سنة النشر :
2002
عدد الصفحات :
66
تقييم الكتاب
ما هي ظروف انشاء حلف شمال الأطلسي في فترة الحرب الباردة، وكيف تطور بزيادة عدد الدول المنضوية تحت اطاره، وما هو الدور الذي لعبه في حرب افغانستان وما هي خططه للتوسع المستقبلي.
هذه الاسئلة وغيرها كانت محور دراسة اصدرها مركز زايد للتنسيق والمتابعة وقام باعدادها الكاتب احمد ثابت.
وتنوه الدراسة إلى أن موضوع حلف شمال الأطلنطي يكتسب أهمية بالغة، خاصة بعد ما شهده العالم من تغيرات كبيرة، أعادت رسم خارطة موازين القوى فيه، مما سمح ببروز هيمنة قوة عظمى وحيدة، تحاول جاهدة صياغة النظام الدولي وفق رؤاها ومصالحها، ومع ذلك فمازال الحلف يصنع الحدث في أكثر من موقع.
وقد نشأ حلف الأطلسي في ظل الخلاف الأمريكي السوفيتي حتى قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية، فقد تصاعدت الشكوك المتبادلة بينهما حول نوايا كل طرف ضد الآخر ، كما كان انفراد الأمريكيين والبريطانيين بإصدار ميثاق الأطلنطي في أغسطس 1941 سبباً لزيادة الشكوك الروسية، ودافعاً لأن تعرب موسكو عن رفضها للانفراد المذكور، خاصة أن ميثاق الأطلنطي المذكور شمل حق الشعوب في تقرير المصير وعدم التمسك في الدعاوى الإقليمية، الأمر الذي فسره السوفييت على أنه اعتراض على مطالبهم في دول بحر البلطيق وبولندا.
وقد تصاعد الخلاف أكثر عندما احتلت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفيتي ألمانيا النازية حيث أخفقت الدول الأربع في الوصول إلى أي اتفاق ، باستثناء استسلام ألمانيا بدون شرط، مما نجم عن تقسيم أوروبا بين القوتين الأعظم الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي فانتشر الجيش الأحمر في كافة أنحاء أوروبا الشرقية بما فيها شرق ألمانيا، وتمكنت الدول الغربية بزعامة الولايات المتحدة من بسط السيطرة على غرب أوروبا.
وفي مقارنتها لظروف هيمنة القوتين في كل من الأطلنطي ووارسو أبرزت الدراسة ما كان يتسم به حلف شمال الأطلنطي من ديموقراطية مقابل شدة القبضة الروسية على حلف وارسو، مستدلة على بالخلاف الفرنسي الأمريكي الذي سمح لفرنسا أن تبقى على عضويتها في الحلف رغم انسحابها من قيادته الموحدة، وتشكيل ترسانة نووية خاصة بها خارج المظلة الأمريكية، ورفضها أن يكون مقر القيادة العليا للقوات المتحالفة فيها كما كان في السابق، عكس ما آل إليه الأمر في تشيكوسلوفاكيا عام 1968 عندما تم غزوها من طرف حلف وارسو للقضاء على الاتجاهات المعارضة فيها لسياسة الحلف وللتبعية لروسيا.
ووقفت الدراسة عند آراء الدوائر الإستراتيجية والسياسية في واشنطن بخصوص الحلف، خاصة تلك الآراء التي ترى ضرورة توسيع نطاق عمل الحلف، بحيث يتجاوز الحيز الجغرافي التقليدي في غرب أوروبا وأمريكا الشمالية ليشمل مناطق عديدة في العالم زعمت تلك الدوائر أنها تهدد الأمن والاستقرار في أوروبا ، بل والأمن والسلم الدوليين مثل شرق ووسط أوروبا، جنوب البحر المتوسط ، الشرق الأوسط ، روسيا ،آسيا الوسطى وجنوب القوقاز.
وفي هذا السياق وقفت الدراسة على بعض تصريحات مادلين أولبرايت في اجتماعات وزراء خارجية الحلف، وذلك عندما أعلنت أنه ينبغي على الحلف الرد على أي نوع من التهديدات التي تستهدف المصالح والقيم التي تؤمن بها الدول الأعضاء ، وأن الولايات المتحدة ترغب في وضع مفهوم استراتيجي جديد لمهام الحلف مع مطلع الحلف القرن الحادي والعشرين يجعل الحلف مستقلاً تماماً عن الأمم المتحدة ، ويعطيه صلاحية التدخل السريع في الأزمات الدولية التي تمس مصالح الدول الأعضاء.
وقد استخفت الوزيرة من تحفظ الدول الأوروبية على أفكار واشنطن، واعتبارها أنها أفكار تجعل الحلف بمثابة "شرطي عالمي"، في حين ترغب بعض الدول الأوروبية في التعاطي مع المشكلات الدولية بمنطق غير عسكري.
وبينت الدراسة أن حرب الخليج الثانية والأزمة البوسنية كانتا الشرارة الأولى لخروج الحلف عن معهود استراتيجيته إلى الرؤية الأمريكية، ولئن كانت مشاركته في حرب الخليج الثانية تمت من خلال مشاركة عدد من الدول الأعضاء فيه، حسبما تمليه المصالح السياسية والاقتصادية، وبصفة اجتهادية فإنه بدأ ضربات جوية مكثفة ضد صربيا ابتداء من الرابع والعشرين من مارس 1999 استمرت 79 يوماً قبل أن يتفق مجلس الأمن على قراره رقم 1344 القاضي بتسوية حرب كوسوفو ووقف الضربات الجوية.
أما موقف الحلف من الحرب في أفغانستان فقد أبرزت الدراسة أن هجمات 11 سبتمبر 2001 أدت إلى تغيير جذري في الاستراتيجية الكونية الأمريكية وفي ترتيب الأولويات ، لذلك خاض الرئيس الأمريكي الحرب منفرداً مع حليفـة أمريكـا التقليديـة ( بريطانيا ) ، وهو ما يرجع إلى خلافات بين الأوروبيين وبين إدارة بوش الابن، وخلافاتهم حول تكييف الحدث من الناحية القانونية، وطريقة مكافحة الإرهاب الذي تراه معظم الدول الأوروبية بتجفيف منابع الإرهاب والعمل على تسوية النزاعات الدولية العالقة، ومنها قضية الشرق الأوسط والعراق ، بينما كانت أمريكا تفضل الحل العسكري.
وحول الآفاق المستقبلية للحلف أوضحت الدراسة أن الأوروبيين باتوا متأكدين من ضرورة المضي قدما في السياسة الأوروبية الأمنية والدفاعية، خاصة أنهم يخافون من أن يمتنع الحلف بقيادة أمريكا من التدخل مستقبلاً في النزاعات الأوروبية كما حدث في كوسوفو، وهو ما يؤثر سلباً على استقرار أوروبا.
https://meo.news/%D8%AD%D9%84%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%8C-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%B3%D8%B9-%D8%AC%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك