الشيخ المتصوف راشد بن مطر القاسمي


تأليف :

الناشر : الشارقة : منشورات القاسمي Sharjah : Al Qasimi Publications

سنة النشر : 2022

عدد الصفحات : 32

ردمك ISBN 9789948043584

الوسوم - تاريخ - تراجم

تقييم الكتاب

شارك مع أصدقائك تويتر فيسبوك جوجل


يتتبع سموه في الكتاب واقعة هدم ضريح الشيخ حسن المدني في رأس الخيمة عام 1782، وردود فعل حاكمها آنذاك الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي، وذلك بأسلوب سلس وعذب موثق بالمصادر والمراجع كما عودنا سموه في كتاباته كافة.
كانت بلدة رأس الخيمة هادئة، في صباح يوم من أيام شهر يناير عام 1782م، وكان الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي قد أوكل إلى ابنه الشيخ صقر بن راشد بن مطر القاسمي، شؤون الحكم في رأس الخيمة.
كان الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي طاعناً في السن بعد أن حكم رأس الخيمة مدة اثنتين وعشرين سنة، وبينما هو جالس في مجلسه في ذلك الصباح في حصن رأس الخيمة، إذا بعدد من الرجال أمام باب الحصن يحاولون الوصول إلى مجلسه، بأصوات عالية والغضب باد على تصرفاتهم، وهم يصيحون: هُدّم ضريح الشيخ حسن المدني، وأضرحة أخرى.
هبّ الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي مسرعاً ناحية المقبرة، الواقعة إلى الجنوب من حصن رأس الخيمة، بين حصن رأس الخيمة وبستان النخيل على شاطئ البحر، وحينما وصل إلى المقبرة، وجد ضريح الشيخ حسن المدني قد تمت تسويته بالأرض، وكذلك قبر الولي زين العابدين بن عبد الله الحداد، وابن أخيه أحمد بن الحسين بن عبد الله الحداد، أصدقاء الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي وشقيقه الشيخ كايد بن مطر بن كايد القاسمي، شيخ رأس الخيمة السابق، وكانت للولي زين العابدين بن عبد الله الحداد وابن أخيه أحمد بن الحسين بن عبد الله الحداد كرامات كثيرة، وكانت آخر أيام حياتهما في رأس الخيمة، حيث كانت العلوم الدينية تدرس في رأس الخيمة، التي أسسها الشيخ حسن المدني في رأس الخيمة، بالطرق الصوفية.
أمر الشيخ راشد بن مطر القاسمي أن ترمم تلك الأضرحة وتعاد إلى ما كانت عليه.
كان الشيخ حسن المدني من السادة الحسينيين، فهو الشيخ حسن المدني بن السيد محمد بن السيد عبد الحميد الشناوي بن السيد محمد بن السيد حسن بن السيد إبراهيم بن السيد سليمان بن السيد محمود بن السيد عبد الرحمن بن السيد عمر بن السيد بدر الدين المُعادلي بن السيد أحمد المحرسي بن السيد صفي الدين بن السيد يحيى بن السيد عبد اللطيف بن السيد القاسم بن موسى الكاظم بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.
كان الشيخ حسن المدني من علماء الشريعة، قضى فترة من عمره معتكفاً في المسجد النبوي بالمدينة المنورة، من أجل العبادة والتنسك.
كان أجداد الشيخ حسن المدني في بغداد، وفيها تلقّى علومه الدينية، واتّبع الطريقة السهروردية، نسبة لأبي حفص عمر السهروردي (توفي 632ه / 1234م)، وهو فقيه شافعي من كبار الصوفية، وكان يلقب بشيخ الشيوخ.
انتقل الشيخ حسن المدني مع جده وأبيه إلى المدينة المنورة، ودرس فيها لمدة من الزمن، ثم غادرها عام 1087ه / 1676م أو 1088ه / 1677م مهاجراً مع أفراد عائلته وبعض مريديه إلى أن وصل إلى جلفار (رأس الخيمة) واستقرّ بها، ثم انتقل الشيخ حسن المدني إلى لنجة، التي أسّسها القواسم هناك، وكان يرشد الناس، ويعلمهم الطريقة.
وكانت طريقته تتضمن التهليل والتسبيح والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم ألف مرة في كل من صلاتي الصبح والعشاء، فاجتمع إليه خلق كثير لينهلوا من علومه.
عاد الشيخ حسن المدني إلى رأس الخيمة في عهد الشيخ كايد بن قضيب بن كايد القاسمي، جد كل من الشيخ كايد بن مطر بن كايد القاسمي، والشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي، وقد أصاب الشيخ حسن المدني المرض وتوفي في رأس الخيمة في عام 1105ه / 1693م، ودفن في المقبرة المذكورة، إلى الجنوب من حصن رأس الخيمة.
أعقب الشيخ حسن المدني ثلاثة من الأبناء، هم: 1- الشيخ مصطفى بن حسن المدني: فبعد أن أتم دراسته توجه إلى مسقط في عُمان، وسكن منطقة بركة، وتوفي هناك، ودفن فيها، حيث كان من المتصوفة المعتكفين في المساجد.
2- الشيخ أحمد بن حسن المدني، الذي كان يسكن في مدن الساحل الفارسي، فاجتمع حوله الكثير من المريدين من أهالي تلك المناطق.
3- الشيخ راشد بن حسن المدني: كان الشيخ راشد قد أقام في آخر حياته ببلدة شناص بالقرب من لنجة، وقد خفف من طريقة والده الشيخ حسن المدني.
انتشر خبر هدم ضريح الشيخ حسن المدني بين أتباع العلماء والمشايخ الذين أخذوا طريقة الشيخ حسن المدني، وهم: 1- الشيخ محمد بن صالح: من سكان شعم، وقبره في منطقة كمزار التابعة لخصب، وأتباع ابنه في خورفكان.
2- الشيخ علي بن إبراهيم العُماني: من سكان لنجة على ساحل فارس، وقبره في مقبرة لنجة.
3- الشيخ سالم بن حسان العبيدلي: من العبادلة الذين يسكنون ساحل فارس.
4- الشيخ محمد المغربي: من علماء قشم، وقبره في مقبرة باسعيدوه.
5- الشيخ عبد الرحيم العباسي بن حسن البستكي وإخوته الشيخ عبد القادر، والشيخ عبد الرحمن، وملا إسماعيل البستكي، وهم مشايخ بستك التي تبعد عن لنجة مسافة مائة وخمسين كيلومتراً على طريق لنجة / شيراز.
في رأس الخيمة، كانت الاتهامات تحوم حول أهالي مدينة الرمس الواقعة إلى الشمال من رأس الخيمة، وهم قبيلة الطنيج، وكذلك أهالي الجزيرة الحمراء الواقعة إلى الجنوب من رأس الخيمة، وهم قبيلة زعاب، كلتا القبيلتين من أصحاب السفن التجارية، وكانت أكثر أسفارهم بين الهند والحسا، ناقلين البضائع الهندية إلى الأحساء، ومنها ناقلين الخيول العربية إلى الهند.
في عام 1780م، كانت الدعوة السلفية قد انتشرت في منطقة الأحساء، وكانت جماعة من أصحاب سفن أهل الرمس والجزيرة الحمراء وهم طنيج وزعاب يترددون على الأحساء في تجارتهم، وأخذ البعض منهم يعتنقون الدعوة السلفية.
عندما رجع أهل الرمس والجزيرة الحمراء إلى بلادهم أخذوا يخالفون مذهب القواسم ومن يتبعهم وهو المذهب الشافعي، ومن مظاهره أن المصلين بعد صلاة الفجر، يقومون بالتهليل بصوت واحد، يتعدى المسجد إلى البيوت البعيدة، كما قامت جماعة الدعوة السلفية في الرمس والجزيرة الحمراء بإلغاء المذهب الشافعي، واستبداله بالمذهب الحنبلي، وأبعدوا كل مظاهر التصوف في الرمس والجزيرة الحمراء.
عاد الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي إلى حصن رأس الخيمة، وبرفقته ابن أخيه محمد بن كايد بن مطر القاسمي، الذي يطالب بحكم رأس الخيمة، وأخذ يوغل صدر عمه بأن من قام بهدم الأضرحة هم أهالي الرمس والجزيرة الحمراء، وأن الإهمال والتمادي من قبل الشيخ صقر بن راشد بن مطر القاسمي هو الذي دفعهم لذلك التصرف.
حضر الشيخ صقر بن راشد بن مطر القاسمي إلى مجلس والده، حيث طلب منه معاقبة قبيلة الطنيج في الرمس وقبيلة الزعاب في الجزيرة الحمراء.
رفض الشيخ صقر بن راشد بن مطر القاسمي طلب والده، مدّعياً أنه لا يوجد إثبات لاتهام والده لقبيلة طنيج في الرمس وقبيلة زعاب في الجزيرة الحمراء.
تيقن الشيخ صقر بن راشد بن مطر القاسمي من المؤامرة التي يحيكها ابن عمه محمد بن كايد بن مطر القاسمي لعزله من ولاية العهد في رأس الخيمة، فقام بحشد قواته حوله، وتجريد والده من أيّ قوات، حتى أصبح ما يشبه الحصار حول حصن رأس الخيمة.
قام الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي يطالب ابنه بمعاقبة أهالي الرمس والجزيرة الحمراء، وأنه سيترك البلد ويرحل إلى لنجة على الساحل الفارسي ما لم يتم معاقبة أهالي الرمس والجزيرة الحمراء.
قام الشيخ صقر بن راشد بن مطر القاسمي بتجهيز سفينة البغلة التابعة لوالده، وقد أخبر والده الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي بذلك، فركب الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي سفينة البغلة، وأركب محمد بن كايد بن مطر القاسمي مع عمه وتوجهت تلك البغلة بهما إلى لنجة على الساحل الفارسي. أما في رأس الخيمة، فقد التفت جماعة الدعوة السلفية من طنيج وزعاب حول الشيخ صقر بن راشد بن مطر القاسمي.
وصل الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي إلى لنجة، ومعه ابن أخيه، محمد بن كايد بن مطر القاسمي، وكان حاكم لنجة الشيخ قضيب بن سعيد بن كايد القاسمي، وهو ابن عم الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي، وهو الذي حماه في بداية حكمه من هجوم قام به حاكم لار.
اتخذ الشيخ راشد بن مطر القاسمي لنفسه داراً في لنجة، حيث وفد عليه العلماء والمشايخ من أصحاب الطريقة، طريقة الشيخ حسن المدني، الذين قد أزعجهم الاعتداء على قبر الشيخ حسن المدني في رأس الخيمة.
كان من بين من زار الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي، الشيخ حسن بن إسماعيل بن الشيخ حسن البستكي، الذي كان قائداً للمشاة في قوات الشيخ محمد خان البستكي حاكم بستك، وقد كان والده الشيخ إسماعيل بن حسن البستكي قد قدم معونات كثيرة لحاكم بستك محمد خان عندما أراد طرد الوهابيين الذين سيطروا على بندر عباس والجزر.
عرض الشيخ حسن بن إسماعيل البستكي على الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي المساعدة بالمال والجنود لطرد الوهابيين من رأس الخيمة، وتنصيب محمد بن كايد بن مطر القاسمي مكان الشيخ صقر بن راشد بن مطر القاسمي.
وبينما كانت الاستعدادات والترتيبات في سنة 1197ه / 1783م قائمة من طرف الشيخ حسن بن إسماعيل البستكي وحاكم بستك من جانب والإنجليز من جانب آخر على يد وكيل شركة الهند الشرقية في أبو شهر، يوسف إيليا إدوردJoseph Ilya Edward» صديق الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي، إذا بشيخ أبو شهر الشيخ ناصر المطروشي، يطلب من الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي التوسط بينه وبين شيخ العتوب، المقيم في الزبارة ببر قطر، بعد أن اعتدى على البحرين وقتل بعضاً من سكانها.
قام الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي بإرسال ابن أخيه محمد بن كايد بن مطر القاسمي إلى العتوب في الزبارة، حتى إذا ما وصل إلى شاطئ الزبارة، قام العتوب بالاعتداء على سفينة محمد بن كايد بن مطر القاسمي، فقتل محمد بن كايد بن مطر القاسمي ومن كان معه، واستولى العتوب على سفينتهم.
ضاعت كل آمال الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي في إبعاد الدعوة السلفية عن رأس الخيمة وإقامة المذهب الشافعي بالدعوة السهروردية على طريقة الشيخ حسن المدني، منهج أبيه وأجداده، فتعلق الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي بتلك الدعوة وأصبح أحد مريدي الشيخ حسن المدني.
زيارة
في عام 1787م، زار يوسف إيليا، وكيل شركة الهند الشرقية في أبو شهر، الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي، ليخبره بقرب نهاية عمله في وكالة شركة الهند الشرقية في أبو شهر، وقد أحضر معه رساماً من الهند ليرسم الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي، ليحتفظ يوسف إيليا بتلك الصورة.
وما هي إلاّ أشهر معدودة وإذا بيوسف إيليا يصل إلى لنجة ليقدم لصديقه الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي ساعة جيب ذهبية نقشت على جهة منها صورة الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي وعلى الجهة المقابلة لها نقشت صورة يوسف إيليا بمادة المينا وبالألوان الطبيعية وكتبت على جهة من الساعة، العبارة التالية: «إلى الحاج راشد القاسمي من محبه يوسف إيليا إدوغرد علامة الخلوص في سنة 1202ه».
وصل يوسف إيليا إلى مسكن الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي في لنجة، وإذا بالبيت مغلق والطرقات حوله خالية من المارة، ويخيم عليها السكون. استفسر يوسف إيليا عن الشيخ راشد بن مطر بن كايد القاسمي، فقيل له:«إنه توفي بالأمس».
https://www.alkhaleej.ae/2022-06-27/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%B5%D9%88%D9%81-%D8%B1%D8%A7%D8%B4%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D9%85%D8%B7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%B3%D9%85%D9%8A-%D9%83%D8%AA%D9%80%D8%A7%D8%A8-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D9%80%D8%AF-%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%B7%D9%80%D8%A7%D9%86/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%A7%D8%B1



هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك

تعليقات الزوار


الشيخ المتصوف راشد بن مطر القاسمي
التبراة : والجمع ( تباري ) وهي المغاصة التي يكثر في قاعها المحار الذي يحتوي على اللؤلؤ . فيقال ( المركب عنده تبراه ) أي وجد مغاصة يكثر فيها اللؤلؤ في قاعها الرملي . وقيل أن مناطق ( التبراة ) تسري ليلاً من مكان إلى آخر ، وأن المحار يطوف على سطح البحر ، فيلمع وكأنه ألوف المصابيح الدقيقة المنثورة على سطح البحر ، فتلاحقه سفينة الغوص حيثما ذهب . ( معجم الألفاظ العامية في دولة الإمارات العربية المتحدة )

التبراة : موقع إماراتي يتناول مئات المواضيع التي تضيء شعلة حب الكتاب لدى أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة ( شخصيات وهيئات ومؤسسات ) في نشر ودعم الكتاب على مستوى العالم وبكل اللغات . كما يعرض لأكثر من ألف عنوان كتاب يتم نشره سنوياً منذ بداية الألفية الثالثة .

ملاحظة : الموقع عبارة عن قاعدة معلومات فقط و لا يتوفر لديه نسخ من الكتب .

عداد الموقع

الكتب
34793
المؤلفون
19165
الناشرون
1877
الأخبار
10560

جميع الحقوق محفوظة - موقع التبراة