سنة النشر :
2006
السلسلة :
إرتياد الآفاق
تقييم الكتاب
صنع الألبان كثيراً من التاريخ ولكنهم لم ينالوا سوى القليل فما من بقعة في الأرض في تاريخ الإنسانية الدامي الطويل شهدت مثل تلك المآسي التي شهدتها بلادهم ولا سفحت فيها مثل تلك الدموع. ظلت ألبانيا أمة صغيرة مقهورة، مهيضة الجناح.. هدفا لكل طامع وبغية لكل طاغية باحث عن التسلط والاستبداد.. استصغروا شأنها ووطئوا ترابها بسنابك الخيل ومارسوا فيها كل صنوف الوحشية والتنكيل.. إلا أن أهلها ما تنازلوا قط عن عزة ولا كبرياء.. وما استكانوا لأعدائهم.. قاتلوهم رغم قلة العدد وغياب المدد.. اعتصموا بجبالهم الشم.. تحيط بهم المسغبة والعوز في ليالي البرد والصقيع.. تآكلت أكفهم وأقدامهم وهم يتسلقونها بحثاً عن الأمان من كل طارق غاشم يلوح أو جائحة تنذر بالفناء.. النبلاء والاقطاعيون، ملاك الأرض – سادتهم المحليون – كانوا دائما يضعون أيديهم في يد الدخيل – إلا من قلة لم يأبه بها التاريخ – صونا لمصالحهم. خانوهم ووأدوا أحلامهم. الصرب والرومان واليونانيون والإيطاليون الفاشيون والألمان النازيون جميعهم مروا عليها.. إلا أن مرور العثمانيين كان له لون آخر.. فقد أقاموا فيها خمسة قرون متتالية – حسبهم أنهم أهدوا إليها الإسلام – ووسموها بثقافتهم وتقاليدهم وعاداتهم.. وما انفك ذلك باديا للعيان.. ظلت في ثلاجة التاريخ العثماني محتفظة بكل قسمات وملامح الاقطاع السياسي والاقتصادي.. وجاءت لتسقط في براثن الجمود العقائدي والخضوع النفسي للاستعلاء القومي والاحساس بمركب النقص الموروث. فما زايلها الاقطاع، لا في إطاره التاريخي المحدد، ولا في المحاولات الفجة لتفسير الواقع الاجتماعي في ضوء النظريات السياسية الحديثة.
http://alrihlah.com/bookss/111
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك