سنة النشر :
2000
عدد الأجزاء :
4
تقييم الكتاب
يؤرشف المؤلف البريطاني (ج.م.ن. جفريز) للأحداث التي شهدتها فلسطين منذ الحرب العالمية الاولى وحتى تاريخ وضع هذا الكتاب في عام 1939 والذي جاء في نسخته الاصلية الصادرة باللغة الانجليزية في اربعين فصلاً تقع في 728 صفحة من القطع الكبير, وجاءت الترجمة العربية التي وضعها أحمد خليل الحاج في أربعة أجزاء من القطع المتوسط, وقد أنجزت هذه الترجمة بعد 27 عاما من صدور الكتاب, وذلك للاضطهاد والتطويق الذي تعرض له هذا الكتاب من قبل الحركات الصهيونية في الغرب, كحال معظم الادبيات التي عالجت القضية الفلسطينية بحياد وموضوعية. المؤلف الذي أمضى فترة في خدمة بلاده على ارض فلسطين استطاع ان يطلع على حيثيات القضية من الداخل, وبذل جهوداً بحثية جادة للحصول على وثائق ومخطوطات كشفت دقائق هامة من التاريخ السياسي لفلسطين وهو ينتمي الى دائرة المثقف البريطاني الذي تبنى القضية الفلسطينية وطرحها من أبعاد موازية الى الرؤية العربية اذ جاء في مقدمته للكتاب (قضية العرب قد أخفيت منذ اللحظة الاولى عن اسماع محاكم الرأي العام, ولو أنهم كسبوا قضيتهم هنا (لدى رأينا العام) لوضع حل عادل لهذه القضية في مكان آخر. لكن العرب لم يتمكنوا حتى هذه اللحظة من تعريف الناس تعريفاً كاملاً بقضيتهم وخصوصاً في بريطانيا العظمى, حيث كان من الضروري جداً أن تكون معروفة). وقد أبدى المؤلف في مقدمته المختزلة لفصول الكتاب الاربعين موقفاً منافيا للنظرية الصهيونية التي ترمي الى تأسيس وطن قومي لليهود على أسس سياسية. (الجمهور البريطاني قد سمع مرات ومرات لصالح تلك النظرية التي تنادي بفرض اليهود بالقوة الغاشمة على الديار المقدسة.. ليس ككيان ديني بل ككيان سياسي). ورغم أن كتاب (فلسطين اليكم الحقيقة) يعتبر من المراجع الهامة في تاريخ تلك المرحلة في بواكير النزاع العربي الصهيوني, لكن المؤلف اعتبر أن طرحه لم يرتق الى الشمولية التامة كون طريق البحث في هذا المجال شائكاً بمعوقات عدة حيث جاء في مقدمته: (إننا نحن ــ الذين نعطف على العرب عطفاً إيجابياً ــ نمثل نفراً قليلاً.. نفراً يستحق الرثاء. لقد كتب علينا أن نكون قلة لأن الإلمام بقضية العرب وبالحقائق الموضوعية فيما يتعلق بفلسطين ليس من الميسور لإنسان ان يبلغه في بريطانيا بسهولة ويسر وبالطرق المألوفة). وقد عزى المؤلف هذه العوائق الى السياسة البريطانية والقوى الصهيونية. (بينما كانت تقف في وجهنا حكومة بريطانيا العظمى والجمعيات الصهيونية بفروعها الاخطبوطية المنتشرة في أرجاء العالم). ولعل اللهجة الحادة التي انتهجها المؤلف والتي كانت بعيدة عن الوسطية, هي السبب الابرز في محاولة تطويق وقمع هذا المؤلف كما اوضح في مقدمة الكتاب. (لم أترفق بساسة معنيين من ساستنا إذ ليس هناك, فيما أعتقد, سبب يدعوني الى التورية وتلطيف العبارة, الى القول بأن هؤلاء الرجال وتلك الحكومات كانوا مخطئين او ضللتهم النصائح المغرضة, او انهم انتهجوا, مجرد انتهاج, سياسة خاطئة في فلسطين أو تقبلوا عن غباء مهمة الاضطلاع بانتداب مخرب. لأنهم لم يفعلوا شيئاً من هذا القبيل, بل انتهجوا سياسة محواها الغش والزيف والضلال لقد سلبوا العرب, عنوة واغتصاباً, حقوق العرب الطبيعية الموروثة في بلادهم). وتمحور جوهر رسالة الكتاب بخطاب للمجتمع البريطاني الذي طالبه بتقديم ساسته الى المحاكمة, وفي حين كان كتاب (جفريز) على وشك الصدور, بعثت الى المؤلف رسائل من قبل رجالات الحكومة البريطانية تحثه على عدم نشر الكتاب وذلك بحجة ان بريطانيا وهي تحاول جمع شعوب اوروبا في جبهتها لمواجهة الخطر النازي فإنه من غير المبرر طرح مخازي ساسة بريطانيا السابقين لكن رد جفريز جاء واضحاً في تقديمه للكتاب (كيف لنا أن نرفع اصواتنا بالاحتجاج على معسكرات الاعتقال في بروسيا حين تكون لنا في فلسطين معسكراتنا؟ وكيف نستطيع ان نستنكر طرد الألمان لليهود حين نقحم اليهود على العرب بالعنف نفسه؟). وكعادة الدعاية الصهيونية, في درء المثقف المعني بمعالجة منهجية وابعاد الايديولوجية الصهيونية فقد الصقت بالمؤلف تهمة العداء للسامية, وهذه التهمة قد تنبأ بها المؤلف قبل نشر كتابه وارفق بمقدمة مؤلفه دفاعاً موجزاً من هذه التهمة. (وقد اتهم بكتابتي بأني معاد للسامية. ويجب علي أن اتجاوز هذا الاتهام. لكني لم ارتبط في اية يوم من الايام قط بأية علاقة بالمعاداة للسامية. واني ارى في اضطهاد اليهود في وسط اوروبا عاراً صارخاً وسبه في جبين الانسانية بقدر ما يكون فرضهم على العرب عاراً صارخاً وسبة في جبينها).
https://www.albayan.ae/five-senses/2000-11-02-1.1040311
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك