سنة النشر :
2003
عدد الصفحات :
60
تقييم الكتاب
تناولت الموضوع من ثلاث زوايا فتساءلت فى الزاوية الاولى عن الطوارق متتبعة دلالة الكلمة وأصلها وتاريخ المجتمع الذى تدل عليه ودوره فى الصحراء وعاداته وتقاليده وظروف عيشه وادابه وتركيبته الاجتماعية ومكانة المرأة فيه. وفى هذا السياق بينت الدراسة أن اسم الطوارق قد يكون مشتقا من وادى «تاركة» الذى ورد ذكره فى كتابات البكرى وهو الوادى المعروف حاليا بوادى «الساقية الحمراء» وأن «تارجة أو تارقة» قبيلة من قبائل صنهاجة تكلم عنها ابن حوقل فى القرن العاشر الميلادى وذكر ابن خلدون بعد ذلك أنها عمرت صحراء الملثمين قبل قيام دولة المرابطين وكان لها دور كبير فى قيام تلك الدولة. كما استقصت الدراسة بعض العادات والقيم مبرزة أن سمة البداوة والتشبث بالاصالة ظلت مرافقة لمجتمع الطوارق الامر الذى جعل ذلك المجتمع يحافظ «حتى اليوم» على عادة اللثام التى تنبه اليها الشعراء والمورخون قديما وتباينوا فى تفسير سببها. ووقفت الدراسة فى الزاوية الثانية عند الصورة التى يقدمها الرحالة الغربيون مبرزة ما يشوبها من تناقض وما يتخللها من غموض وحقد بسبب الغايات الاستعمارية التى كانت تحركها حيث كان الطوارق حينا رمزا للشجاعة والوفاء وأحيانا صورة للعنف والغلظة والوحشية. كما رسمت الدراسة مشاهد من مقاومة الطوارق للمستعمر والخسائر التى تكبدها بسبب تلك المقاومة وما لقيه الطوارق جراء ذلك من انتقام السلطات الاستعمارية الامر الذى انعكس بصورة مباشرة على واقعهم المعيشى حيث استهدفت السياسة الاستعمارية بلقنة المنطقة واعادة رسم حدودها بحيث يكون مجتمع الطوارق مفتتا بين دول متعددة ولا يستطيع تحيق ذاته فى أى منها. كما تتبعت الدراسة فى الزاوية الثالثة واقع مجتمع الطوارق فى الوقت الراهن وما يعانيه على المستويين الشعبى والسياسى من ظروف تمثلت فى الحروب التى قامت أخيرا بين الحركة الوطنية لهذا الشعب وبين بعض الحكومات التى يتواجد بها.. تلك الحروب التى خلفت ضحايا والاف اللاجئين فى موريتانيا والجزائر وأفقدت كثيرا من الاسر منازلهم فتازر ذلك مع موجة الجفاف التى اجتاحت المنطقة وكيف تمت المفاوضات بين الثوار من جهة وبين تلك الحكومات من جهة أخرى برعاية بعض المنظمات والدول وطبيعة الاتفاق الذى تم ومدى امكانية تطبيقه. وقدمت الدراسة بتركيزها على الزوايا الثلاث السابقة صورة حية عن موضوع الطوارق والصحراء يخرج منها القارى بفكرة موداها ما يعانيه ذلك المجتمع من ظروف سياسية واقتصادية نتيجة لسياسة الاستعمار ووطأة الجفاف وعدم تجاوب بعض البلدان مع مطالب هذا المجتمع الاصيل الذى ساهم بدور كبير فى تاريخ المنطقة والذى أفقده الجفاف وسائل عيشه ووجد أبواب الدول التى ينتمى اليها موصدة فى وجهه. وتتمثل قيمة الدراسة فى طرافة موضوعها الذى ظل تناوله فى العصر الحديث حكرا على الدارس الغربى وخضع الحديث عنه فى غالب الاحيان للنظرة الاستطلاعية أو الانتروبوجية بهدف السيطرة الاستعمارية دون محاولة استكناه حقائق المجتمع وأبعاده التاريخية ومشاكله الواقعية الامر الذى جعل القارى لا يعرف الصورة الحقيقية لمجتمع تحدثنا الكتابات العربية فى الفترة الوسيطة أنه كان ذا دور بارز فى نشر الاسلام بل أن تمبكتو عاصمة الاقليم الذى ينتمى اليه كانت حتى منتصف القرن التاسع عشر من أبرز حواضر الثقافة العربية والاسلامية وما زالت حتى اليوم و رغم الخطوب وعوادى الزمن تحتفظ ببعض بريقها العلمى والثقافى. كما أن الحصافة المنهجية والتوثيق العلمى الدقيق والعرض المركز والشيق لاحداث الماضى والحاضر كلها خصائص وسمات ميزت هذه الدراسة وأهلتها لان تكون فى المستوى الذى يثرى المكتبة العربية ويخدم الحقيقة العلمية.
https://www.albayan.ae/across-the-uae/2002-03-16-1.1327650
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك