سنة النشر :
2013
عدد الصفحات :
211
ردمك ISBN 9789948444800
الوسوم
-
فنون
تقييم الكتاب
يوثق الفنان الفلسطيني، الدكتور عبدالكريم السيد، تاريخ حركة الفن التشكيلي في الدولة، من خلال كتابه «رواد التشكيل في دولة الإمارات العربية المتحدة»، أملاً في إسعاد القراء بمعارفه وتجاربه في المجال، يرصد معه وعبره، رواد الفن التشكيلي الذين ساهموا في نشر ثقافة بصرية متواضعة في البداية، وطوروها لاحقاً لتأخذ مكانة مرموقة عربياً وعالمياً.
ويؤكد السيد لـ «بيان الكتب»، أن اللهاث وراء الرحية والتكسب من وراء بيع اللوحات، جعل الفن حاليا يفقد هويته وملمح اصالته وارتباطه بالبيئة. ويوضح أيضا أنه يؤمن في كون الالتزام في العمل الفني، قضية مثيرة للجدل بين الفنانين، فمنهم من يراها وسيلة تعبيرية توفق بين الشكل والمضمون، أما البعض الآخر، فيعد الفن بصرا لبصيرة تتوالد في أرحام القادم، وأداة لتبسيط الحاضر وانتشاله من بؤس الحياة وحطام الآمال.
ولكن التزامه تجاه الفن، نابع من رغبته في خدمة قضيته وأرضه ووطنه، لا سيما وأن هدف الغرب أن يوجد فنانون عرب هم مجردون من أصالتهم وثقافتهم. ويشدد في نصائحه للفنانين، خصوصاً الشباب، على أن الفنان الجيد مالك لأدواته ومسيطر عليها.. ومتعدد التجارب، يولي جانب القراءة والثقافة اهتماما نوعيا.
بدأت الحركة التشكيلية في الدولة، كما هو معروف، في عام 1980، وذلك بإشهار جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، لتكون الإطار الذي يجمع الفنانين التشكيليين، من أبناء الدولة والفنانين الوافدين من الدول العربية والأجنبية. وأخذت هذه الحركة، وضعها الطبيعي من خلال المعارض الجماعية والفردية التي كانت تنظم داخل الدولة، بدعم من الجهات الرسمية فيها..
إضافة إلى المشاركات الخارجية، ولكن د. عبد الكريم السيد، يوضح لـ «بيان الكتب»، أن البداية الحقيقية لهذه الحركة كانت قبل ذلك. ويضيف: «بدأ إيفاد أبناء الدولة بعد قيام الاتحاد، لدراسة الفنون التشكيلية في الدول العربية والأوروبية...
وكانت عودة هؤلاء إلى الدولة ليسهموا في إثراء الساحة الفنية، إلا أن الأسلوب الطاغي على معظم أعمال هؤلاء الفنانين، كان التسجيلية الفوتوغرافية التي تقترب من السذاجة والسطحية. وتلك هي السمة المميزة لأعمال تلك المرحلة، حيث إنها غالباً ما كانت تبين موضوعات تراثية، مثل القوارب والبيوت القديمة بطرازها المعماري المميز».
يتابع السيد حديثه، حول جوانب الحركة التشكيلية في الإمارات، تاريخها وتطورها، وغير ذلك من القضايا: «عندما نتحدث عن الحركة التشكيلية في الدولة، علينا التطرق إلى ظروف نشأتها، والشباب الذي عمل بجد ونشاط وعزيمة صادقة مدفوعاً بحب وطنه من ناحية، وبحب الفن، من ناحية أخرى..
ومستوعباً لدوره في بناء الأمة. ويفهم الدلالات الحضارية والثقافية، وصحيح أنه كانت هناك محاولات غير جادة في تقليد بعض الأساليب الأخرى. لكن هذا لم يمنع من وجود بعض الفنانين الناضجين من الناحيتين التقنية والاسلوبية، والذين كانت لديهم، تجربتهم الخاصة في هذا المجال ولكن بحرفية ودراية».
وعن التحديات التي واجهها أثناء إعداده الكتاب، يشير السيد إلى أنه لم يتطرق إلى بعض الأسماء، بسبب قلة المصادر المتوافرة عنها. ويقول :«هناك مجموعة من الفنانين، الرواد الذين أسسوا للحركة التشكيلية في الدولة منذ البدايات الأولى، وقبل إشهار جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، والكثير من الفنانين العرب، منهم ترك الدولة لأسباب خاصة، وبعضهم توفي.
ولكن أبناء الإمارات من بينهم، تركوا العمل في المجال الفني. ولم تتوافر المادة الأرشيفية لنشاطاتهم. ولكن المؤكد هو دورهم المهم في الريادة والتأسيس، ومنهم:
حمد السويدي الذي كان أول رئيس لأول مجلس إدارة جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، الدكتور عبيد الهاجري وهو من أوائل المهتمين بالفن التشكيلي، إبراهيم مصطفى الذي تخرج من أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد. وغيرهم الكثير. ولكنني كنت قد أغفلت بعض الأسماء، ليس تناسياً، إنما لعدم وجود المصادر الكافية أولاً، ولابتعادهم عن هذا المجال ثانياً».
أما في شأن دعم صناع القرار والمسؤولين للحركة الفنية والفنانين في الدولة، فيبين مؤلف كتاب «رواد التشكيل في دولة الإمارات العربية المتحدة»، أنهم يشجعون الحوارات الفنية والثقافية بقوة. ويضيف : «لقادة الدولة دور كبير في ترسيخ مكانة الإمارات أرضاً للفنون بأنواعها المختلفة، وإن وُجد تقصير في مكان ما، فهو ليس بسبب صناع القرار. وإنما نتيجة قلة مثابرة الفنانين أنفسهم، إذ إن معظمهم أصبح يلهث خلف الغاليريات، لإرضاء أصحابها، أملاً في بيع لوحاتهم».
ويتطرق السيد إلى نقطة مهمة في السياق: « قلة هم من يلتزمون بالفن لأجل الفن، وكُثر من يهتمون في بيع لوحاتهم، فينسون مبادئهم وتُمحى شخصياتهم وتضيع هويتهم وهوية الأراضي التي ينتمون إليها، وهذا ما يتمناه الغرب، فنانون عرب مجردون من أصالتهم وثقافتهم».
وعن أسباب عدم استمرار بعض الفنانين في مجال الفن التشكيلي برأيه، يؤكد السيد أن الالتزام في العمل الفني، قضية أثارت الكثير من الجدل بين الفنانين. فمنهم من يؤيد حرية الفنان الكاملة في وسيلته التعبيرية وموضوعه وأسلوبه الفني، ومنهم من يلتزم بقضايا شعبه وأمته، ولو كان ذلك على التوفيق بين الشكل والمضمون..
ويتحدث السيد في هذا الخصوص: «تنبع قضية الالتزام من الوعي، الذي يعني التعايش الحقيقي مع قضايا الجماهير، وهذا يولد بالتالي موقفاً سياسياً للفنان، لا ينعكس فقط على اللوحة الفنية، وإنما ينعكس على تصرفات الفنان وسلوكه، وهناك شواهد عديدة على مدار التاريخ».
يسرد السيد بعضاً من ذكرياته مع الفن التشكيلي: «كنت ذات مرة في زيارة لمرسم الفنانة، الدكتورة نجاة مكي. وحين انتهت الزيارة وهممت بالمغادرة، أخرَجت من مكان مستتر صندوقاً ورقياً مملوءا باللوحات صغيرة الحجم، وقالت: (هذه يومياتي). فدهشت لأنني للمرة الأولى، أرى أعمالاً فنية صغيرة ملونة بالمئات، تشكل يوميات إنسان. لكن، كون الإنسان المعني، فنانة مرهفة الإحساس، زالت دهشتي. وأخذت في تقليبها واحدة بعد الأخرى».
وعن رأيه في أعمال الدكتورة نجاة مكي الفنية، يقول: «لا أزال متعلقاً بكل ما أنتجته قبل نحو عشر سنوات تقريباً، لأنه يعالج مشكلات مهمة، ويعبر عن واقع، أما بالنسبة لأعمالها الحديثة، أخيرا، فتعتمد على الألوان فقط».
يوجه الفنان عبد الكريم السيد بعض النصائح إلى هواة الفن التشكيلي، فيقول: «من مميزات الفنان الجيد، أن يكون مالكاً لأدواته ومسيطرا عليها، كما أنه يجب أن يكون متعدد التجارب ..إضافة إلى ضرورة التزامه بالإنتاج الفني والقراءة المستمرة. وأنصح الهواة بعدم تقليد أحد، وتقدير من هم أكثر خبرة في المجال. كذلك مراجعة تاريخ بلدانهم جيداً، حتى يكون ذاك هو النبع الذي ينهلون منه فنهم وأصالتهم وهويتهم، فضلاً عن عدم الغرور بالشهرة».
تتبدى أهمية كتاب «رواد التشكيل في الإمارات»، الصادر عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، انطلاقا من كونه يعنى برصد ماهية وتاريخ حركة التشكيل في الإمارات، وفق منهج تفصيلي دقيق، وبالاعتماد على خبرات ومعارف وابحاث، فنان مجرب ومتمرس، خاض غمار العطاء الفني طوال عقود من الزمن: الدكتور عبدالكريم السيد. كما أنه كان من الفاعلين في التأسيس لمشهد وحركة التشكيل في الإمارات.
إن مجاورة ومعايشة السيد للحركة التشكيلية في الدولة، مكنته من تقديم صورة بانورامية ساطعة لرواد الفن التشكيلي. ونجد انه تموضعت الشارقة ضمن الكتاب، في قلب المعادلة، كونها الحاضن الأكبر للتشكيل الإماراتي، ذلك عبر «البيناليات» المتنوعة والملتقيات الفنية والمعارض، المتعددة فيها.
يتتبع السيد في كتابه، مراحل وتاريخ الحركة التشكيلية في الدولة، متطرقا إلى تجارب مجموعة الفنانين من الإمارات الشمالية وأبوظبي التي يؤكد أن النشاط التشكيلي فيها كان موازياً للنشاط في الشارقة، بفعل عدة أسباب، أهمها وجود العديد من الفنانين التشكيليين، المواطنين والعرب والأجانب.
كذلك وجود ذلك الصرح الثقافي الكبير والمهم فيها، وهو «المجمع الثقافي»، الذي كان هيئة مستقلة، سابقا.. ومن ثم تحول حاليا إلى «هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة» التي تواصل دعم الثقافة عموماً، والفن التشكيلي خاصة.
كما يتناول السيد، قصص رواد التشكيل في الدولة. ويعرض لبعض أعمالهم، ومنهم: محمد يوسف، نجاة مكي، عبدالقادر الريس، فاطمة لوتاه، عبد الرحمن زينل، عبدالرحيم سالم، منى الخاجة، عبيد سرور، حسن شريف، أحمد حيلوز، حسين شريف، محمود الرمحي، تاج السر، محمد فهمي، محمد عبدالله، خليفة الشيمي.
يتضمن الكتاب أيضا، آراء بعض النقاد في الفنان د. عبد الكريم السيد، ومنهم، على سبيل المثال لا الحصر، الدكتور أسعد عرابي، الذي يرى أن اللون التجزيئي لدى السيد تحول إلى لمسة صريحة من اللون، تشكل بثوراً مرصعة كالجواهر داخل الظلال المغرقة في العتم، بحيث تبدو هذه الومضات أشد حضوراً من الشخوص والمنظر الذي يجمعها.
أما فاتح المدرس، فأبدى رأيه بالكتاب، وإعجابه بأعمال السيد الجادة، وبألوانه شديدة الجرأة، ووصفه بأنه مهووس باللون ويعشقه بجنون. وذلك في حين تقول إيمان السيد، إن السيد يستعين بالفرشاة ليعطي انطباعاً شفافاً لمدينة الرؤى.. وتجد أنها معان وأحاسيس نقية تنبعث من فنان نقي.
http://www.albayan.ae/books/author-book/2014-05-02-1.2113810
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك