استضاف مقهى «كتاب كافيه» في دبي الكاتب والمفكر أحمد برقاوي، في لقاء مفتوح حضره لفيف من المثقفين، وتحدث برقاوي خلاله عن تجربته مع الكتابة الفلسفية، واستعرض ثلاثة من كتبه الجديدة، هي: «الأنا»، «كوميديا الوجود الإنساني»، و«شذرات اللقيط»، والتي تحمل طابعاً فكرياً وتعكس تجربته المعرفية، وتطل في ذات الوقت على الواقع الفكري العربي.
تحدث برقاوي عن مؤلفه «الأنا» الذي يتناول فيه الإنسان وسعيه نحو الاستقلال والتحرر في تفكيره عبر المعارف، وأكد ضرورة أن يبحث الإنسان عن مكانته الخاصة ويحقق استقلاله عن الآخرين، وشرط هذا التحرر هو مفارقة الجماعة والابتعاد عن تقليد الآخرين في أفعالهم، فهو بذلك يصنع بصمته الخاصة في الحياة، حتى يكون متميزاً ومتفرداً ومبدعاً، وهذا يتطلب ألا يكون خاضعاً لأي فكرة أو شخص أو أيديولوجيا، بل يبحث عن الحرية وتصبح هماً له، فالإنسان يجب أن يعمل على تغيير الواقع، عبر استخدام العقل بطريقة خلاقة، وهو يفعل ذلك حتى إن وجد الناس فيما يفعله شيئاً من الغرابة، فجميع المبدعين والمفكرين عاشوا في عوالم خيالية، وعملوا على تحقيق الأفكار التي حملوها على أرض الواقع من أجل أن يغيروا العالم للأفضل.وأشار برقاوي إلى أن الشخص الذي لا يسعى إلى تحقيق أحلامه يظل حبيس مخاوفه، فالعلاقة بين الأنا والعمل هي التي تصنع الكائن، وتحدث عن العقل الساذج الذي يتصف بأنه ذو اللغة الفقيرة، والمعلومات القليلة، والذاكرة الحسية، ومحدودية التفكير، وهو الذي يفتقر للذكاء والتبصر، ويقف عند حدود ظواهر الموضوع، أو يتلمسه دون المقدرة على التعمق، ولا يبحث في العلاقات والشروط غير المرئية التي تقف وراء الظواهر بعكس العقل الذكي.
كما تحدث برقاوي عن كتابه «كوميديا الوجود الإنساني»، الذي يرى فيه أن التكوين الإنساني معقد جداً، وحافل بالألغاز، والكتاب هو محاولة لتفكيك هذا الغموض عبر شرح المشاعر والانفعالات الإنسانية، واختلاف اهتمامات وميول الفرد عن الجماعة، ويشير إلى وجود تقسيم غير سليم بين الجسد والروح، فلا يمكن شطرهما إلى اثنين يبتعد كل واحد فيهما عن الآخر، ويرفض برقاوي أن يصبح الجسد موضوع ذم تُصب فيه كل العيوب، فكل ما يصدر من الإنسان ينتجه العقل، فهو وحده صاحب التجربة والمسؤول عن الجسد، فمبادئ العقل جاءت من الواقع نفسه، وكل ما ينتجه العقل هو حياة الإنسان الكلية.وينظر برقاوي في «كوميديا الوجود الإنساني» نظرة ساخرة إلى حياة الإنسان الذي أعماه الواقع عن رؤية الماهية الحقيقية للحياة، فالإنسان يعيش حالة من الملهاة الساخرة، والكوميديا بالنسبة لبرقاوي تكمن في كل ما يمر به الإنسان من مشاعر، بل هي موجودة حتى في لحظات الحزن .
وفي كتابه «شذرات اللقيط»، يقدم برقاوي نصوصاً شعرية تحتشد فيها المعاني الفلسفية، فهو يصف نظمه الشعري بأنه ينطوي على ما يسميه بال«حدس الفلسفي»، كما أنه يقسم الشعر إلى نظم حافل بالمعنى وآخر عادي، فالناس يعجبون بذلك الشعر البسيط ويصفقون له لأنهم يستطيعون قوله، بالتالي هم يحتفون بأنفسهم، ويهجرون ذلك الشعر العصي عليهم، ويضرب مثلاً بقصيدة الجدارية لمحمود درويش التي استقبلت كنص غريب، وبقصائد أبي العلاء المعري التي وجدت حظها من الترجمة لأنها منتجة للمعنى الفلسفي.
نشر في الخليج 14514 بتاريخ 2019/02/13
أضف تعليقاً