سنة النشر :
2003
عدد الصفحات :
82
ردمك ISBN 9948041909
الوسوم
-
أدب
تقييم الكتاب
على الرغم من الحضور الكبير للكاتبات الإماراتيات في مجال الأدب والسرد بأشكاله المختلفة من قصة قصيرة، والقصة الومضة، والرواية، إلا أن الملاحظ أن هذه الكتابات غير منغلقة فقط داخل قضايا المرأة، بل منفتحة على الإنسان في كل مكان، وحتى عندما يتم تناول شواغل النساء، فإن ذلك يتم بصورة مختلفة عن ما هو سائد من كتابات الشكوى والبوح والحنين، نحو تناول الدور القوي للمرأة في المجتمع، وهناك الكثير من الروايات والأعمال القصصية الشاهدة على ذلك الأمر، وهو ما يحسب لصالح العديد من المبدعات الإماراتيات في مجال السرد.
كتاب «ما بعد الطوفان»، للكاتبة عائشة عبد الله، الصادر في طبعته الأولى عام 2003، عن دائرة الثقافة في الشارقة، هو عبارة عن المجموعة القصصية الأولى للكاتبة، تنفتح فيها على عوالم متعددة،، وتتحدث في هذه المجموعة عن الموت والحياة والصراع وطبائع البشر، والبوح عن الذات بطريقة لا تخلو من الأسلوب التأملي، كما تتناول الإنسان الفرد في عالم متحول ومتغير في العصر الحديث، لذلك تكثر ثيمات الانعزال والوحشة واغتراب الإنسان عن جوهره وذاته بل وعن الروح الجماعية التي باتت تنحسر شيئاً فشيئاً، إذ نجد أن النصوص معبأة بمشاعر الشوق والحنين إلى عوالم توارت وصارت جزءاً من الماضي، خاصة العلاقات الإنسانية بين البشر وما فيها من تواصل ومحبة، فروح العصر الراهن ضربت أشكالا من العزلة، وصار الفرد يهيم وحيداً في عالم متشظٍ خال من التعارف والروح الرفاقية.
على الرغم من تلك العوالم الإنسانية المختلفة التي يتناولها الكتاب، إلا أن قضايا وشواغل المرأة تحضر في بعض النصوص بصورة مختلفة، فالكاتبة تسلط الضوء على الكثير من خبايا المسكوت عنه، في سياق عام وهو القهر الإنساني على وجه العموم، وما يتعلق بالمرأة بصورة خاصة في مختلف المجتمعات، والكتابة عن النساء في هذه المجموعة ليست كتلك الغارقة في عوالم الحب والنجوى والشكوى، بل ترصد المؤلفة واقعا اجتماعيا وأبعادا إنسانية، إذ تمارس فعل التنقيب والغوص العميق في عالم المرأة وحضورها القوي وبحثها عن مساحات للإفصاح عن نفسها والتأكيد أن لها أدواراً مهمة تمارسها في المجتمع، لذلك تتعدد صور النساء في نصوص الكتاب، وتتنوع قضاياهن، كما يحضر الرجل كذلك بصورة موازية، إذ تستحضر بعض القصص أشكالاً من العلاقات بين المرأة والرجل، ليتم تناولها بأبعاد نفسية لا تخلو من التحليل والتفسير، في سياق التنقيب في الخطاب الذكوري وبواعثه والعوامل التي تشكله لتجعل منه قوة وسلطة مهيمنة، إذ تمارس الكاتبة فعل تفكيك العلاقات بين الجنسين.
غير أن الكاتبة تعمل على ذلك وفق أسلوبية لا تلجأ إلى الصدام المباشر، وتعلي في بعض الأحيان من أهمية بعض العادات والتقاليد التي تتلاءم مع روح العصر، بينما تنتقد تلك القيم التي تحول دون تقدم وتطور النساء، بالتالي تحضر في الكتابة ثيمات مثل التهميش والحرية، غير أن الكاتبة تشتغل على تلك المفاهيم دون أن تمس بجماليات السرد المكثف بلغة راقية لا تخلو في كثير من الأحيان من الشاعرية، كما تحضر الأسئلة التي تثيرها لتترك النهايات مواربة مع دلالات ورموز وإشارات تتركها لفطنة القارئ، كما تميل المؤلفة في كثير من النصوص إلى استحضار الماضي والالتفات إلى عوالم ولت لتسقطها على الحاضر، كما تحضر الأمكنة كعوالم يسكنها الجمال والحنين، وتعمل الكاتبة كذلك على صناعة العديد من الصور والمشهديات في سياق تناولها للواقع الاجتماعي ولحظة انفتاحها كذلك على العوالم الإنسانية الأخرى.https://www.alkhaleej.ae/2023-10-08/%D9%85%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%88%D9%81%D8%A7%D9%86-%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%A9-%D8%AA%D9%86%D9%82%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D8%B9%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك