سنة النشر :
2002
عدد الصفحات :
144
تقييم الكتاب
تشير مقدمة الدراسة إلى إرهاصات دخول مصر معترك الحياة الحزبية مبكراً حيث كانت أول عوامل التغيير هي الحملة الفرنسية على مصر في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر وما حملته من أفكار كانت بمثابة صدمة أيقظت مجتمعاً نائماً في شبه استسلام لحكم أوتوقراطي متخلف تحالف فيه عليه الولاة العثمانيون( جباة الضرائب) وبقايا المماليك الباشوات أمـراء الأقاليم، وكانت شعارات الثورة الفرنسية( الحرية ـ الإخاء ـ المساواة ) التي حملتها الحملة الفرنسية وأدوات التقدم العلمي مثل أجهزة رصد الفلك والمطبعة وغيرها أمراً مثيراً جعلت مؤرخاً مثـل ( الجبرتـي ) يبدي انبهاره بها ويقول (إن عقولنا لا ترقى إلى أمثال هؤلاء).
وبالرغم من ذلك فإن ثورات المصريين تواصلت حتى تم رحيل الفرنسيين بعد أن تركوا بذرة التنوير في عقول المتعلمين المصريين خاصة الذين قادوا الحركة الوطنية ضد الفرنسيين.
ثم كان العامل الثاني هو تولي محمد علي حكم مصر عام 1805وطموحاته التي قادته إلى بناء دولة حديثة تطورت إلى إمبراطورية وجيش حديث من المصريين مزوّد بأحدث الأسلحة.
وهو ما استدعى إرسال بعثات من المصريين إلى أوروبا خاصة إلى فرنسا وإقامة مصانع حربية وترسانة بحرية مستعيناً في ذلك بخبراء من أوروبا.
هذا الاحتكاك والتعايش مع الأوروبيين أوجد طبقة من المثقفين المصريين المتطلعين إلى الأخذ بالأفكار الأوروبية عن الحرية وحكم الشعب بالشعب والتمثيل النيابي.
وتتناول الدراسة البدايات الأولى لذلك حيث كانت هزيمة محمد علي التي تآمر فيها عليه إنجلترا وحلفاؤها وفرض اتفاقية لندن عام 1841 سبباً آخر جعل المثقفين المصريين خلال حكم أبناء محمد علي وخلفائهم يتطلعون إلى إدخال نوع من التمثيل النيابي في حكم البلاد جاءت بواكيره في عهد الخديوي إسماعيل الذي استجاب للحركة الوطنية، وأصدر دستوراً وأقام برلماناً ثم أُلغى كل شيء، واشتد النضال الوطني ضد حكم ابنه توفيق الذي تطور إلى ثورة قام بها أحمد عرابي ضد دكتاتورية القصر عام 1881، لكن نجاح الإنجليزي فـي احتلال مصر عام 1882، أدخل مصر في مرحلة جديدة امتزج فيها النضال ضد الاستعمار مع النضال من أجل الدستور والبرلمان إلى أن بدأت تتشكل ملامح أحزاب سياسية في نهاية القرن 19.
وإذا كان الحزب في سياق أكثر التعبيرات تجسيداً هو تجمع أفراد تنظيمي على المستويات القطرية أو القومية تعبيراً ودفاعاً عن مصالح قوى اجتماعية أو سياسية محددة ، بهدف الوصول إلى السلطة أو التأثير عليها خاصة من خلال تولي مثل هذا التجمع المناصب العامة عن طريق العملية الانتخابية أساساً أو غيرها من الأساليب التي تقود إلى السلطة، لذلك فإن هذا الحزب لكي يقوم بالدور السياسي الديمقراطي المطلوب لا بد أن تكون له قاعدة شعبية وأن يعبر عن مصالحها في إطار الدستور.
وفي تحليلها لعدم فاعلية دور الأحزاب تحدد الدراسة عنصرين ، فإذا كانت سلطوية الحكم هي أحد المعوقات أمام ممارسة الأحزاب المصرية لنشاطها بحرية وديموقراطية ، إلا أن الاستعمار البريطاني الذي ربما كان هو الحافز الوطني الأول للتشبث بتكوين الأحزاب في مجملها عمل على إفساد الحياة السياسية والحزبية مما ساهم في فشل الكثير من الأحزاب وعدم قدرتها على الاستمرار في العمل، بل إن أحزاباً وزعامات حزبية وسياسية وسمت بالعمالة للاستعمار البريطاني وفقدت شعبيتها أو فقدت مبرر وجودها السياسي والحزبي.
والأمر المهم في هذا الرصد التحليلي لنشوء وتطور الأحزاب السياسية المصرية في هذه الدراسة هو أن ذلك يجسد تطور الحركة السياسية المصرية وكبواتها وانتصاراتها إلى أن ألغيت الأحزاب السياسية عام 1953 ولم تقم لها قائمة أخرى إلا عام 1974 ولكن في مناخ آخر ودستور آخر.
https://meo.news/en/node/338884
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك