سنة النشر :
2023
عدد الصفحات :
335
ردمك ISBN 9789948797401
تقييم الكتاب
الروائي العربي في ظل أفكار العولمة وما بعد الحداثة حاول أن يقيم روابط وأواصر بين الماضي والحاضر بأن يبحثفي فضائه الروائي عن عناصر التراث المختلفة؛ ليقيم بها جدلا فكريا ومعرفيا ودراميا في نصه الماثل، ويسترفد التاريخ الرسمي والاجتماعي والتراث الشعبي والديني والصوفي لتنهض تفاعلات نصية قادرة على تقديم معرفة بالذات القومية وصولا إلى سؤال الوجود الذي يمكن أن تقدمه الرواية.
انطلاقا من آفاق هذه الرؤية يأتي كتاب الروائية والناقدة د.هويدا صالح "آليات اشتغال التراث في المدونة الروائية العربية" الصادر أخيرا عن معهد الشارقة للتراث، حيث أكدت إن الرواية في سعيها إلى الانفتاح على الحقول المعرفية المتعددة تسترفد التراث بشتى تجلياته وأنواعه، وتتخذه نصا غائبا، تقيم معه جدلا فكريا، وربما يعود ذلك إلى ما أحدثته العولمة من هزة في الهوية الثقافية للكاتب العربي؛ مما دفعه إلى أن يعيد التفكير في البِنَى الفكرية والسوسيوثقافية التي تجعله يقاوم ذوبان الهوية الثقافية العربية، في خصوصيتها، في طوفان الثقافة العولمية التي لا تعترف بحدود وجغرافيا وأنساق ثقافية وهويات قومية.
أوضحت"كان للمبدع العربي من العودة إلى التراث موقفين متناقضين:الأول رأى العودة إلى التراث وسيلة من وسائل الدفاع عن الهوية، فوقع في فخ تقديس التراث وعبادته، أما الشكل الثاني فقد ذهب إلى ثقافة أخرى مفارقة للتراث يستلهمونها، ويسترفدون عناصرها الثقافية.وقد واجه المبدع الذي يرغب في العودة إلى التراث إشكالية فكرية، فالتيار الأول الذي قدّس أصحابه التراث ووقع في أتون الفكر الماضوي رأى في التراث مهربا سيكولوجيا وسوسيوثقافيا من مشكلات الحاضر والمستقبل، وما قوى إحساسه بذلك الفكر الإمبريالي الاستعماري الغربي الذي استعمر البلدان العربية لفترات طويلة وعمل على تذويب هويتها الثقافية. أما أصحاب التيار الآخر، فقد وقفوا على النقيض من هذه الرؤية للتراث، حيث رأوا أن الحداثة ومسايرة معطياتها تدفعهم إلى الابتعادعن التراث؛ والسعي حثيثا نحو الغرب ومعطياته الثقافية يستلهمونها، ويرون أن ذلك مسايرة للتطور والتقدم ورفضا لما يمثله التراث من راديكالية.
وتابعت صالح "ينطلق أصحاب الموقفين، المتحمس للتراث والرافض لهمن وعي مغلوط بأن التراث مضاد للحداثة، وتتحفظ الباحثة على هذا التصور، فتراث كل أمة لا يعني أنه مضاد للحداثة. كما أن إفادة الروائي من هذا التراث يفترض بها أن تنزع القداسة عن ذلك التراث وأنتنظر إليه باعتباره نتاج الوعي البشري في التاريخ والمجتمع. ومن ثم يجب التأصيل لوعي بالتراث يفيدمن العناصر الحية فيه، ويدرس علاقته التاريخية بقضايا الماضيفي ضوء القضايا والمشكلات والأسئلة التي يطرحها الحاضر.
ورأت إن الإفادة من التراث وتوظيفه في الفضاء الروائيليس انتصارا للذات القومية وتأكيد على الهوية الثقافية فحسب، بل للبحث عن مشتركات ثقافية بين الماضي الغابر الذي يمثله هذا التراث والحاضر الآني الذي يعيشه المبدع في لحظات إبداعه الروائي، ومن ثم الوصول إلى مستقبل أكثر سواء لا يضع الإنسان العربي في صراع هوياتي يشتت انتباهه ويمنعه من أن يعيش راهنه، ومن ثم يعطله عن أن يتطلع لمستقبله.إذن يجب دراسة التراث بأدوات معرفية معاصرة تفيد من المناهج الحداثية، وتتمكن قراءة التفاعلات النصية التي يحدثها هذا التراث في النص الروائي الماثل، كما تتمكن من قراءة التراث مع مراعاة الأنساق الثقافية التي أنتجته.ومن ثم لا يجب أن نرىالتراث مضادا للحداثة، وأن الحداثة لا تقف حائلا بين الإفادة منه واسترفاده وتوظيفه دون أن نقع في غواية النص وتقديسه.
https://www.middle-east-online.com/%D9%87%D9%88%D9%8A%D8%AF%D8%A7-%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD-%D8%AA%D8%A8%D8%AD%D8%AB-%D8%A2%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D8%B4%D8%AA%D8%BA%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AB-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%88%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك