سنة النشر :
2022
السلسلة :
كتاب المسبار الشهري ، 187
تقييم الكتاب
عُرفت الحركات الإسلاموية بسلوكٍ يتبنى التغيير الجذري، ويقاوم فكرة الدولة عبر مهاجمة خدمات ومهام الحكومات، ومناهضة المجتمع عبر مهاجمة العُرى التقليدية والأسرية وضوابطها، والاستثمار في الخطابات الشعبوية الغاضبة، ونجحت في ترويجها ولم تنحسر جاذبيتها؛ إلا بعد تورّط الحركات الإسلاموية في تجارب الحكم، والتي أثبتت فشلها في إدارة الدولة، كما هو الحال مع تجربة حكم الجبهة القومية الإسلامية في السودان (1989-2019)، وحركة حماس في غزة، ونظام ولاية الفقيه في إيران، ثم حكم الإخوان المسلمين في مصر (2012-2013)، وحكم حركة النهضة في تونس (2011-2021)، وحزب العدالة والتنمية في المغرب. فكانت النتيجة أن أُخرجت هذه الحركات من السلطة، عبر الانتخابات أو بإرادة الشارع التي اختُطِفَت العام 2011.
بدأ الكتاب بالعوامل المؤدية إلى هزيمة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في 8 سبتمبر (أيلول) 2021. وشرحت الدراسة الافتتاحية؛ أسباب فوزه بولايتين برلمانيتين متتاليتين (2011-2016). فلاحظت الباحثة التي قدمتها أنّ فوز الحزب الأوّل في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، كان نتيجةً لموقفه المزدوج إزاء «حراك 20 فبراير»؛ فقد استثمر غضب الشارع لرفع أسهمه في المساومة السياسية المتذاكية، متوكئاً على قول زعيمه إنهم: «تحللوا من يوتوبيا التغيير الثوري العنيف، والموقف الجذري من النظام السياسي»، وزعم وصوله وحزبه لنضجٍ سياسي يؤهلهم لخوض تجربة الحكم داخل الأطر الدستورية. أما الفوز الثاني؛ في 2016؛ فَتَوَظفَّت فيه شعارات المظلومية، وزادت المصطلحات التبريرية مثل: شماعة «الدولة العميقة»، وعبارات «العفاريت والتماسيح»، وانضافت جنبًا إلى جنب مع العزوف الانتخابي للمغاربة لحسم النتيجة لحزب العدالة والتنمية. ولم تأتِ الهزيمة النكراء في 2021، إلا بعد أنّ تبخرت دواعي الشعبية المصنوعة، بسبب فشل الحزب في امتحان تدبير الشأن السياسي المعقد، وتخبطه في إدارة مرافق الدولة، وتفاقم أزمات الحزب الداخلية والخارجية. وقدّرت الباحثة أنّ انحشاد أدبيات الحزب بشعارات جوفاء لا يمكن الوفاء بها، قصم ظهره أمام أنصاره، فلم تشفع له البراغماتية المقنّعة، والمواقف المزدوجة تجاه التنظيمات الإخوانية، فلا هي أرضت الأنصار ولا أقنعت الخصوم. كما لاحظت أنّ شهوة السلطة غلبت التنظيم فأحدثت تصدعًا داخل صفّوف حزبه الإسلاموي، وأورثته تشظيًّا وصل إلى الحركة، فأفرزت تيارات متباينة، تقبل وترفض المسالك الجديدة، دون تبنّي خط مراجعات جدية.
https://www.almesbar.net/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d9%8a-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b7%d8%b1%d9%81-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ba%d8%b1%d8%a8-2011-2021/
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك