سنة النشر :
2006
عدد الصفحات :
108
ردمك ISBN 9948043502
تقييم الكتاب
عبارة عن مقالات تنضّدت في حقول التراث الثقافي والشعر النبطي والفن والأدب، ومما جاء في تصديره للكتاب: ما هذا الكتاب إلاّ إغراء جميل لكي نرتشف من همة الكلمة وروعة المعنى، كتاب ورحلة وقصيدة، ولون تشكّل من دهشة الروعة، وفرجة الإيماءة: كلمة ولغة جسد، مع أحبتي الذين رافقتهم في دروب الودّ...
وكما هو واضح من هذا التصدير المفعم بالمشاعر والأحاسيس النابعة من وجدان شاعر، أن الكاتب إنما يكتب بقلب المحبّ للوطن وأعلامه، ولأصدقاء الثقافة والأدب ممن عايشهم لفترة، أو ممن قرأ عنهم.وهكذا فإنه في القسم من الكتاب سوف نجده متابعاً دؤوباً للتراث البحري بدءاً من مقالته الأولى عن الملاح الشهير أحمد بن ماجد ـ الذي فتح دروب البحر أمام العالم، وأغنى المكتبات بكتاباته وأراجيزه ومصطلحاته البحرية،
وليواصل بعدها رحلته في زنجبار وعربها وعروبتها، ومن هناك إلى جوليا موراندي و«جمعية الأقوال والحكم» ليكشف لقارئه عن دور هذه المرأة في تأسيس هذه الجمعية التي تعنى كما يتّضح من اسمها بالتراث الشفهي من أقوال مأثورة وحكايات وأمثال، وذلك إثارة أحلام الأجيال وحماسهم من خلال الحكايات والأقوال المأثورة والحكم،
فيدعو إلى إنشاء جمعية أهلية في الإمارات للعناية بهذا الضرب من الإبداع، ومن الجانب الإماراتي، فإنه سوف يفرد قسماً واسعاً للحديث عن الراوي راشد الشوق الذي يصفه بـ «الموسوعة المتحركة» التي تكتنز بالكثير من الشعر والحكايات والأمثال والعادات والتقاليد والعمارة الشعبية وكلّ ما له علاقة بالتراث الشعبي،
وإلى ذلك يذكر المؤلّف أن راشد الشوق كان قد انفق الكثير من الأموال لشراء مقتنيات تراثية شبيهة بتلك التي فقدت، كما أنه سافر إلى عُمان والهند لاستكمال مجموعته، إلى جانب اهتمامه بالتصوير الفوتوغرافي، وكان من أوائل المواطنين الذين امتهنوا هذه المهنة.
ومن الشخصيات العربية التي تناولها في الكتاب يستوقفنا اسم سلام الراسي شيخ الأدب الشعبي بالبنان، ليقدّم إضاءات وافية عن كتبه «الناس بالناس» و«أدب الناس للناس» و«اقعد أعوج واحكي جالس»، ليكشف من خلالها عن مخزون ثقافي نابع من عمق الثقافة العربية.
أما رونالد كودري المصوّر الذي دوّن لهجة الإمارات على حدّ تعبيره، فهو المصوّر الإنجليزي المولود عام 1924 وزار الوطن العربي للمرة الأولى وهو في الثانية والعشرين من عمره كدارس في مركز الشرق الأوسط للدراسات، ثمّ امضى ثماني سنوات في الإمارات العربية المتحدة،
وقد أصدر ضمن سلسلة الألبوم العربي ثلاثة مجلدات عنها: (أبوظبي، دبي، المشايخ الست)، ويذكر المؤلّف أن كودري هذا كان أول من صوّر بالملوّن، وكان متعاقداً مع الناشيونال جيوغرافيك الأميركية لإجراء تقرير مصوّر عن المنطقة عام 1949.
ومن كودري إلى هداية سلطان السالم، أوّل خليجية رحّالة تزور الإمارات عام 1968، وقد اعتبر كتاباتها من أصدق ما كتب عن الإمارات كتسجيل حيّ ومباشر، وإلى ذلك يذكر المؤلّف أنها صحافية بارزة، وتعدّ من أقد الخليجيات اللواتي امتهنّ مهنة الصحافة، وكانت رئيسة تحرير مجلة «المجالس» الكويتية.
وفي القسم الثاني من الكتاب: دروب الفن والأدب، يواظب المؤلّف على تناول الشخصيات الثقافية من معارفه وأصدقائه الذين أثروا الساحة الثقافية، بدءاً من المسرحي المعروف «عبد الله المناعي» الذي تربطه به علاقة طيبة تعود إلى الثمانينات، عندما التحق بمسرح الشارقة الوطني، وإلى ذلك يقول: وبقي المناعي دائماً رمزاً وطنياً جميلاً من رموز الأصالة والانتماء والإبداع، فهو المخرج الممثل والكاتب والرسّام وخزّان كبير للمعلومات التراثية.
ومن المناعي إلى الفنان التشكيلي المرحوم عبد اللطيف الصمودي: «وردة الغصن الأخضر كما أسماه، وعبد اللطيف كما هو معروف كان أمضى الشطر الأكبر من حياته عاملاً في الحقل التشكيلي والثقافي بدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، وقد أحدث رحيله المبكّر صدمة لمحبيه وأصدقائه وزملائه،
ومنهم كاتبنا الذي عبّر عن مدى حزنه قائلاً: «فور علمي بنبأ رحيله تذكرته غصناً أخضر يحمل ورداً كذاك القميص وذاك المعطف، لا أعلم إن كانت لهذه الصورة معاني جميلة أخرى لا أعرفها، ولكنها حتماً ستكون جميلة كفنه الجميل وإشراقته الحلوة، إذ إن هناك أناسا لا يمكن إقصاؤهم عن موارد الحبّ، وشواطئ الذاكرة،
فكلما ظمئت للودّ رأيتهم على مورده، وكلّما أبحرت تعود إلى شواطئهم، هم دائماً أقرب إلى قبلة القلب وروض البهجة». في هذا الفصل يتّجه المؤلف لقراءة نحو خمس وستين قصيدة من شعر المغفور له الشيخ زايد، محاولاً تصنيف مفردات الطبيعة المختلفة في أشعاره،
وليؤكّد من خلالها علاقة الشيخ زايد بالطبيعة، وتوظيفه لرموزها، حيث يذكر أنه قد ورد في شعره كثير من المسميات عن ظاهرات سطح الأرض بأسماء علمية تدلّ على دقّة المشاهدة وحسن التصوّر ومن هذه الأسماء: لُجة، حدود، توعّرت، البيد، ريف، مزموم، الظفرة، الرمل، بينونة، وديان، جبل، قيعان، قفر، سيوح، فلاة.
وإلى ذلك سوف يرصد عناصر المناخ في شعر الشيخ زايد، وبالأخصّ المطر وما يرافقه من برق ورعد وغيوم ورياح، وعنايته كذلك بكثير من مصطلحات الزراعة وأسماء الزهور، ويورد في نهاية بحثه الأشعار التي تضمنت هذه المسمّيات.
وإلى ذلك سوف يتابع الباحث رحلته في الشعر النبطي مع الماجدي بن ظاهر الشاعر المثير للجدل بتعبيره، وسوف يؤكّد أن الشعر النبطي في الإمارات قد اقترن بـ (المايدي)، فهو أوّل من ذُكر من شعرائهم، وكان لنهجه ولغته وزهده وعفافه ما جعله في مقدمة معاصريه،
كما أن ارتحاله من مكان لآخر وسياحته في الإمارات كان سبباً رئيسياً في انتمائه لكلّ الإمارات ولكلّ الإماراتيين، حيث أثبت ابن ظاهر منذ قرون أن كيان الدولة واحد، وأنها تشكّل وحدة سياسية وثقافية واجتماعية واحدة لا تتجزّأ.
أما راشد الخضر، شاعر الأسرار كما سمّاه، فهو بتعبير حمد بو شهاب شاعر يمتاز بنظمه النبطي والفصيح وبأسلوب لطيف جذّاب آخذ بالألباب، تزدحم فيه الصور البلاغية والمحسنات البديعية التي لا تؤثّر على متانة المعنى، وإلى ذلك يذكر المؤلّف أنه كان مصوّراً بارعاً قويّ المعاني من غير تكلّف، مكثر من النظم بريشة حبرها السحر وحدّتها الإبهار.
ومن ناحية أخرى سيتطرّق المؤلّف إلى قراءة المكان في شعر علي بن رحمه الشامسي، فيلحظ أن المكان ظلّ بمثابة الهاجس لديه سواء بكينونته أو بشخوصه الحقيقيين أو الرمزيين ومن خلال زمن واقعي محدد أو متخيّل، وقد مثّل له المكان حيوات مختلفة سالفة وآنية ومستقبلية، ويعود سبب اهتمام الشاعر بالمكان بحسب تعبيره إلى هجره للمدينة وابتعاده عن ضجيجها وازدحامها.
وإلى ذلك فإنه سوف يفرد فصولاً إضافية لكثير من الشعراء من مثل: راشد بن طنّاف، شاعر الألغاز والأعاجيب، والشاعر المنسيّ صقر النعيمي، وحمد بو شهاب، وياقوت سيف، ومحمّد بن مساعيد.ويأتي القسم الأخير من الكتاب على شكل متابعات وجدانية وتعريفية لبعض أصدقائه من الشعراء والنشطين الثقافيين من مثل الشاعر ناصر النعيمي، الذي اعتبره احد أهم القامات الثقافية في الإمارات، لما كان له من إسهامات إيجابية بارزة، ودور كبير في النهوض الثقافي الإماراتي،
حيث يذكر أن ناصر النعيمي وآخرين ساهموا في تأسيس النادي الوطني للثقافة والفنون بمدينة عجمان، ومجلة «مزون» التي جاءت لتسدّ فراغاً كبيراً في ساحة الشعر الشعبي، وإلى جانبه يأتي على ذكر كلّ من الشاعر عبدالله محمد العويس، وعبدالله ناصر سالم الخصيبي.
https://www.albayan.ae/paths/books/2007-04-02-1.764009
طبعات أخرى
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك