الأساطير .. الوجه الخفي للموروث الشعبي على مر العصور


نظمت إدارة الآداب في هيئة الثقافة والفنون في دبي جلسة حوارية بعنوان «الأساطير وتوظيفها في الأدب» بصالة ريل سينما - دبي مول، وذلك بمشاركة الدكتور محمد حسن عبد الحافظ، رئيس قسم الدراسات والبحوث في مركز التراث العربي بالشارقة، والناقد والأديب الدكتور صالح هويدي، والدكتورة بديعة الهاشمي أستاذ مساعد في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الشارقة، وأدارتها الكاتبة أسماء الزرعوني، حيث تطرقت الجلسة إلى واقع الأسطورة في المخيلة الأدبية العربية وتوظيفها المعاصر، كما سلطت الضوء على صلاتها بالموروث الشعبي والفلسفة ذات الصلة بالبيئة وجذورها التاريخية.
وفي مداخلتها أشارت الدكتورة بديعة الهاشمي إلى مفهوم الأسطورة في اللغة هي من سطر وهي بمعنى تقسيم وتصفيف الأشياء، فالأسطورة تعني الكلام المسطور المصفوف، ولا يشترط فيها أن تكون مدّونة أو مكتوبة، ولكن بالضرورة هي الكلام المنظوم سطراً وراء سطر، فتظهر مصفوفة كقصائد الشعر ما يسهل حفظها وتداولها ويحافظ على بنيانها وكلماتها، وعلى ذلك يقول المعاندون للقرآن «ما هذا إلا أساطير»، ولم يروا الأساطير مكتوبة، وإن أغلبهم ليس لهم علم بتدوينها بل هو علم تناقلوه شفوياً بسطورها المحفوظة، والكلمة عربية الأصل وجذرها من الفعل الثلاثي سَطَرَ.
وأضافت الدكتورة بديعة، إن لكل أسطورة رمزية خاصة بها، وترتبط بطبيعة، وكيفية حدوثها، وتتمّ كتابتها بناءً على رموز معينة، وما زالت أغلب رموز الأساطير منتشرةً في بقايا المعابد القديمة، والآثار حول العالم.
مناهج الأساطير إنّ اختراع وتأليف الأساطير الغريبة اعتمد على مجموعة من المناهج، والتي اختار مؤلفو الأساطير واحداً منها، أو كلها من أجل تأليف أسطورتهم، إذ إن الأساطير القديمة اعتمدت بشكل مباشر على الظواهر الطبيعية، ومن جانب آخر فإن توظيف الأساطير في النصوص الأدبية المعاصرة يمثل جانباً من الظاهرة الأدبية المعاصرة والتي تستقي من نسيجها نصوصاً تواكب المتغيرات وتشرف المستقبل، وعلى سبيل المثال «عجاج» سلسلة قصص مصورة أطلقها برنامج «وطني» عن بطل خارق من الإمارات هو الأول من نوعه، والمستوحاة من الخراريف الإماراتية الشعبية.
وقال الأديب والناقد الدكتور صالح هويدي إن الأسطورة هي الحكاية الشعبيّة التي تحمل قدراً كبيراً من المبالغة، من حيث نسب الظواهر الخارقة للطبيعة إلى أشخاص عاديين أو خارقين، وكذلك تفسّر الأساطير الظواهر الطبيعية تفسيرات مبالغاً في صحتها، وذلك من خلال نسبتها إلى كائنات خرافيّة ابتدعها خيال الإنسان. وعلى هذا تشمل الأساطير جميع الحكايات الشعبيّة التاريخيّة التي لم يستطع الباحثون إيجاد دليل علمي على ثبوتها.
وأوضح أن النص الأسطوري على ثباته عبر فترة طويلة من الزمن، وتناقله عبر الأجيال طالما حافظ على طاقته الإيحائية بالنسبة للجماعة، كما هو الشأن بالنسبة للأساطير السومرية التي حافظت على صيغتها الأصلية قرابة الألفي سنة، إلا أن هذه الخاصية لا تعني الجمود أو التحجر لأن الفكر الأسطوري يجدد أساطيره دائماً، إما بالتخلي عن الأساطير التي فقدت طاقتها الإيحائية أو تعديلها. ولا يعرف للأسطورة مؤلف معين، لأنها ليست نتاج خيال فردي أو حكمة شخص بعينه، بل إنها ظاهرة جمعية تعبر عن تأملات الجماعة، وحكمتها، وخلاصة ثقافتها.
وفيما يتعلق بتوظيف الأساطير في الأدب المعاصر محلياً وعالمياً، يقول رئيس قسم الدراسات والبحوث في مركز التراث العربي بالشارقة: يشكل الموروث الحكائي، العربي والعالمي، بنوعيه الرسمي والشعبي، أحد أهم الركائز التي شيدت الرواية العربية المعاصرة معمارها الجديد عليه. وتمثل الأسطورة، بوصفها واحداً من أهم منابع هذا الموروث، مرجعاً أساسياً من المرجعيات النصية، الرمزية والفنية، التي مكنت هذه الرواية من تحقيق تقدم نوعي مضموني وجمالي.
وأردف: إن النزوع الأسطوري في الرواية العربية المعاصرة، هو أحد أشكال التجريب الجمالي وهو استجابة ثقافية تقوم على أسس تاريخية وفنية.
وقدم «الحكواتي» الممثل والفنان المسرحي أحمد يوسف فاصلاً نصياً وتمثيلياً يحمل بين طياته نفس الأسطورة المتخيلة ضمن ثنايا الحكايات. وقال يوسف لـ «البيان» : إن الحكواتي كأول ممثل في المسرح العربي أو عملياً هو رائد وبداية المسرح العربي لم يحتج إلى قاعة مسرح أو منصة. لم يستند على نص مسرحي في الصيغة المتعارف عليها اليوم بل إنها سيرة شعبية مكتوبة نثراً وشعراً يمكن غناؤه، لها شكل وتقنيات لم يُطلق عليها فن الرواية كما هي تقنيات فن الرواية في الغرب، بل هو فنّ الراوي، الحكواتي الذي يسرد القصة ويمثلها ويعرضها.
وأضاف: إن الحكواتي ينتهج عدة عناصر في لعبته، التهويل، البطولة، زرع القيم الأصيلة، زرع الشعور بالاعتزاز بالقوة العربية والبطولات، وهو أيضاً كمضمون يختلف نوعاً ما عن نسيج الأساطير القديمة، لأن الصراع تحول من صراع بين الإنسان والآلهة وأنصاف الآلهة، إلى صراع بطل صاحب قيم سامية مقابل شرّ احتلال، معتدٍ على أوطان أو على قيم إنسانية سامية.
وفي ختام الجلسة قدم الممثل المسرحي بلال عبد الله مجموعة من الألغاز والحكايات ذات الصلة بالأساطير المحلية في الإمارات.


نشر في البيان 14366 بتاريخ 2019/10/18


الرابط الإلكتروني : https://www.albayan.ae/five-senses/culture/2019-10-18-1.3677339

المزيد من الأخبار في الأنشطة والفعاليات- البيان 14366

شارك هذا الخبر مع أصدقائك تويتر فيسبوك جوجل


أضف تعليقاً

تعليقات الزوار


التبراة : والجمع ( تباري ) وهي المغاصة التي يكثر في قاعها المحار الذي يحتوي على اللؤلؤ . فيقال ( المركب عنده تبراه ) أي وجد مغاصة يكثر فيها اللؤلؤ في قاعها الرملي . وقيل أن مناطق ( التبراة ) تسري ليلاً من مكان إلى آخر ، وأن المحار يطوف على سطح البحر ، فيلمع وكأنه ألوف المصابيح الدقيقة المنثورة على سطح البحر ، فتلاحقه سفينة الغوص حيثما ذهب . ( معجم الألفاظ العامية في دولة الإمارات العربية المتحدة )

التبراة : موقع إماراتي يتناول مئات المواضيع التي تضيء شعلة حب الكتاب لدى أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة ( شخصيات وهيئات ومؤسسات ) في نشر ودعم الكتاب على مستوى العالم وبكل اللغات . كما يعرض لأكثر من ألف عنوان كتاب يتم نشره سنوياً منذ بداية الألفية الثالثة .

ملاحظة : الموقع عبارة عن قاعدة معلومات فقط و لا يتوفر لديه نسخ من الكتب .

عداد الموقع

الكتب
33331
المؤلفون
18463
الناشرون
1828
الأخبار
10191

جميع الحقوق محفوظة - موقع التبراة