سنة النشر :
2023
عدد الصفحات :
184
ردمك ISBN 9789953897547
تقييم الكتاب
لم يكن الكولونيل أوريليانو بوينديا، بطل رائعة غابريال غارسيا ماركيز «مئة عام من العزلة»، يعلم أنه قادر على مغادرة الرواية، ولا أنه سيكتسب وزناً بشرياً وينتقل ذات مساء خريفي إلى ميناء يختبر سكانه فيه عزلتهم الخاصة لظروف يجهلها هو، كما لم تكن سارة تعلم أنها ستبقى حبيسة ذلك المرفأ، حتى تحل لغز مجموعة رسائل بريان التي لم تُفتح منذ ما يزيد على مئتي عام، فيما الأغرب أنها وجارتها ليلى على موعد مع لعبة ستغير مسار التاريخ إلى الأبد.
مجموعة عجائبية من الشخصيات تتقاطع في رواية «عام واحد من العزلة»، للأديبة الإماراتية، إيمان اليوسف، في وقت تغيب فيه الخطوط الفاصلة في ثلاثية الواقع والخيال والتاريخ، وذلك على امتداد 184 صفحة، في هذا العمل الصادر، أخيراً، عن دار الآداب للنشر والتوزيع 2023. وتتماهي الرواية، كما قدمت لها إيمان، مع جملة أحداث ووقائع حقيقية، حيث تبني وتستهلم منها تفاصيل كثيرة، إلا أنها حاضرة في العمل، بتصرف وحنكة سردية أثرتهما مخيلة الكاتبة وثقافتها.
وتمثل الرواية، رابع روايات إيمان اليوسف، حيث سبق أن صدرت لها 3 روايات، بجانب 3 مجموعات قصصية، وفازت روايتها «حارس الشمس» بجائزة الإمارات للرواية عام 2016.
وفي فضاءات الرواية، تنسج إيمان حكايات نبضها القيم الإنسانية، حيث تصور آلام الفقد والجوع والمعاناة، وتسافر بنا إلى مطارح وزوايا شعرية نعيش ونختبر في خضمها الكثير من المشاعر المتناقضة، لتفتح نوافد التساؤلات وتحفزنا على قراءة ما يكمن خلف التفاصيل، دوماً بتعمق وروية، إذ نحلق في كل تفصيل وحكاية تخوضها «سارة» في العمل، إلى عوالم حسية ثرية بالوجدانيات والبحث الدائم عن الفرح والعدل والخير والانتصار للجمال.
في كل محطة من محطات «عام واحد من العزلة» وحكاياتها، نجد أنفسنا مسافرين بمتعة في عوالم سرد شفيف تزيده جاذبية لغة الكاتبة ومفرداتها الرقيقة المنتقاة بعناية بالغة. ولاشك أن هذه اللغة العالية البليغة في الرواية، أضفت عليها مزيداً من الألق وضخت في دمائها حالة انسجام واندماج سحرية مع عوالمها، وهو ما ضاهاه وجاراه أيضاً، موضوع العمل، فضلاً عن التفاصيل الدقيقة والشيقة المحكمة بلغة سردها والمتسمة بحبكاتها الغنية والتي تجلعها تبدو كلوحات مرسومة بألوان أخاذة تجعلنا نتلقى رسائل العمل بتلقائية وتأثر كبيرين.
وتقول الكاتبة في آخر الكتاب تحت عنوان «ملاحظة.. نصيحة»: «أعد قراءة الرواية الآن على اعتبار أن الفلفل الملون، والسيارات البلاستيكية الصغيرة الملونة، ومنامة سارة الباهتة في الفصل الرابع عشر، كلها حقيقة واحدة. وكما أن الصندوق الكرتوني المصنوع من مواد معاد تدويرها، والطبق الشهي على عتبة باب سارة حقيقة واحدة أيضاً، وأن المنديل الحريري المرسوم بنقوش يابانية الذي جلست عليه زوجة الرجل القصير الأصلع، والوسادة المطرزة برسوم ونقوش يابانية التي جلست عليها ليلى في بث الإنستغرام، هما حقيقة واحدة، وأخيراً أن جميع شخصيات الرواية هذه شخصية واحدة».
https://www.albayan.ae/culture-art/culture/2023-12-05-1.4777131
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك