معرفة القيادات التى يمكن للعرب أن يتعاملوا معها. وحتى يتمكنوا من استعادة دورهم فى منطقة لهم بها روابط كثيرة فضلا عن تشابه الواقعين العربى والافريقى. ولا شك أن المنعطفات المنهجية والمنظومة المرجعية والتوثيقية والدقة فى الرصد والتحليل واستشراف المستقبل كلها أمور صاحبت الدراسة فى مختلف مراحلها فى سبيل سعى مركز زايد للتنسيق والمتابعة الى انارة السياسى والباحث ووضع الصورة الحقيقية أمام صناع القرار السياسى بصفة خاصة. وأمام الرأى العام العربى بصورة عامة.
https://www.albayan.ae/across-the-uae/2002-01-12-1.1289158



هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك

تعليقات الزوار


التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا
التبراة : والجمع ( تباري ) وهي المغاصة التي يكثر في قاعها المحار الذي يحتوي على اللؤلؤ . فيقال ( المركب عنده تبراه ) أي وجد مغاصة يكثر فيها اللؤلؤ في قاعها الرملي . وقيل أن مناطق ( التبراة ) تسري ليلاً من مكان إلى آخر ، وأن المحار يطوف على سطح البحر ، فيلمع وكأنه ألوف المصابيح الدقيقة المنثورة على سطح البحر ، فتلاحقه سفينة الغوص حيثما ذهب . ( معجم الألفاظ العامية في دولة الإمارات العربية المتحدة )

التبراة : موقع إماراتي يتناول مئات المواضيع التي تضيء شعلة حب الكتاب لدى أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة ( شخصيات وهيئات ومؤسسات ) في نشر ودعم الكتاب على مستوى العالم وبكل اللغات . كما يعرض لأكثر من ألف عنوان كتاب يتم نشره سنوياً منذ بداية الألفية الثالثة .

ملاحظة : الموقع عبارة عن قاعدة معلومات فقط و لا يتوفر لديه نسخ من الكتب .

عداد الموقع

الكتب
33325
المؤلفون
18459
الناشرون
1828
الأخبار
10187

جميع الحقوق محفوظة - موقع التبراة