سنة النشر :
2001
عدد الصفحات :
76
تقييم الكتاب
دراسة ميدانية تتناول ظاهرة الهجرة المغاربية والمغربية تحديدا إلى دول أوروبا وأمريكا معرجة على أهم مظاهرها، وتطوراتها وخلفياتها التاريخية والاقتصادية والاجتماعية وكذا تداعياتها السياسية والثقافية على هذا الجزء من العالم العربي. وتقول الدراسة ان هذه الهجرة هي ظاهرة تشكل واحدة من المعالم الاجتماعية البارزة لمنطقة المغرب العربي وهي ذات خصوصية وملامح مختلفة في المغرب بالتحديد، وهي أيضا عنوان لمتغيرات اجتماعية عديدة يساهم في تشكيلها التفاعل التاريخي والواقع الاجتماعي وأشياء أخرى بفعل القرب الجغرافي والتقاطع الثقافي بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط. وتؤكد الدراسة انه وبالعودة إلى الجانب التاريخي نجد ان منطقة المغرب العربي كانت دائمة التفاعل مع الضفة الأخرى من البحر المتوسط وان كانت العلاقة لم تتسم في أغلب مراحل التاريخ بمواسم الود والالتقاء الايجابي.. الا انها علاقة تقاسمت جميع التجارب الحضارية العابرة للمنطقة.. الأمر الذي ساهم في خلق خليط اجتماعي متداخل ونمط ثقافي متواصل وحركة هجرة أحيانا باتجاه الشمال وأحيانا أخرى باتجاه الجنوب بحسب ما تقتضيه موازين القوة والضعف ولعبة المصالح وأحيانا حركة التاريخ. وتضيف الدراسة ان قضية الهجرة من ضفة جنوب المتوسط باتجاه شمال الضفة تعود اليوم لتشكل هما مشتركا للضفتين معا.. فجنوب الضفة يرى انه من حقه المغامرة في اتجاه الشمال بحثا عن فرص العمل والحياة الافضل وتحقيقا لمستوى معيشي ارقى.. وشمال المتوسط يرى في هذه الهجرة خطرا حقيقيا على استقراره الاقتصادي وأمنه العام.. مما أوجد حالة من التناقض الى درجة التصادم في الرؤية.. الأمر الذي انتهى في صورته الاخيرة الى حالة من الشد والجذب.. عندما لجأت دول الاتحاد الاوروبي الى التشديد في اجراءات الهجرة اليها وبالتالي غلق جميع المنافذ امام المغاربة والمغاربيين عامة في الدخول الى قارة الاحلام المؤجلة. وتقول الدراسة ان هذا الوضع افرز ظاهرة جديدة على السطح. ألا وهي ظاهرة الهجرة السرية، والهجرة بهذه الطريقة المخالفة لجميع الاوضاع القانونية والطبيعية خلفت وراءها مأساة هائلة في الاحزان والفقدان للأرواح ولأعداد هائلة من الشباب في زهرات العمر اكلتهم اسماك البحر المتوسط ورمت امواجه بأجسادهم الى شواطئه المترامية. وتضيف الدراسة ان في الصورة مأساة اخرى وهي الاخطر على مستقبل المغاربيين.. وتتعلق بهجرة النخب العلمية والمفكرة بحثا عن الواقع الافضل وهروبا من وضع علمي ومادي لا يحقق الحلم المرغوب.. إلا أن ذلك يشكل نزيفا حقيقيا لكوادر وعقول المنطقة. وهذه الدراسة التي يقدمها مركز زايد للتنسيق والمتابعة من خلال تقصي الحقائق الميدانية والبيانات العلمية تسلط الضوء بطريقة موضوعية ومنهجية على مشكلة الهجرة المغربية والمغاربية عموما والتي شكلت جزءا من قلق الماضي والحاضر ولا تزال تداعياتها ترسم صورة قاتمة لملامح المستقبل. ومركز زايد اذ يقدم هذا الكتاب وينقل تلك الصورة عن واقع الهجرة الى الضفة الاخرى بكل ألوانها وتفاصيلها المؤلمة ليأمل ان يسهم في لفت الانظار الى الظاهرة وأسبابها.
https://www.albayan.ae/across-the-uae/2001-07-06-1.1202752
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك