سنة النشر :
2015
عدد الصفحات :
274
الطبعة :
الثالثة
ردمك ISBN 9789187373473
تقييم الكتاب
الاستبداد الذي يعنيه الكواكبي هو الاستبداد السياسي في الدرجة الأولى. وهو يرى أن الحكومات كلهّا استبدادية مالم تكن منتخَبة وملزَمة بقانون، ومراقبة من قِبل الشعب مراقبة تسمح بالعقاب، ومُنَسّقاً بين هيئاتها: التنفيذية والتعليمية والتشريعية. لذلك دعا إلى مراقبة الحكومة مهما يكن شكلها، اتّقاء لمزالق الحكم التي تحوّل حتى الحكومات العادلة إلى مستبدّة، إذا لم تر نفسها مسؤولة أمام الشعب.
وهو يطالب بالفصل المتّصل بين التشريع والتنفيذ. صحيح أنّ كلّ هيئة مسؤولة عن عملها بشكل مستقل، لكنّ ذلك لا يعني انفصالاً كلّياً بينهما، بل لا بد أن تكون وظيفة كلّ منهما مكملّة لوظيفة الأخرى من غير أن يؤدي ذلك إلى تدخّل إحدهما في شؤون الأخرى. وإنمّا تترابط الهيئات من خلال مراقبة الشعب لهما معاً.
ومسؤولية الاستبداد تقع على عاتق الجميع، بمن في ذلك المستبد بهم أنفسهم. إذ يحملّهم الكواكبي كثيراً من مسؤولية وقوعها بين براثن الاستبداد. ومن أهم الأمور التي طرحها الكواكبي هي العلاقة بين المستبد والمستَبد به، محلّلاً نفسيّة كلّ منهما مؤكّداً دورهما معاً في بقاء الاستبداد وفي دعمه. وهو يرفض الاستبداد ويطالب بإزالته انطلاقاً من معتقداته الإسلاميّة، ومن الواقع المُعاني في ظلّ الحكم العثماني، ومن ملاحظته أن الأمم المتقدّمة لم تصل إلى تقدّمها إلاّ بعد إزالة الاستبداد، فهو يرفضه على كلّ قانون. وهذه صفة الأخلاقي يتعلّق بمنطلق الكواكبي الديني. فإن كان قد رأى أنّ الأخلاق ملكة مطردة على قانون فطري، وأنّ تربيتها التربية، وسقياها العلم، وأقوى ضابط لها هو النهي عن المنكر، فهذا يعني أنّ المنبع الأصلي للأخلاق عنده هو الدين الذي فُطِرَ عليه الناس أجمعون، وتكون تربيته هي إدراك أنّ الله يرى ويراقِب، وبالتالي فكلّ إنسان مكلّف بمراقبة نفسه من هذا المنظور.
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك