سنة النشر :
2018
عدد الصفحات :
68
ردمك ISBN 9789948245827
تقييم الكتاب
مرة أخرى يتحفنا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بإحدى تحقيقاته القيمة للكتب الأدبية، فها هو يقدم لنا من إصدارات منشورات القاسمي لسنة 2018، كتاباً بعنوان «الطيب في التشبيب في قصائد الشيخ سلطان بن صقر القاسمي»، وجمع فيه سموه وحقق ثماني قصائد، امتازت كلها كما سيلاحظ القارئ من الوهلة الأولى والانطباع المباشر باللغة العربية الفصحى الشديدة البلاغة، وبالإيقاع الموسيقي الواضح، فضلاً عن البعد الغزلي الذي جاس خلال النصوص ناظماً لها في عقد جميل زاهي اللون موحد، وثمة ملاحظة أخرى مهمة جداً، وهي أن سموه ذيل كل الأبيات الشعرية الواردة في الكتاب بحاشية شرح فيها معاني المفردات التي انتمت للغة عربية أصيلة ربما لم يعد العديدون ممن لا يجيدون اللغة العربية في عصرنا الحالي يعرفون معانيها.
ابتدأ سموه كتابه بمقدمة أراد منها أن يُجْلي للقارئ طريقته ومنهجه في تحقيقه له ويزوده بمعلومات عنه وعن ظرفيته التاريخية، ولِمَ سماه بعنوانه الذي أوردناه آنفاً فكتب قائلاً: «أُهْديَ إليّ ديوان شعر قديم في مظهره، أُجلدَ بلون بني، وقد ضم بين دفتيه عدداً من قصائد للمرحوم الشيخ سلطان بن صقر بن خالد القاسمي، حاكم الشارقة الأسبق، ولآخرين، بين مساجلات ومراسلات، وإذا بي أعثر على واحد من دواوين المرحوم الأديب الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، بعد دراسة وتحقيق لتلك القصائد، وجدتها في المدح والتمدح، وكانت قصائد الشيخ سلطان بن صقر القاسمي منها، عددها ثماني قصائد، وقد شبَّب قصائده أي حسَّنها وزيَّنها بذكر النساء، والعادة أن يكون التشبيب في مبتدإ قصائد المدح، فكان الشيخ سلطان بن صقر القاسمي قد أتى بالطيب من كلام ونحوه في بداية كل قصيدة أي في التشبيب من القصيدة، فاستخلصت ذلك، وحققته لفظاً ونحواً، بعد أن أغفلت بقية كل قصيدة، وأطلقت عليه ( الطيب في التشبيب) وجعلته عنواناً لهذا الكتاب».
ويثني سموه بعد ذلك على فصاحة وجزالة مفردات الأديب الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، وبعد لغته وخلوها من الركاكة.
ينقلنا سموه بعد تلك المقدمة الجزلة والتي تلقي الضوء على ما سيأتي، وتجعل القارئ شغوفاً متحمساً للتوغل في بقية الكتاب، إلى القصائد الثماني التي ذكرها في معرض مقدمته، وتبدو اللغة كما أشار سموه مختلفة جداً عن السائد، رفيعة المقام، من أول مطالع القصيدة الأولى التي تُستهل بالأبيات التالية:
عَزَبَ الرقادُ عن الجفون الساهرة
ياويحَ نفس عنك ليست صابرة
بالأمس كُنتُ عن الهوى في معزل
فوقعتُ في ما كنت منه أحاذره
وعتبتُ من تبع الهوى وهجرته
واليوم من تبع الهوى أنا عاذره.
وحرص سموه على شرح المفردات الصعبة التي بدت في هذه الأبيات البديعة، فذكر في الحاشية أن «عزب تعني بَعُدَ وغاب، وأن ويح هي كلمة ترحم وتوجع، وأن معنى يحاذر هو يتأهب ويستعد أن يفاجأ».
وتكتمل الصورة الشعرية الموسيقية الحالمة بذلك الشرح للمفردات ليبقى المتلقي ثانية في تأمل لروعة تلك الأبيات، فيعيد قراءتها عن وعي كامل في مرة ثانية وربما ثالثة ورابعة، فلا حدود لمتعة وصفها لحالة الوقوع في الهوى بعد أن كان النأي والصد عنه بالأمس هو ديدن القلب الذي أصيب به، ولا حدود للأسئلة الحيرى التي يطرحها تقلب القلب بين حالة السلامة بالأمس من الهوى وعتاب من يقعون فيه، وبين حالته اليوم وهو يقع فيما كان يلوم الآخرين عليه.
وحين يدفعنا جمال الأبيات التي استهلت قصائد الكتاب إلى مواصلة الرحلة الجميلة الماتعة داخله، ندرك أننا كقراء أمام وعد صادق بالتعرف على شعر جميل بتعبير بليغ وشفاف، فالشاعر يستمر في نثر أسلوبه الشعري الخاص في ثنايا قصائده، وكأنها سلسلة ذهبية مشكلة من نفس القطعة التي تشع ألقاً دون توقف .
http://www.alkhaleej.ae/supplements/page/4395e0bb-7697-498a-acd3-1cbb53214bcb
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك