الصراعات في أفريقيا : الأسباب - التطورات والنتائج


تأليف :

الناشر : أبوظبي : مركز زايد للتنسيق والمتابعة Abu Dhabi : Zayed Centre for Coordination & Follow-up

سنة النشر : 2001

عدد الصفحات : 59

الوسوم - سياسة

تقييم الكتاب

شارك مع أصدقائك تويتر فيسبوك جوجل


تناولت الدراسة ظاهرة الصراعات في القارة الافريقية باعتبارها من القضايا الهامة التي ينبغي على الباحثين والدارسين العرب الاهتمام بها نظراً لما تمثله هذه القارة من اهمية جيواستراتيجية للوطن العربي خاصة وان عدداً من الصراعات والحروب الاهلية في القارة اصابت دولاً عربية وشقيقه. واستعرضت بالبحث والتفصيل اسباب الصراعات في افريقيا وتطوراتها ونتائجها، واشارت الى ان ظاهرة الصراعات الافريقية نجمت عن تداخل عدد من العوامل الداخلية والخارجية، وتمثل مظهرا للاختلالات السياسية والاجتماعية في الدول التي تندلع فيها مثل هذه الصراعات، كما انها تعبر عن عجز القارة، كما ابرزت العوامل والعناصر الخارجية في تفاقم الصراعات في افريقيا حيث لعبت القوى الدولية والاقليمية دوراً هاما في تأجيج هذه الظاهرة خاصة في ظل الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق، طيلة الفترة الممتدة منذ نيل الدول الافريقية للاستقلال خلال عقدي الخمسينيات والستينيات، ووصلا الى منتصف الثمانينات حينما انتهت المواجهة العالمية بين الشرق والغرب. وفي شرحها لاسباب الصراعات في افريقيا، نجد ان اهم الاسباب الداخلية لتلك الصراعات يتمثل في دور الاستعمار في تشكيل الدولة الافريقية الحديثة التي نشأت على ايدي القوى الاستعمارية حيث اصبحت القارة الافريقية تضم حوالي خمسين وحدة سياسية، لكل وحدة حدودها السياسية المصطنعة من قبل القوى الاستعمارية والتي تعكس مصالحها وتحقق اهدافها من خلال تطبيقها لمبدأ «فرق تسد» لاذكاء النزاعات الاقليمية والاثنية مما خلق مشكلات حادة اثناء عملية بناء الدولة في مرحلة ما بعد الاستقلال. وكذلك نظم الحكم الافريقية التي انتهجت اساليب الحكم الشخصية واعتماد نظام الحزب الواحد مما ادى الى الحد من فاعلية وقوة المؤسسات التشريعية والقضائية والتي لم يكن لها اي دور حقيقي في سياسة الدولة، ونتج عن ذلك آثار اقتصادية فادحة بسبب غياب الاستقرار السياسي، كما ان الاثنية تعتبر محركاً رئيسياً للصراعات الافريقية بحكم انها تجسد الى حد كبير الاهداف التي تسعى الجماعات الاثنية الى تحقيقها في الصراع لاحساسها بالظلم من جانب جماعة او جماعات اثنية معينة، وهو ما يمثل بداية الطريق نحو انفجار الصراعات لاسيما المسلحة منها في مجتمع بعينه، كما ان الاثار الاقتصادية التي خلفها الاستعمار في الدول الافريقية باتباعها سياسات اقتصادية غير متوازنة تعتبر دافعا اساسيا للصراعات من أجل السيطرة على المناطق الغنية بالخامات والموارد الطبيعية لتحقيق الثروة والمكاسب الاقتصادية للجماعات الاثنية المتصارعة، حيث يذهب جزء كبير من هذه الموارد لتمويل عمليات شراء الاسلحة. وفي تناولها للاسباب الخارجية للصراعات الافريقية ركزت الدراسة على دور القوى الدولية في الحروب الاهلية الافريقية، حيث تبنت القوى الدولية سياسات متباينة تجاه القارة الافريقية بما يتوافق مع طبيعة المصالح والتطلعات التي تحرك سياسة كل قوة فيها تجاه القارة الافريقية، واشارت الى الصراع الامريكي السوفييتي في افريقيا والذي بدأ منذ منتصف الخمسينيات، حيث سعى الاتحاد السوفييتي السابق الى ايجاد موطيء قدم له في القارة السمراء، لما تتمتع به من ثروات وتحكم في حركة الملاحة الدولية، وتمثل ذلك في الوجود العسكري السوفييتي والتدخل في الصراعات الداخلية في دول القارة، وفي المقابل فقد كانت السياسة الامريكية في القارة الافريقية تشهد تقلبات متوالية فكانت تتحرك في عهد الرئيس كارتر من خلال تأييد الدور الفرنسي في القارة الافريقية ومحاولة تنفيذ الاهداف الامريكية من خلال تقديم الدعم لبعض الحركات المتمردة لاعتبارات سياسية واقتصادية، وبالنسبة لفرنسا فقد كانت اكثر القوى الاوروبية اهتماما بالقارة الافريقية بحكم تاريخها الاستعماري الطويل في القارة وظلت السياسة الفرنسية تركز على الاعتبارات السياسية والاستراتيجية وتدخلت فرنسا استراتيجيا وسياسيا وعسكريا في كثير من دول القارة الافريقية بهدف ايجاد موطيء قدم جغرافي متميز او منع الخصوم من الحصول على موقع مماثل وكذلك الرغبة في الحصول على الموارد الطبيعية والوصول الى الاسواق الافريقية. ويسلط الفصل الثالث من الدراسة الضوء على تطور الصراعات الافريقية وبعض اشكالها، فهذه الصراعات بأشكالها الجديدة جاءت مع ظهور الدولة الحديثة في افريقيا، وعلى الرغم من تعدد صور الصراع في افريقيا الا ان الاثنية والنزعات الانفصالية هما المتغيران المهمان اللذان تنتظم حولهما الصراعات الافريقية، حيث اتسمت هذه النوعية من الصراعات بالحدة وتطورت في كثير من الاحيان الى حرب اهلية. واستعرضت الدراسة في فصلها الرابع النتائج المأساوية والمدمرة للصراعات في افريقيا، وأشارت الى ان تقارير التنمية الصادرة عن المنظمات الدولية تعطي صورة قاتمة للأوضاع الاقتصادية في القارة الافريقية في ظل تفاقم الصراعات المسلحة، حيث يتم توجيه الموارد الافريقية نحو خدمة اغراض الصراع مع توقف النشاط الاقتصادي في مناطق الصراع فضلا عن هجرة السكان بصورة كبيرة الى الدول المجاورة مما ادى في كثير من الاحيان الى حدوث انهيار اقتصادي كبير وتدمير البنية الاساسية في البلاد وشيوع اعمال السلب والنهب، كما ادت الصراعات الى عسكرة الاقتصاديات في تلك الدول التي تقوم بتوجيه الانفاق القومي لها نحو الاغراض العسكرية سواء من جانب القوات الحكومية او الجماعات المعارضة ومن النتائج الخطيرة للصراعات الافريقية انتهاكات حقوق الانسان التي تعتبر من اسباب نشوب الصراعات ذاتها بسبب الانتهاكات الواسعة التي تقوم بها الاجهزة الحكومية لحقوق الافراد والجماعات الاثنية في الدولة، مما يدفعها الى التمرد واللجوء الى العنف المسلح ضد نظام الحكم في الدولة، ثم تتفاقم الانتهاكات بكثافة عالية بعد اندلاع القتال من جانب طرفي الصراع وتعتبر في بعض الحالات اداة رئيسية من ادوات الصراع المسلح بين الجانبين اضافة الى عمليات الابادة الجماعية لجماعة اثنية معينة والتي تمثل ذروة العنف في اي صراع مسلح يوصفها محاولة للقضاء على جذور هذه الجماعة من الوجود، اما في حالة التمييز الاثني والاجتماعي فإن الحقوق الاثنية تتعرض لانتهاكات تقليدية في العديد من الدول الافريقية والتي تزداد في حالات الصراع، كما ان الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان نتيجة الصراعات الافريقية كانت سببا للتدخلات الدولية والاقليمية لوقف وانهاء هذه الانتهاكات. كما اكدت الدراسة ان انتشار المجاعات والامراض والمشكلات البيئية في منطاق الصراع تعتبر من الآثار الخطيرة للحروب الاهلية، وان هناك ارتباطا وثيقا بين الحروب والمجاعات ونشأة الاقتصاديات الخفية التي تعتمد على الاصول الاقتصادية التي تسعى كل جماعة للاستيلاء عليها في ظروف الصراع او الحروب الاهلية، وتنشأ انظمة اقتصادية على اساس السلب والنهب من جانب الجماعات المتصارعة وهو ما يسهم في نشوء المجاعات فهناك ارتباط قوي بين ممارسات هذه الجماعات المسلحة وبين تضاؤل كميات الغذاء المتاح. اما عن مشكلة اللاجئين فأشارت الدراسة الى تفاقم المشكلة في كثير من دول القارة الافريقية بسبب الصراعات الداخلية، حيث تعتبر افريقيا من اولى قارات العالم من حيث عدد اللاجئين، وتضم النسبة الاكبر من اللاجئين في العالم حيث وصلت النسبة في عام 1995 الى نصف اللاجئين في العالم، وأصبحت مشكلة اللاجئين في افريقيا خصوصا وعلى الصعيد العالمي عموما، واحدة من ابرز قضايا العلاقات الدولية في الوقت الراهن، حيث تكتسب القضية اهميتها من الابعاد الانسانية التي تنطوي عليها وما تمثله هذه القضية من خسارة فادحة للدولة التي تعاني من الصراعات والحروب الاهلية، ونبهت الى ان ظاهرة اللاجئين ترتبط اساسا بالصراعات الداخلية في الدول الافريقية، وهو ما يعني امكانية استفحال هذه الظاهرة وامتدادها الى العديد من الدول مع استمرار الصراعات والحروب، واستعرضت الدراسة هذه المشكلة من خلال التركزي على اكبر عشر دول مصدرة ومنشئة للاجئين في القارة الافريقية. وتناولت دراسة مركز زايد للتنسيق والمتابعة في فصلها الاخير مسألة الصراعات وقضية الديمقراطية في افريقيا، وأكدت انه رغم حدوث تحولات ديمقراطية في بعض الدول الافريقية التي شهدت صراعات او حروبا اهلية الا ان التحدي الرئيسي الذي يواجه هذه التحولات يتمثل في استمرار عدم الاستقرار الداخلي في تلك الدول حيث ان الصراعات جاءت نتيجة لصراعات داخلية اتسمت بالتعقيد الشديد لارتباطها بالتناقضات الاثنية والسياسية والاقتصادية في تلك الدول، وبالتالي فإن الديمقراطية ربما لا تكون كافية لحل وتسوية هذه التناقضات مما يعني ان تحقيق التحول الديمقراطي واحتواء التناقضات الداخلية يتوقف بدرجة كبيرة على مدى نجاح سياسات نظم الحكم في مجالات المشاركة والعدالة في توزيع الموارد والتركيز على الاحتياجات المعيشية للمواطنين، حيث ما زالت اغلبية المجتمعات الافريقية تخضع لسيطرة الجهاز البيروقراطي على الحكم والاستخدام الواسع للقوة والعنف وانتهاك حقوق الاهالي والسيطرة على الاقتصاد وبالنتيجة فإن الديمقراطية بمعناها الحقيقي يمكن ان تؤدي الى حل مشكلة الاندماج الوطني بشكل افضل.
https://www.albayan.ae/across-the-uae/2001-09-11-1.1236675



هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك

تعليقات الزوار


الصراعات في أفريقيا : الأسباب - التطورات والنتائج
التبراة : والجمع ( تباري ) وهي المغاصة التي يكثر في قاعها المحار الذي يحتوي على اللؤلؤ . فيقال ( المركب عنده تبراه ) أي وجد مغاصة يكثر فيها اللؤلؤ في قاعها الرملي . وقيل أن مناطق ( التبراة ) تسري ليلاً من مكان إلى آخر ، وأن المحار يطوف على سطح البحر ، فيلمع وكأنه ألوف المصابيح الدقيقة المنثورة على سطح البحر ، فتلاحقه سفينة الغوص حيثما ذهب . ( معجم الألفاظ العامية في دولة الإمارات العربية المتحدة )

التبراة : موقع إماراتي يتناول مئات المواضيع التي تضيء شعلة حب الكتاب لدى أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة ( شخصيات وهيئات ومؤسسات ) في نشر ودعم الكتاب على مستوى العالم وبكل اللغات . كما يعرض لأكثر من ألف عنوان كتاب يتم نشره سنوياً منذ بداية الألفية الثالثة .

ملاحظة : الموقع عبارة عن قاعدة معلومات فقط و لا يتوفر لديه نسخ من الكتب .

عداد الموقع

الكتب
33325
المؤلفون
18459
الناشرون
1828
الأخبار
10188

جميع الحقوق محفوظة - موقع التبراة