شهد ملتقى الأدب، في ثاني أيام المعرض، ندوة فكرية بعنوان «أصداء»، تطرقت إلى أوجه الثقافات الشعبية التي تعتبر الأساس القويم لأركان الحضارات المتعددة، وتناولت تاريخ عدد من الثقافات التي تدلل في مضامينها على أنها أوجه حضارية متعددة للبلدان، وعامل أساسي في صياغة مقوماتها ووجودها. استضافت الندوة التي أدارتها الإعلامية عائشة العاجل كلاًّ من الدكتور عبد الله الوشمي، والدكتور نجم عبد الله كاظم، والكاتب ماجد بو شليبي، الذين قدموا استعراضاً واقعياً لأثر الثقافات في البعد الحضاري. استهل الوشمي حديثه بالقول: «إن العلاقة بين الحضارة والثقافة علاقة اعتمادية وتكامليّة فكل منهما يؤدي إلى وجود الآخر، ورغم هذه العلاقة فإن كل واحدة تختلف عن الأخرى؛ إذ تنمو الثقافة مع نمو المجتمعات وتطورها، فلكل مجتمع ثقافته التي تعكس شخصيته وهويته، لذلك باتت التنمية الثقافية في وقتنا الحاضر تحظى باهتمام كبير، فالثقافة هي أساس التقدّم والازدهار، وثمرة الجهود التي كوّنت الحضارات البشريّة المتعاقبة».وأوضح الوشمي أن الحضارة تمثّل القضايا المرتبطة بالاستقرار المادي والمعنوي، بحيث تتضمن كلاًّ من الأنظمة الفكرية والاجتماعية والثقافية وغيرها، ويتمّ تناقلها بين الأجيال، مشيراً إلى أن تباين الحضارات البشرية التي ظهرت منذ القدم، وحتى وقتنا الحاضر، جاء نتيجة للخصوصيّة النابعة من الأديان، والمعتقدات، والتقاليد، والتوجهات، والنظم لكل حضارة، وعلى الرغم من ذلك تميّزت هذه الحضارات بعلاقات تفاعلية، استفادت من إنجازات وإبداعات الأخرى، وبنت عليها وطورتها في تشكيل حضارتها الخاصة، ما جعل الحضارة الإنسانية ليست حكراً على أمة بعينها.من جانبه أكد كاظم أن الحضارة تمتاز بالعديد من المظاهر الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والدينية، والفكرية، لافتاً إلى أن تفاعلها يتخذ جانبين هما الحوار الإيجابي والبناء، وهذا يؤدي إلى النفع والتطور، والصراع والتنازع، وهذا يؤثر سلباً في البشرية.من جانبه وضع بو شليبي الشارقة نموذجاً على التقاء وتنوع الثقافات؛ إذ يمثل التنوع الثقافي معياراً كبيراً في مقياس الحضارة، مشيراً إلى أن الشارقة أسست على تجربة يمثل التنوّع جزءاً كبيراً منها، مُرجعاً ذلك إلى عوامل كثيرة، كالموقع الجغرافي المطل على المحيط الهندي، بالإضافة إلى وجودها على طريقي اللبان والحرير، وكونها محط طريق الكثير من القوافل، الأمر الذي أوجد تنوعاً حضارياً وثقافياً جاء كذلك نتيجة للتجارة، وانتقال أيدٍ عاملة وحرفيين إليها، بالإضافة إلى الاستيراد الذي جلب معه ثقافة البلدان الموردة.واختتمت الندوة باتفاق المشاركين أن الثقافة هي الركن الأساسي في التكوين الحضاري للأمم، وتعكس بوضوح ملامح الوجوه المتعدد للبلدان، وتسهم كذلك في صياغتها.
نشر في الخليج 14049 بتاريخ 2017/11/04
أضف تعليقاً