سنة النشر :
2018
عدد الصفحات :
63
السلسلة :
محاضرات الإمارات ، 213
ردمك ISBN 9789948231868
تقييم الكتاب
ليست مناقشة العلاقة بين السياسة والدين في الإسلام ترفاً فكرياً ولا هي قضية مستحدثة وشكلية، بل هي قضية استراتيجية ومصيرية لها مشروعيتها على أكثر من صعيد، ولا يمكن إسقاطها من كل مسعى يتوخى إحداث تغيير عميق في عالمينا العربي والإسلامي. وسؤال الدين والسياسة في الإسلام سؤال جديد ومتجدد شغل، وما انفك، بال المشتغلين بالفكر والسياسة، وهيمن على حركة الجدل الفكري والسياسي منذ سنوات عدة، وعرف مطارحات قوية بين مفكري النهضة في العالم العربي منذ أكثر من قرن.
لكن الأمر أخذ منحى آخر، في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين نتيجة مخلفات وتداعيات ما يسمى “الحراك العربي” وبروز جماعات الإسلام السياسي بمختلف تياراتها وتصدرها المشاهد السياسية في عدد من البلدان. لقد نشأ عن التعبئة السياسية للدين رفع منسوب العنف والاحتقان والانقسام ما عصف بالمنطقة نحو أتون التطرف المقيت والطائفية المذهبية والدينية القاتلة.
إن إشكالية علاقة الدين والسياسة هي اليوم في مركز الصراع الراهن حول الاختيارات الفكرية والسياسية في العالم العربي الإسلامي. وتدفع أسلمة السياسة من قبل جماعات الإسلام السياسي نحو ضروب جديدة من الانغلاق الديني الشمولي على شاكلة “دولة الخرافة” لتنظيم “داعش”. وكشف امتحان وصول هذه الجماعات إلى السلطة عن انتكاسةٍ، وعن إفلاس مشروعها الأيديولوجي وسقوط أوهام لطالما سكنت النفوس من قبيل: “تطبيق الشريعة”، و”الإسلام هو الحل”، و”الحاكمية”.
وسيبقى سؤال الدين والسياسة مؤرقاً ومستنزفاً للجهود في غياب الحسم والجرأة والشجاعة التاريخية لتجاوز المخاض العسير الذي يعيشه العالم العربي الإسلامي اليوم بفعل انتشار التديين السياسي، بل حتى التطييف السياسي، حيث أضحت الولاءات الدينية، والطائفية، والمذهبية جزءاً أساسياً من المشهد السياسي العربي. ولكن ما هو إيجابي أن المجتمعات تعيش على وقع انتقال ثقافي قيمي شامل، قد يكون طويل الأمد، يتعلق بتغيير وعي الناس بالدين في علاقته بالسلطة والكشف عن زيف الكثير من المقولات المؤسسة للإسلام السياسي.
وتستلهم هذه المحاضرة للأفكار النيرة الواردة في كتاب “السراب”، لتحاول تفكيك هذه الإشكالية في السياق الراهن للمجتمعات الإسلامية، للكشف عن أن الإسلام دين لا دولة، والسياسة مدنية بطبعها في الإسلام، وعلى عكس مزاعم جماعات الإسلام السياسي، فإن السلطة السياسية التي تستغل الدين للحصول على شرعيتها ليست من الدين ومن الإسلام في شيء .
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك