سنة النشر :
2018
عدد الصفحات :
425
ردمك ISBN 9789948244233
تقييم الكتاب
تقول الباحثة الدكتورة رؤى قداح في بداية حديثها عن الكتاب :” ولا عجب إذا قلنا إن هذا الرأي كان أحد الأسباب الأصيلة التي دفعت بنا إلى اختيار الرحلات المغربية موضوعاً لبحثنا هذا، تحدونا الرغبة في الكشف عن تلك الصورة الذاتية أو الإبداعية التي تحدث عنها الفاسي. ويمكن أن نضيف إلى هذا السبب سببين آخرين، أولهما أنا لم نعثر على بحث يقدم عرضاً دقيقاً لأنماط أدب الرحلة في المغرب ويرصد تطوره منذ نشأته حتى نهاية القرن الثامن الهجري، وثانيهما إدراكنا لحقيقة يصعب إنكارها وهي أن أدب الرحلة يمثل في الواقع الوجه المشرق للشخصية المغربية المبدعة. وقد كنا نحسب عند اختيارنا لهذا الموضوع أن بحثنا سيكون أشبه برحلة سهلة ممهدة الطريق في عوالم مـختلفة تـضج بالمتعة والإثارة والـمعرفة والكشف، فإذا بها رحـلة وعرة ضبابية المسالك محفوفة بالمخاطر والمفاجآت، ذلك أنا كنا نحسب أن أدب الرحلة العربية فن واضـح الـمعالم محدد الـسمات فبدأنا نتعرف ملامحه من خلال بعض الأبحاث العربية التي تناولته بالدرس مطمئنين إلى أمانة الباحثين ودقة أحكامهم، ولكن عودتنا إلى نصوص الرحلات المشرقية والأندلسية والمغربية بحثاً عن أصول أدب الرحلة أثبتت لنا اضطراب هذه الأحكام، وضبابية مصطلح أدب الرحلات الـعـربيـة ما دفعـنـا إلى العـودة إلى نقـطة الـبدء لنـبين معـالـم أدب الرحلة وسماته ونـحدد أصوله المشرقـية أو المغـربية، ولـذا قمنا بتقسيم بحثنا إلى ثـلاثـة أبواب، خصـصنا البـاب الأول منها لتأصيل أدب الرحلة العربية بين المشرق والمغرب، وقسمناه إلى ثلاثة فصول، تناولنا في الفصل الأول منها دراسة مشكلة ضبابية مصطلح أدب الرحلة في أبحاث العرب والمستشرقين، ووقوع معظم هذه الأبحاث في شرك فوضى التصنيف، وحاولنا تبيان الأسباب الكامنة وراء هاتين المشكلتين وتقديم تصور دقيق عن أدب الرحلة العربية. وعدنا في الفصل الثاني إلى النصوص المشرقية لنختبر دقة آراء الباحثين من عرب ومستشرقين حولها، ونتبين من خلال دراستنا لها الأصـول المشرقـية لنمـط مذكرات الرحالة الذي يعد أهم أنماط أدب الرحلة الذي أبدع فيه المغاربة، فضلاً عن أن خلاف الباحثين كان متركزاً على أصول هذا النمط دون سواه.
أما الفصل الثالث فكان للحديث عن أدب الرحلة في المغرب، وبدأناه بالحديث عن العلاقات بين دول المغرب والدول المشرقية وأثرها في ظهور أدب الرحلة المغربية، ثم تناولنا بالدرس الرحلات الروحية المتمثلة في كرامات المتصوفين المغاربة المرتبطة بالمدن المشرقية المقدسة ورغبتهم في الرحيل إليها للحج والصلاة والموت فيها. ودرسنا بعدها الرحلات الشعرية المغربية، واقتصرنا في دراستنا لها على نصين عثرنا عليهما في المصادر التي وفقنا في الاطّلاع عليها، أولهما رحلة ابن الفكون وثانيهما رحلة العبدري الشعرية، وهي القصيدة التي ختم بها العبدري تقييده لرحلته الحجازية. وختمنا الباب الأول بدراسة مؤلفين جليلين هما “نزهة المشتاق” للإدريسي، و”التعريف بابن خلدون ورحلته” لابن خلدون، والغاية من دراستهما إثبات خطأ الباحثين في تصنيف هذين المؤلفين في أدب الرحلة المغربية.
أما الباب الثاني فهو دراسة ذاتية لمذكرات الرحالة المغاربة المتمثلة في خمسة نصوص هي “ملء العيبة” لابن رشيد الفهري، ورحلة العبدري، و”مستفاد الرحلة” للتجيبي، ورحلة التجاني، و”تحفة النظار” لابن بطوطة. أفردنا لدراسة كل نص من هذه النصوص فصلاً مستقلاً بذاته، ورتبنا هذه الفصول وفق التاريخ الذي تمت فيه كل رحلة من هذه الرحلات. ويقوم منهجنا في دراسة هذه النصوص على البدء بالتعريف بالرحالة ومؤلفه، ثم الحديث عن مضمون مؤلفه وتحديد خطة سيره، لننتقل بعدها إلى دراسة صورة الرحالة في نصه، فصورة المكان، فالزمان، ثم دراسة فن الوصف بعدّه الفن الرئيس الذي يقوم عليه أدب الرحلة، لنختم دراستنا بتقويم الرحلة. ولم نخرج عن هذا المنهج إلا عند دراستنا لرحلة ابن بطوطة؛ إذ وقفنا وقفة مطولة للحديث عن فن القصة في رحلته لأن هذا الفن كان إحدى ميزات شخصية ابن بطوطة وإحدى سمات رحلته التي منحتها طابعاً مختلفاً عن سائر الرحلات المغربية. وحاولنا من خلال دراستنا لهذه النصوص إثبات صحة رأينا في أن مذكرات الرحـالـة نـصوص ذاتية في المقام الأول، لأنها تعبير غير مباشر عن شخصية الرحالة وميوله وثقافته واتجاهه الفكري، يعرضه من خلال تلك الصور الذاتية المنتقاة للمكان بمعطياته المختلفة من إنسان وطبيعة وعمران.
ولأن أدب الرحلة المغربية حلقة مهمة في سلسلة أدب الرحلات العربية في المشرق والأندلس، فقد كان لزاماً علينا – بعد أن أثبتنا في الفصول السابقة مشرقية الأنماط المختلفة لأدب الرحلة – أن نفرد الباب الثالث للحديث عن العلاقة التي تصل بين مذكرات الرحالة المغاربة من جهة وأدب الرحلة في المشرق والأندلس من جهة ثانية، فدرسنا في الفصل الأول من هذا الباب علاقة كل من رحلة ابن رشيد، ورحلة العبدري، ورحلة التجيبي، ورحلة التجاني برحلة ابن جبير الأندلسي لأنها النص المثال الذي احتذى به رحالة الأندلس والمغرب. وتحدثنا في الفصل الثاني عن أصالة رحلة ابن بطوطة بين رحلة ابن جبير ورحلة العبدري، والغرض من هذه الوقفة المطولة إثبات قيام ابن بطوطة بالنقل عن هاتين الرحلتين، وتحديد مسؤولية ابن جزي المباشرة عن عملية النقل، وتبيان منهجه في النقل عنهما. ثم خصصنا الفصل الثالث من هذا الباب للحديث عن العلائق الخفية بين تحـفة النـظار وبعض الرحـلات المشرقية كرحلة ابن فضلان، وكتاب عجائب الهند، وبعض روايات الرحالة المشارقة المتناثرة في كتب الأدب، ورحلات السندباد. وحاولنا من خلال هذه الدراسة رصد نقاط التشابه بين تحفة النظار وهذه الرحلات المشرقية، والكشف عن الأسباب الخفية التي تدفع القارئ إلى الإحساس بذلك الشبه غير المحدد المعالم بين تلك النصوص وتحفة النظار.
https://jannatkotob.com/%D9%85%D8%B1%D9%83%D8%B2-%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D9%86-%D8%B2%D8%A7%D9%8A%D8%AF-%D9%8A%D8%B5%D8%AF%D8%B1-%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%A7-%D8%B9%D9%86-%D8%A3%D8%AF%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B1/
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك