ندوات فكرية وجلسات حول مستقبل الأدب في «هاي أبوظبي»


شهدت فعاليات من مهرجان هاي أبوظبي الذي تنظمه وزارة التسامح بالتعاون مع هاي للفنون والآداب البريطانية، حالة خاصة من الحوار حول العديد من الموضوعات من أبرزها الجلسة الدبلوماسية التي حضرها الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، عضو مجلس الوزراء وزير التسامح، وتحدث فيها الدبلوماسي الهندي شاشي ثارور حول الخطوط الرئيسية لرسم السياسات الدولية في ظل أوضاع حالية ملتبسة، كما شهد الحفل الموسيقي الذي أحياه الفنان مارسيل خليفة وابنه بشار، من كلمات الشاعر محمود درويش.
تألقت الروائية العمانية جوخة الحارثي أول عربية تحصل على جائزة البوكر الدولية في مناقشة روايتها الفائزة بالجائزة «سيدات القمر» مع الإعلامية بروين حبيب.
وتضمنت فعاليات المهرجان جلسة حول مستقبل الأدب في الإمارات، بمشاركة سعيد حمدان مدير إدارة النشر في دائرة الثقافة والسياحة أبوظبي، وأسماء صديق المطوع مؤسسة صالون الملتقى الأدبي، وأحلام بلوكي مديرة مهرجان الطيران للآداب، وأحمد العلي مدير التحرير في دار روايات الإماراتية، وأدارت الجلسة الكاتبة صالحة عبيد، ثم تلت ذلك جلسة حوار حول كلاسيكيات الفنون والآداب الإسلامية وإعادة اكتشافها من جديد، في إطار البحث عن الهوية مع الدكتور أحمد الشمسي.
العولمة والنظام الليبرالي :
وتناول شاشي ثارور، الذي شغل منصب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، ووزير الدولة للشؤون الخارجية في الحكومة الهندية، العديد من القضايا المهمة مثل العولمة والنظام الليبرالي الدولي، كما تحدث عن بعض ما جاء في كتابه (الفيل، النمر، الهاتف الخلوي) الذي حصل على عدة جوائز.
وفي بداية الجلسة أعرب ثارور عن إعجابه بما تتسم به الإمارات من تسامح وتعايش يجعل منها مثالاً فريداً في هذا المجال، حيث تتجاور فيها المساجد مع الكنائس والمعابد، ويعيش الجميع في أمن وسلام وتعايش.
كما تحدث عن العولمة موضحاً أن لها العديد من الإيجابيات، معتبراً أن الصين من أكثر الدول التي استفادت من العولمة، ليس فقط على مستوى الدولة، ولكن على مستوى الأفراد أيضاً، فبفضل العولمة أصبح العديد من الصينيين يعيشون في رفاهية.
وفي الهند على الرغم من أن العولمة أثرت سلباً في بعض الصناعات، فإن البلاد نجحت في أن تحتل موقعاً متقدماً في مجال تكنولوجيا المعلومات. وأشار ثارور إلى أن ما يشهده العالم حالياً من انتشار سريع لفيروس كورونا قد يسبب أزمة في الفترة المقبلة، مضيفاً: «على الرغم من ذلك، دعونا نكون متفائلين ونفخر بتاريخنا الإنساني».
وتطرق ثارور إلى النظام العالمي، مؤكداً أنه لا يمكن القول إن هناك نظاماً ليبرالياً عالمياً؛ لأن هناك دول مازالت تعاني الصراعات والاضطرابات والفقر. وأوضح أن اتجاه قادة بعض الدول الكبرى للبحث عن مصالح داخلية من أجل الفوز في الانتخابات، يمكن أن يؤدي إلى خلل في النظام العالمي، لذا يجب أن يعمل الجميع من أجل تحقيق المصالح المشتركة.
حضر الجلسة سعيد أحمد غباش، رئيس جامعة الإمارات، وعفراء الصابري المديرة العامة لمكتب وزير التسامح.
تحديات :
وقالت أسماء المطوع في الجلسة التي حملت عنوان «مستقبل الأدب في الإمارات»: «نحن في صالون الملتقى الأدبي متابعون لحركة إصدار الروايات منذ تأسيس الصالون عام 1998، كانت تواجهنا تحديات كبيرة، حيث لم تكن الروايات متوفرة وكنا نحضرها من لندن أحياناً، فالقارئ مهم لأنه هو من يحكم على الكتاب، وعلاقتنا حميمة مع العديد من الكتاب، كما أن شغف المعرفة هو الدافع لنا، ولا بد أن نعترف أن المجمع الثقافي والجوائز التي تقدمها الدولة للكتاب وجهود دائرة الثقافة والسياحة أبوظبي، كل ذلك كان له دور كبير في إثراء معرفتنا».
وتساءلت لماذا لا يوجد الكتاب الإماراتي المترجم، فمستوى المحتوى الثقافي والفكري لدينا جيد، واستراتيجية الدولة تشجع جداً على إثراء الحركة الفكرية والثقافية.
وقالت أحلام البلوكي: «لقد استضفنا في هذا العام في مهرجان الطيران للآداب مديري مهرجانات أدبية من 31 دولة، وقد حضروا خلال المهرجان جلسات لكتاب إماراتيين ثم بادروا بدعوتهم للمشاركة في مهرجاناتهم، فالإمارات اليوم تصنع طريقاً للأدباء الذين يتطلعون إلى العالمية».
وأضافت: «لكن المحتوى الإلكتروني العربي على المنصات العالمية مازال قليلاً جداً، فإحصائيات ويكيبيديا تبين أن المحتوى العربي لا يتجاوز 1400 صفحة عربية للكتّاب العرب».
وقال أحمد العلي: «هناك فكرة شائعة وهي أن دار النشر المحلية يجب أن تبحث عن محتوى محلي، لكن الصحيح أن جودة النص هي المعيار وهي التي تحدد ما ينشر أو ما لا ينشر، وعلى دور النشر أن تعمل بذلك، كما أن صناعة النشر في الخارج غير صناعة النشر في العالم العربي».
وأضاف: «لا يوجد محرر أدبي في العالم العربي، فقط مدقق لغوي، بينما محررو دور النشر العالمية يتنافسون على أصحاب المواهب الأدبية يوجهونهم ويشجعونهم حتى يصلوا إلى الجوائز العالمية».
وقال سعيد حمدان: «إذا أردنا أن نطور صناعة الكتاب، علينا أن نبدأ من المتلقي، لذلك بدأنا في هذا العام تجربة جديدة بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث وفرنا الإصدارات بسعر تنافسي فنفذت جميع الكميات».
إبداع فني :
وأشاد الفنان مارسيل خليفة بالمهرجان وقيمته الثقافية، ودوره في تعزيز قيم التواصل والتسامح بين البشر. جاء ذلك عقب إحياء مارسيل خليفة ليلة من الطرب شهدت تنافساً بين الجمهور لحضورها، حيث تألق مارسيل وبشار خليفة مع شعر محمود درويش، إضافة إلى أغنياتهما الشهيرة.
وعن التسامح والأخوة الإنسانية أكد خليفة أن معظم أعماله تدور حول هذه الغاية ومنها أغنية «جواز السفر» التي تقول «كل قلوب الناس جنسيتي، فلتسقطوا عني جوازي، لست بحاجة إلى جواز السفر إذا كل قلوب الناس هي جنسيتي.. هم إخوتي.. وهذا منتهي الإيمان بالأخوة الإنسانية».
إعادة اكتشاف التراث :
كما شهدت فعاليات المهرجان جلسة خاصة للباحث والكاتب الدكتور أحمد الشمسي الذي تحدث عن إعادة اكتشاف الكلاسيكيات الإسلامية، في محاولة لفهم فحواها التاريخية وتأصيلها وتعريف العالم بها، وتحدث الشمسي عن الكتابات خلال القرون الأولى للإسلام وأثر اختراع الطباعة في بعث هذه الكتابات من جديد، سواء منها ما يتعلق بالأدب أو العلوم أو التاريخ أو الفقه والفن، فكان القرن التاسع عشر فرصة لكي نكتشف تراثاً ضخماً يستحق أن نتعرف إليه، مؤكداً أن القيم والتقاليد الأصيلة للمجتمعات العربية لاتنفصل كثيراً عن القيم الإنسانية السامية، وأنه من المهم وجود حوار حقيقي بين الشرق والغرب على قاعدة واضحة من قبول الآخر والتسامح والمصالح المشتركة.
سيدات القمر :
واستضافت فعاليات المهرجان الكاتبة العمانية جوخة الحارثي الفائزة بجائزة «مان بوكر الدولية» لأفضل عمل أدبي مترجم للغة الإنجليزية عن روايتها «سيدات القمر»، في جلسة حوارية أدارتها الإعلامية بروين حبيب.
وتحدثت الحارثي خلالها عن الرواية الفائزة، موضحة أن حصولها على الجائزة لا يعني أنها أفضل الأعمال الروائية العربية، ولكن تكمن أهميتها في أن الأدب العربي كله أصبح في دائرة الضوء، حيث بدأ كثير من دور النشر في البحث عن أعمال أدبية عربية قوية، أملاً في تكرار الفوز، وأيضاً اتجه بعض المترجمين إلى ثقافات شرقية للاهتمام أكثر بالأدب العربي للترجمة منه.
وتطرقت كذلك إلى البنية الأدبية للرواية، مؤكدة أنها قامت، قبل كتابة العمل، والذي يتناول حياة ثلاث شقيقات يشهدن على التطور البطيء في المجتمع العماني بعد الحقبة الاستعمارية، بإجراء بحث موسع عن الفترة التي تدور فيها الأحداث، والتعاون الاقتصادي بين الخليج العربي وإفريقيا، وغيرها من الموضوعات التي تطرقت إليها الأحداث، كما أكدت أن الرواية في النهاية تظل عملاً أدبياً وليست رواية تاريخية.


نشر في الخليج 14895 بتاريخ 2020/02/29


الرابط الإلكتروني : http://www.alkhaleej.ae/alkhaleej/page/6bc31715-0071-4e30-adfb-f2c9d690575c

المزيد من الأخبار في ندوات ومؤتمرات ومهرجانات- الخليج 14895

شارك هذا الخبر مع أصدقائك تويتر فيسبوك جوجل


أضف تعليقاً

تعليقات الزوار


التبراة : والجمع ( تباري ) وهي المغاصة التي يكثر في قاعها المحار الذي يحتوي على اللؤلؤ . فيقال ( المركب عنده تبراه ) أي وجد مغاصة يكثر فيها اللؤلؤ في قاعها الرملي . وقيل أن مناطق ( التبراة ) تسري ليلاً من مكان إلى آخر ، وأن المحار يطوف على سطح البحر ، فيلمع وكأنه ألوف المصابيح الدقيقة المنثورة على سطح البحر ، فتلاحقه سفينة الغوص حيثما ذهب . ( معجم الألفاظ العامية في دولة الإمارات العربية المتحدة )

التبراة : موقع إماراتي يتناول مئات المواضيع التي تضيء شعلة حب الكتاب لدى أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة ( شخصيات وهيئات ومؤسسات ) في نشر ودعم الكتاب على مستوى العالم وبكل اللغات . كما يعرض لأكثر من ألف عنوان كتاب يتم نشره سنوياً منذ بداية الألفية الثالثة .

ملاحظة : الموقع عبارة عن قاعدة معلومات فقط و لا يتوفر لديه نسخ من الكتب .

عداد الموقع

الكتب
33306
المؤلفون
18451
الناشرون
1828
الأخبار
10183

جميع الحقوق محفوظة - موقع التبراة