المدعوة غريس


تأليف :

المترجم :

الناشر : الشارقة : كلمات للنشر والتوزيع ، روايات

سنة النشر : 2021

عدد الصفحات : 525

ردمك ISBN 9789948379775

الوسوم - أدب مترجم - رواية

تقييم الكتاب

شارك مع أصدقائك تويتر فيسبوك جوجل


ما بين عوالم الحب والجريمة والجنون تتجول رواية «المدعوة غريس»، للكاتبة الكندية مارغريت آتوود، التي صدرت في نسختها العربية عن دار «روايات» في طبعتها الأولى عام 2021، بترجمة: نوف السعيدي، وهي من الأعمال السردية التي تعالج العديد من القضايا الاجتماعية والمتعلقة بوضعية النساء كذلك ونضالهن من أجل التحرر، غير أن اللافت في هذا العمل هو تلك الحبكة التي بنتها المؤلفة ببراعة بحيث أنها حشدت الرواية بمواقف فكرية وفلسفية حول الحياة والوجود والمجتمع، ليأتي العمل بشكل مبتكر في بنائه وسردياته المتنوعة.
في الرواية يجد القارئ نفسه في تشويق مستمر وتأمل دائم طوال متابعة أحداث العمل المتشعبة، فالعمل يحتاج بالفعل إلى قارئ ذكي يجيد قراءة ما بين السطور والتقاط التفاصيل الصغيرة والعلامات والرموز التي وضعتها الكاتبة بعناية فائقة كدلالات تضيء عوالم النص وتفسر خباياه.
وما يميز هذه القطعة السردية أنها بنيت على أحداث ووقائع حقيقية جرت في القرن التاسع عشر، وهي عبارة عن جريمة قتل شغلت الرأي العام في كندا والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا لفترة طويلة، وهي الجريمة التي وصفتها الصحافة آنذاك بوصف غريب وهو «الانحطاط اليائس في الطبقة الدنيا»، في إشارة للجرم الكبير الذي وقع وكان له تأثيره في حياة بعض البشر، كما تحمل دلالة أخرى على أن من قام أو قامت بالجريمة تنتمي إلى الطبقة الفقيرة من المجتمع، وهي القوى الاجتماعية التي دائماً ما ترمي بالشرور، وذلك نسبة لحياة البؤس التي تولد النزوع نحو الجريمة، وهنا يندلع جدل من نوع آخر، وهو إلى أي مدى يكون الإنسان ضحية البيئة والظروف التي تحيط به؟ وذلك هو السؤال الذي تتناوله الرواية.
تبدأ تفاصيل الحكاية مع العاملة غريس ماركس، بطلة الرواية، وهي شابة صغيرة غدت من أشهر النساء في كندا وأمريكا، وذلك بسبب كونها قد دينت بقضية قتل في عام 1843 عندما كانت في السادسة عشرة من عمرها، إذ تُتهم غريس بقتل سيد المنزل وعشيقته، وذلك بالتعاون مع الخادم الآخر، جيمس مكدرموت، وفي حين يصدر حكم بإعدام شريك غريس في الجُرم، تُتهم غريس بالجنون وتودع في مصحة عقلية وفقاً لادعائها أنها لا تتذكر وقائع الجريمة. وتبدأ غريس في رحلة طويلة مؤلمة متنقلةً بين السجون، والمصحات العقلية وجلسات العلاج النفسي. وتزداد وتيرة الأحداث عندما يوفد الطبيب الأمريكي النفسي سايمون جوردان بهدف الاطلاع على سلامة غريس العقلية والنفسية قبل الإفراج عنها تأكيداً على قابليتها للانخراط في المجتمع من جديد.
ويأخذنا السرد نحو منعطف جديد عندما تبدأ جلسات غريس للعلاج النفسي مع د. سايمون جوردان، ومن هنا تبدأ تفاصيل مختلفة من خلال الغوص العميق في دواخل عقل غريس، حيث يعود السرد بالقارئ إلى نقطة ما قبل وقوع تلك الجريمة، وصولاً إلى مرحلة ارتكابها والظروف التي تشكلت وتكونت وقادت إلى تلك الواقعة، أي الجريمة النكراء، حيث يأخذنا السرد في رحلة عن حياة بطلة الرواية منذ ولادتها في إيرلندا لعائلة فقيرة تُعاني الجوع وغياب الحاجات الأساسية، والذي يدفع العائلة للهجرة إلى كندا، وتتوالى بعدها الأحداث عندما تروي غريس تفاصيل عملها كخادمة، وهي لا تكاد تبلغ الثالثة عشرة من عمرها، وكم الأهوال والصعوبات التي تتعرض لها حتى وصلت إلى بيت أ. كينير حيث تلتقي هناك بمدبرة المنزل، نانسي مونتغمري، وهو المنزل الذي وقعت فيه جريمة القتل الشهيرة.
تثير هذه الجلسات مختلف الأفكار والتخيلات في فكر القارئ وتختلط الحقيقة بالخيال وتصعُب معرفة ما إذا كانت غريس ماركس هي شخصية شيطانية مذنبة بقتل روحين بدم بارد أم أنها ضحية فقر مدقع وحظ سيئ، وربما لا تمضي الرواية كثيراً في وضع إجابة حول ذلك الأمر، إذ إن ما فعلته الكاتبة هو وضع تصورات خاصة بالإنسان نفسه ومسيرته في الحياة والظروف التي ينشأ فيها، وبصورة أكثر تركيزاً على حياة النساء لكونهن يقعن تحت هيمنتين الأولى هي الفقر، والثانية هي الهيمنة الذكورية، حيث إن جرم المرأة يختلف عن الرجل، من حيث تعامل المجتمع ومنظوره للنساء، فهناك التقاليد الصارمة، والنظرة المحدودة تجاه المرأة.
العمل وجد صدى كبيراً في الغرب وحول العالم، واعتبرت هذه الرواية من الأعمال السردية الكبيرة التي يخلدها التاريخ، ووصلت إلى القائمة القصيرة للبوكر عام 1996، وفازت بجائزة «جيلر»، الكندية، إذ استقطبت القصة آراء الصحافة والجمهور معاً، لاحتوائها على مزيج من الحب، والعنف، فضلاً عن تلك الصبية التي تُتهم بالعنف، الأمر الذي يستقطب فضول الأطباء النفسيين، والكتاب، وكل من يحاول فهم الحالة البشرية من خلال أكثر أشكالها تطرفاً، كما تكمن قيمة العمل في لغته، وفي كشفه عن آراء ذلك الوقت حول طبيعة النساء، وتمثيله لقرن لا تمتلك فيه النساء أية سلطة، وربما ذلك ما دفع النقاد إلى الإشادة بالرواية حيث وصفوها بالعمل الذي اقترب من الكمال.
تتميز الرواية بكونها قد بنيت على الكثير من الأساليب السردية التي تجمع بين الأبعاد الجمالية والفكرية في ذات الوقت، فهي تثير الأسئلة وتحرض على التفكير، ولا تعتمد على تناول الجريمة في بعدها السطحي بل تنفذ إلى ما وراءها والأسباب التي أدت إليها، كما أن الكاتبة أبدعت في رسم الشخصيات التي تعلق بذاكرة القارئ خاصة بطلة العمل وبقية الشخصيات الرئيسية والثانوية والحكايات والأفكار المتعلقة بتلك الشخوص، كما أن الحبكة نفسها متعددة المستويات ومتشابكة بطريقة مذهلة، بحيث إن الحقيقة تصبح لغزاً لا حل له، ولعل أكثر ما يلفت النظر هو اعتماد الكاتبة على اللغة الساحرة الشاعرية وصناعة الصور والمشهديات، واعتبرت الرواية بمثابة نافذة على المجتمع الكندي في القرن التاسع عشر، وهي تقود المتلقي إلى اكتشاف الكثير من العوالم المجهولة والمظلمة داخل النفس البشرية، وتحمل الكثير من التصورات والأسئلة حول مصائر البشر وعن نظرة الإنسان نحو الحقيقة وبحثه الدائم عنها.
https://www.alkhaleej.ae/2025-01-29/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D8%B9%D9%88%D8%A9-%D8%BA%D8%B1%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B1%D8%A2%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9



هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك

تعليقات الزوار


المدعوة غريس

التبراة : والجمع ( تباري ) وهي المغاصة التي يكثر في قاعها المحار الذي يحتوي على اللؤلؤ . فيقال ( المركب عنده تبراه ) أي وجد مغاصة يكثر فيها اللؤلؤ في قاعها الرملي . وقيل أن مناطق ( التبراة ) تسري ليلاً من مكان إلى آخر ، وأن المحار يطوف على سطح البحر ، فيلمع وكأنه ألوف المصابيح الدقيقة المنثورة على سطح البحر ، فتلاحقه سفينة الغوص حيثما ذهب . ( معجم الألفاظ العامية في دولة الإمارات العربية المتحدة )

التبراة : موقع إماراتي يتناول مئات المواضيع التي تضيء شعلة حب الكتاب لدى أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة ( شخصيات وهيئات ومؤسسات ) في نشر ودعم الكتاب على مستوى العالم وبكل اللغات . كما يعرض لأكثر من ألف عنوان كتاب يتم نشره سنوياً منذ بداية الألفية الثالثة .

ملاحظة : الموقع عبارة عن قاعدة معلومات فقط  ، و لا يتوفر لديه نسخ من الكتب ، ولا يقوم بإعلانات تجارية سواء للكتاب أو المؤلف أو الناشر .

عداد الموقع

الكتب
37154
المؤلفون
20405
الناشرون
1948
الأخبار
10954

جميع الحقوق محفوظة - موقع التبراة