سنة النشر :
2014
عدد الصفحات :
134
السلسلة :
كتاب تراث ، 26
الوسوم
-
أدب
تقييم الكتاب
حرص البشتاوي في مؤلفه على استقراء التراث في النصوص الإماراتية مستشهدا بكتابات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي ذهب إلى التاريخ لاستجلاء بطولاته وأمجاده ليمثل ذلك نوعاً من المواجهة الضمنية، حيث قدم سموه من خلال نصوصه المسرحية التاريخ مستندا إلى إلمامه بتفاصيل كل واقعة تاريخية ومعطيات تلك الواقعة وطبيعة عصرها الذي تنتمي إليه، يقول البشتاوي "انطلق سموه في تعامله مع التراث من العودة لأصول وإعادة الاعتبار إلى الموروث الثقافي العربي وإلى تقاليد الفرجة الشعبية من دون انقطاع عن الروافد الغربية والإنسانية" .وتناول المؤلف في كتابه كافة أشكال التراث في كتابات إسماعيل عبدالله وناجي الحاي، ود . حبيب غلوم، وعمر غباش، والراحل سالم الحتاوي، وجمال مطر .ينطلق المؤلف في بحثه من فكرة أساسية تعتبر التراث مخزناً مهماً وسجلاً أولياً لإبداعات الإنسان، وهو يجسد تاريخ الأمة السياسي والاجتماعي والنظم الاقتصادية والقانونية التي شرعتها، وهو أيضاً يشكل ناتج ومجموع الخبرة الأدبية ومنجزاتها تضاف إلى ذلك الخبرة المكتسبة عن طريق الممارسات اليومية والعلاقات الاجتماعية التي كثيراً ما تصاغ في حكايات وخرافات وأمثال وحكم تجري على ألسنة الناس بأساليب تعبيرية متنوعة .قسم المؤلف كتابه إلى مقدمة وثلاثة فصول بدأها بتحديد المصطلحات، كما ناقش في الفصل الأول التراث بين الأصالة والمعاصرة، وتوظيف التراث في المسرح بما في ذلك توظيفه في المسرح العربي وناقش في الفصل الثاني ثلاثة نماذج من توظيف التراث (الأسطوري، التاريخي، الشعبي) في المسرح الإماراتي، وخلص في الفصل الثالث لمجموعة من الاستنتاجات، فيؤكد أن المؤلف المسرحي الإماراتي التقى في توظيف التراث توجهات رواد المسرح العربي، ومع تنظيرات وتجارب توفيق الحكيم، ويوسف إدريس، وسعدالله ونوس، وقاسم محمد، وجماعة المسرح الاحتفالي في المغرب، وفرقة المسرح الحكواتي البنانية وغيرهم، لا سيما مع محاولات إيجاد مسرح ذي هوية عربية يتخذ من الفرجة الشعبية ومعطيات الاحتفال أسسه وقوانينه .في باب تحديد المصطلحات، يعنى المؤلف بتحديد كلمتي "التوظيف" و"التراث" في اللغة، ويقارب معنى كل منهما في التعريفات القاموسية والاصطلاحية .ولا يتضح المعنى بالنسبة للمؤلف من دون دراسته لموضوع (التراث بين الأصالة والمعاصرة) مبتدئاً بما ذهب إليه فهمي جدعان من أن التراث هو عمل إنساني خالص، كما يقدم ملخصات مهمة حول عدد من العبارات الدارجة في هذا السياق ومنها: إحياء التراث، استلهام التراث، إعادة قراءة التراث، وتوظيفه في المسرح، كما يذهب إلى دراسة الأسطورة والمسرح بناء على مرتكزات عدد من الفلاسفة والباحثين مثل: شلنغ، فونك، كريمر، موللر، أميل دوركايم، ارنست كاسيرر وغيرهم . يفرد المؤلف محوراً للحديث عن (توظيف التراث في المسرح العربي) وعرضاً لرموز كبار منهم مارون النقاش، وأحمد أبو خليل القباني اللذان تنبها لغربة الشكل المسرح الغربي في ظل المحاولات الجادة من قبل المستعمر لفرض ثقافته وطمس كل ثقافة وطنية، فكان التراث هو مصدر الإلهام بالنسبة للفنان المسرحي يحقق له القدرة على حماية مقومات الأمة وهويتها، كما يسرد نماذج من الكتابات المسرحية للرواد العرب .في الفصل الرئيسي الذي يتحدث عن توظيف التراث في المسرح الإماراتي، يؤكد المؤلف ثلاثة اتجاهات هي: الأول، تقديم مسرحية تعتمد على التراث بشكل حرفي، والثاني، المزاوجة بين المسرحية الحرفية للتراث والواقع أو تطويع التراث للحاضر من خلال رؤية مستقبلية، أما الاتجاه الثالث فيستفيد، بحسب المؤلف، من الإسقاطات الدلالية بحيث يكون التراث محوراً رئيسياً في فكرة المسرحية وأحداثها .وفي الشق الذي يتناول التراث الأسطوري في النص المسرحي الإماراتي، يسرد د . البشتاوي أمثلة عدة منها: أسطورة شمشون التي تعد من الأساطير الخالدة في التراث الإنساني، وأخذت اهتماماً خاصاً في الأدب المعاصر، فتم توظيفها لإثبات أحقية الفلسطينيين التاريخية بفلسطين عبر الوقوف على حقيقة الصراع بينهم وبين "الإسرائيليين"، كما يدرس أحوال الشخصية في مسرحية صاحب السمو حاكم الشارقة "شمشون الجبار"، ويتتبع فصولها وهي التي تحمل ملامح الشجاعة والتحدي والإمكانات العالية ويقول: "لا يتوقف في سرده للأحداث عند المرحلة المرتبطة بشخصية شمشون ارتباطاً وثيقا، وإنما يتناول أحداثاً جديدة تعبر عن استمرارية الخطر المحدق بالأمة مثلما فعل في "الواقع . . صورة طبق الأصل" .من ناحية التوظيف التاريخي يعتقد المؤلف أن المسرح الإماراتي لا ينفصل عن بداياته التاريخية التي شكلت ملمحاً أساسياً في ظهور المسرح العربي، كما يدرس المؤلف تجارب صاحب السمو حاكم الشارقة في المسرح مع التاريخ من خلال نصوصه لتشكل أحد الملامح المهمة في تطور النص المسرحي الإماراتي، متتبعاً مسرح الوثيقة السياسية ومسرحية "عودة هولاكو" .في جانب توظيف التراث الشعبي في المسرح الإماراتي، يؤكد د . البشتاوي تغلغل الحكاية الشعبية في جسد المسرحية الإماراتية لما تتضمنه من عوالم خيالية غنية بالوقائع والأحداث، وما فيها من تشويق وإثارة ومغامرات وبطولات وانحياز لإنسانية الإنسان ولأصالته العربية، ويستعرض عدة أمثال وأقوال من أشكال التراث الشعبي في منطقة الخليج وفي الإمارات، كما يقف عند تجربة ناجي الحاي، وهو أحد الذين أخذوا على عاتقهم بناء حركة مسرحية متقدمة في الإمارات، وارتبط اسمه بعدد من التجارب المسرحية على صعيدي التأليف والإخراج .يتوقف المؤلف عند مسرحية "حبة رمل" ويحلل أبعادها الفنية . في السياق ذاته يتوقف عند مسرحيات جمال مطر، وعمر غباش ود . حبيب غلوم وظاهرة سالم الحتاوي، وكذلك إسماعيل عبدالله ويستفيض في مناقشة وتحليل أعمال كل منهم ويرصد أهمية ما قدموه من توظيف للتراث في التجربة المسرحية الإماراتي
http://www.alkhaleej.ae/alkhaleej/page/2bcbbc26-6319-4478-a6d5-c4706ec3644f
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك