الرحيل : قصص قصيرة


تأليف :

الناشر : الشارقة : اتحاد كتاب وأدباء الإمارات

سنة النشر : 1992

عدد الصفحات : 81

الوسوم - أدب

تقييم الكتاب

شارك مع أصدقائك تويتر فيسبوك جوجل


بعض الأعمال الأدبية تكون بمثابة علامات بارزة في مسيرة أي كاتب، هي لحظة إبداعية لها بريقها الخاص وأثرها في تجربة المؤلف، سواء كانت قصة أو قصيدة أو رواية وغير ذلك من أنماط الكتابة الإبداعية، بحيث لا يشار إلى كاتب معين إلا ويتذكر له الناس النص الأكثر مركزية في مؤلفاته، وذلك ما يسمى بالنصوص الأساسية.
قصة «الرحيل»، للكاتبة الرائدة شيخة الناخي، وهي من الأعمال الأكثر شهرة في الإمارات، وربما الخليج، كانت بمثابة بداية قوية للمؤلفة، حيث يعد هذا النص هو التأسيسي في مجال السرد القصصي بالنسبة للنساء الكاتبات، إذ إن شيخة الناخي هي أول امرأة تقوم بنشر قصة قصيرة في الدولة، وهي هذا النص «الرحيل»، ومن هنا فهو يمتلك خصوصية بالنسبة للكاتبة وللقراء في ذات الوقت، ولئن كانت بعض الأعمال تشكل محطة ومنعطفاً مهماً للمؤلف، فإن «الرحيل» كانت نقطة الانطلاق الأولى، لكن أهمية هذا العمل القصصي لا تُختزل فقط في كونه مثل نقطة البداية للسرد النسائي في الإمارات، بل للقيم والأبعاد الجمالية، والأسلوبية اللافتة للكاتبة في توظيف العديد من التقنيات السردية، وكذلك في الفكرة نفسها التي تشير إلى قوة الالتقاط عند الكاتبة.
منذ الوهلة الأولى جاء العمل منسجماً مع عنوانه الذي صمم كعتبة نصية تسعى لتهيئة القارئ لفكرة وموضوع السرد وهو «الرحيل»، الذي يتضمن مشاعر الوداع والفقد وغير ذلك من أحاسيس طغت على روح النص وتسللت إلى المتلقي، وعمقت الكاتبة هذه الفكرة من خلال مقدمة العمل التي جاء فيها: «الحياة سفينة تعوم فوق بحر غامض عجيب، لا أمان له، يصوّر لك الأحلام حلوةً كخيوط أشعة شمس الغروب الذهبيّة اللامعة المرسلة عبر أطياف الشفق الأحمر الخلّاب، يدغدغ قلوب العاشقين، ويزيد من هيامهم، ويصوّر لهم الأحلام في إطار من خيال متجدّد، كلّما غاب عنهم عاد حاوياً أحلامهم العذبة.. وتارةً تجد هذه السفينة في يمّ هادر ثائر، يأتي على كلّ شيء، يجرفه بتياره الغاضب، لا يرحم ركّابها»، ولعل هذا المقطع يعطي القارئ تلخيصاً لفكرة الحياة نفسها كسفينة تمضي بنا في بحر الحياة كرحلة يخوضها الجميع، حيث إن فكرة الفراق والرحيل أساسية في مسيرة البشر وتفاصيلهم اليومية.
تتحدث القصة عن حكاية حب جمعت بين علياء وسعيد، عشق مختلف فلا سبيل للقاء غير لحظات عابرة، وذلك بسبب الواقع الاجتماعي في ذلك الوقت؛ حيث العادات والتقاليد، وهو حب حكم عليه بالموت لأن سعيد، على خلاف علياء، من أسرة فقيرة فكان مصيره الرفض، وكان لذلك أثره في علياء التي عاشت في ظل الكآبة حتى مماتها المروع، لتضعنا الكاتبة أمام رحيل مركب، الأول هو المتعلق بوداع الحبيب الذي أعلن استسلامه وخروجه من حياة محبوبته، والثاني قصة رحيل علياء نفسها عن الدنيا، ولئن كانت هذه الفتاة هي من تجرعت مرارة الفقد في الحالة الأولى، فإن بطل المأساة الثانية هو الأب الذي فجع برحيل ابنته في مشهد مؤثر، فالقصة تقودنا عبر طرق سهلة ولطيفة نحو قضايا النساء بعقد مثل هذه المواجهة المأساوية الملحمية بين الأب وابنته.
على الرغم من أن النص هو الأول للكاتبة، فإنه حمل العديد من التقنيات التي أكدت تمكن المؤلفة من أدواتها، خاصة فيما يتعلق بالاختزال والتكثيف، فعلى الرغم من أن الحكاية محرضة على ذكر الكثير من التفاصيل وتوظيف المشهديات والصور وربما الحواريات كذلك، فإن المؤلفة نجحت في عملية التكثيف وصولاً إلى المعنى عبر لحظات وومضات محتشدة بالمعاني الإنسانية، ما جعل السرد يحتفظ بالأبعاد الجمالية والفكرية معاً، حيث مرت الكاتبة من ثقل لحظة موت بطلة الحكاية بحادثة سير وهي تحاول اللحاق بمحبوبها، عبر دعوة المتلقي إلى التأمل في الدوافع الإنسانية وفي الأقدار التي تحكم مصير البشر.
كذلك برعت الكاتبة في رسم الشخصيات ومنها شخصية البطلة نفسها التي تقاتل من أجل حبها رغم القهر والظروف، بالتالي هي نموذج إيجابي لم يستسلم، وفي المقابل كانت هناك شخصية سلبية وهي التي جسدها سعيد الذي لم يفعل الكثير من أجل محبوبته فقد أعلن الرحيل، بينما هناك شخصية هي الأكثر تعقيداً تجمع بين المحبة والتسلط في ذات الوقت، وهي التي جسدها الأب، كما نجحت الكاتبة في توصيل المشاعر المتناقضة عبر وصف أحاسيس علياء وتصوراتها عن الحياة، ما يخلق نوعاً من التعاطف مع قضيتها وموقفها، ولعل النقطة الأكثر إشراقاً في النص تطور القصة نفسها من لحظات هادئة إلى قمة الصراع الذي أخذ أشكالاً وأبعاداً متنوعة.
كتبت شيخة الناخي قصة الرحيل عام 1970، وشاركت بها في مسابقة للكتابة الإبداعية التي نظمتها وزارة الشباب والإعلام حينها لتشجيع الأقلام الناشئة على الكتابة، ففازت هذه القصة بالمركز الأول، وكان ضمن لجنة تحكيم المسابقة الراحل الدكتور نجيب الكيلاني، ونشر النص في عدد من المجلات مثل «أخبار دبي»، و«صوت المرأة»، في الشارقة، وترجمت إلى العديد من اللغات، ثم نشرت القصة ضمن مجموعة قصصية تحمل ذات الاسم عام 1992 صدرت عن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات.
https://www.alkhaleej.ae/2025-07-14/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%8A%D9%84-%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%AA%D8%A4%D8%B3%D8%B3-%D9%84%D9%84%D8%B3%D8%B1%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D9%88%D9%8A-6000756/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9

http://www.alkhaleej.ae/alkhaleej/page/a9a5a0c1-060a-4949-8313-38ff8206c934



هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك

تعليقات الزوار


الرحيل : قصص قصيرة

التبراة : والجمع ( تباري ) وهي المغاصة التي يكثر في قاعها المحار الذي يحتوي على اللؤلؤ . فيقال ( المركب عنده تبراه ) أي وجد مغاصة يكثر فيها اللؤلؤ في قاعها الرملي . وقيل أن مناطق ( التبراة ) تسري ليلاً من مكان إلى آخر ، وأن المحار يطوف على سطح البحر ، فيلمع وكأنه ألوف المصابيح الدقيقة المنثورة على سطح البحر ، فتلاحقه سفينة الغوص حيثما ذهب . ( معجم الألفاظ العامية في دولة الإمارات العربية المتحدة )

التبراة : موقع إماراتي يتناول مئات المواضيع التي تضيء شعلة حب الكتاب لدى أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة ( شخصيات وهيئات ومؤسسات ) في نشر ودعم الكتاب على مستوى العالم وبكل اللغات . كما يعرض لأكثر من ألف عنوان كتاب يتم نشره سنوياً منذ بداية الألفية الثالثة .

ملاحظة : الموقع عبارة عن قاعدة معلومات فقط  ، و لا يتوفر لديه نسخ من الكتب ، ولا يقوم بإعلانات تجارية سواء للكتاب أو المؤلف أو الناشر .

عداد الموقع

الكتب
37226
المؤلفون
20449
الناشرون
1951
الأخبار
10965

جميع الحقوق محفوظة - موقع التبراة