سهيل : رواية


تأليف :

الناشر : المؤلف Author

سنة النشر : 2007

عدد الصفحات : 160

الوسوم - أدب - رواية

تقييم الكتاب

شارك مع أصدقائك تويتر فيسبوك جوجل


تبدأ الرواية برسم ظروف حياة أهل سالم في اليوم الذي ولد فيه، فتصور صباح ذلك اليوم وخروج والده البيدار سهيل إلى البستان الذي يعمل فيه، وبساطه الحياة وبؤسها في قرية الحدبة إحدى قرى جبال المعيني من رأس الخيمة، ويقدم الكاتب وصفاً متقناً لظروف الحياة في تلك الجبال والعلاقة الحميمة التي تربط الإنسان بالمكان في تلك البقعة من الأرض، ويتدرج الوصف من الكلي إلى الجزئي حتى ينتهي إلى (البيدار سهيل) وهو يعالج نخلات البستان في ضحى ذلك اليوم، ما يذكر بتقاليد الوصف في الروايات الرومانسية يقول الطابور: تبدو القرى الجبلية في هذه الزاوية البعيدة عن المدن الساحلية كالصخور المتناثرة في عنق الجبال الشامخة الممتدة في المنطقة الشمالية الشرقية من أرض الإمارات البكر، وبين هذه القرى تتوسط قرية الحدبة الصغيرة النائية المسكونة بأرواح جماعة من المزارعين الأوفياء الملتصقين بالأرض منذ الأزل، تتوسط الحدبة قرى المنيعي الجبلية، بلاد الدهامنة وبني كعب وموطن الهمبا والغليون والدخن وثمار الجبال اللذيذة .
حين يصل الكاتب إلى سهيل يصف طريقة لباسه وأدوات الحراثة لديه، وكيفية خروجه إلى البستان، وتقاليد حرفة البيدار، وظروف نُفاس المرأة في المجتمعات التقليدية والمعتقدات المرتبطة بالمواليد الجدد، وتظهر استفادة الكاتب من خلفيته كباحث في التراث جلية في تناوله لتلك المواضيع بالتفصيل، كما يتضح سرده للأسماء والمصطلحات المرتبطة بها، فكأنه إلى جانب مهمته الرئيسة في سرد حياة البطولة، يريد أن يوثق أيضا لنمط من الحياة اختفى أو كاد، يقول: أمسك بطرفي الحابول ولفه بعناية وكان الكرب يبدو كالدرج، ركب بسرعة واضعاً قدميه على الكرب يحرك الحابول إلى الأعلى . . وكانت مخرافة الرطب في عضده والمنفض يتدلى تحت المخرافة، ولكل واحد منهما وظيفة معينة .
لهذا البيدار الكادح، وفي منزله المتواضع المبني من سعف النخيل الموجود في طرف القرية وُلِد (سالم) وكان أصغر ثلاثة أبناء ذكور، وتعلم عند المطوع ثم التحق بالمدرسة، وأظهر نجابة في التعلم، لكنه لم يلبث أن ترك المدرسة، وهو في سنواته التعليمية الأولى وراح يتقلب بين أعمال كثيرة، ثم قادته قدماه إلى مدينة رأس الخيمة، وهناك زاول مهناً متعددة، وظل يذهب ويعود بينها وبين قريته، وكان في سنواته تلك يراوده حلم الانخراط في شرطة رأس الخيمة، وكلما مرت به دورية أو اقترب من مركز الشرطة يثور الحلم في نفسه، ولكنه في السوق كان يرى قائد الشرطة الإنجليزي (مستر بيفن) وهو يسير بخيلاء ويتصرف مع أبناء البلد بعجرفة واستعلاء فيخبو الحلم في نفس سالم، ويفكر في أن الانتماء للشرطة هو أن يضع المرء نفسه تحت تصرف ذلك الاستعماري المقيت، ويعزم على ألا يتقدم لها، ثم لا يلبث أن يقنع نفسه بأنه ابن هذه الأرض وهدفه هو تأمين أهله ووطنه، وأن ذلك الاستعماري بيفن زائل لا محالة، وأما هو وأمثاله من أبناء الوطن فهم من سيبقون وعليهم أن يكونوا على استعداد لتحمل المسؤولية: وبعد أيام من التفكير العميق في بوح الأرض ومداها البعيد رأى من الواجب أن يذهب ثانية لأن هذا المكان ملك للوطن، أما ذلك النمرود الذي يدير الشرطة فسوف يزول عاجلا أم آجلا، لا بد أن تنطوي صفحتهم إلى الأبد ونحن أول الساهرين على حماية الوطن، يمكن أن يؤخذ على الكاتب تقديمه للبطل في صورة شخصية واعية بخفايا وأبعاد اللحظة التاريخية التي تعيشها، وبأفكار ومفاهيم تفوق مستوى شاب قروي بسيط التعليم يعيش في تلك الحقبة، لكن ذلك لا يلغي إمكانية أن ينظر هذا الشاب بنفور إلى ذلك المستعمر الغريب، وأن تكرهه نفسه ويتمنى خروجه من بلاده، وهو طبع بشري وردة فعل إنسانية لا تحتاج إلى كبير وعي وعميق ثقافة .
بهذه النفس النافرة من الظلم والاستعمار يدخل سهيل سلك الشرطة، رحيماً بأبناء وطنه مستعداً لخدمتهم والتضحية بنفسه دفاعاً عنهم، ويتقدم في عمله ويتقنه، ويقترب الوطن من أيام الاستقلال وتعم الفرحة أبناءه، ويستبشرون بمرحلة جديدة يزول فيها ذلك الكابوس الجاثم على أرضهم، وينتهي فيها دور المعتمد البريطاني والقوات الإنجليزية ويذهب ستيفن إلى الأبد، وتجري المفاوضات بين أمراء البلاد، وفي مقدمتهم المغفور له بإذن الله الشيخ زايد استعداداً لإقامة الاتحاد، وتتكشف للجميع خيوط مؤامرة يدبرها الإنجليز مع شاه إيران لإعطائه جزر الإمارات الثلاث، ويسعون بكل ثقلهم للضغط على الشيخ صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة لكي يتنازل أو يقبل ببيعها للشاه، لكنه يرفض ويصر على مواقفه في الاحتفاظ بكل شبر من أرضه، ويوثق الكاتب عبر صفحات من الرواية كيف جرت المفاوضات واللقاءات الطويلة المتكررة بين الشيخ صقر وبين مندوبي بريطانيا، ومحاولات الشيخ صقر للاستعانة بالدول العربية التي بدت في تلك اللحظة عاجزة متخاذلة غير قادرة على نجدته، والجامعة العربية التي لا تملك قراراً قاطعاً في هذا الصدد، وحين ييأس البريطانيون من زحزحة الشيخ عن موقفه الوطني، يقررون إنهاء المفاوضات، ويوعزون إلى إيران سراً باحتلال جزيرة طنب، وتشاء الظروف أن يكون سالم بن سهيل هو قائد مركز شرطة رأس الخيمة في طنب، ويعرض عليه الإيرانيون الاستسلام فلا يقبل ويقرر ببسالة مواجهتهم مع مجموعته القليلة .
تقع رواية سهيل في المنتصف بين الرواية وبين التاريخ، فهي من ناحية سرد تاريخي لحياة سالم وسيرة المقاومة التي يمثلها والأحداث الفعلية التي وقعت، ومن ناحية أخرى قصة للخيال فيها حضور جلي، لكن الإشكالية الفنية فيها لم تحسم وظل عبدالله الطابور أميناً لمنهجية المؤرخ التي تمثل الجانب الأبرز في حياته، واستطاع أن يقدم لنا وثيقة تاريخية سردية عن حقبة مهمة من تاريخ الإمارات، وإضاءة قوية على بطل وطني سطر بدمه اسمه في غرة زمن الاتحاد، وهي رواية تناسب روح الشباب المتشوق لمعرفة تاريخ وطنه وأبطاله، الباحث عن نماذج يقتدي بها، حيث ترسخ مفاهيم الوطنية والشجاعة والتضحية من أجل الأرض .
http://www.alkhaleej.ae/supplements/page/21633b0f-4932-40a8-b51a-83015c813218


طبعات أخرى


غلاف الكتاب

سهيل : رواية


هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك

تعليقات الزوار


سهيل : رواية
التبراة : والجمع ( تباري ) وهي المغاصة التي يكثر في قاعها المحار الذي يحتوي على اللؤلؤ . فيقال ( المركب عنده تبراه ) أي وجد مغاصة يكثر فيها اللؤلؤ في قاعها الرملي . وقيل أن مناطق ( التبراة ) تسري ليلاً من مكان إلى آخر ، وأن المحار يطوف على سطح البحر ، فيلمع وكأنه ألوف المصابيح الدقيقة المنثورة على سطح البحر ، فتلاحقه سفينة الغوص حيثما ذهب . ( معجم الألفاظ العامية في دولة الإمارات العربية المتحدة )

التبراة : موقع إماراتي يتناول مئات المواضيع التي تضيء شعلة حب الكتاب لدى أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة ( شخصيات وهيئات ومؤسسات ) في نشر ودعم الكتاب على مستوى العالم وبكل اللغات . كما يعرض لأكثر من ألف عنوان كتاب يتم نشره سنوياً منذ بداية الألفية الثالثة .

ملاحظة : الموقع عبارة عن قاعدة معلومات فقط و لا يتوفر لديه نسخ من الكتب .

عداد الموقع

الكتب
33331
المؤلفون
18463
الناشرون
1828
الأخبار
10191

جميع الحقوق محفوظة - موقع التبراة