سنة النشر :
2023
عدد الصفحات :
317
ردمك ISBN 9789948799153
تقييم الكتاب
جاء الكتاب في مقدمة وخمسة فصول، هي: (موقف الإسلام من الفروسية، الفروسية في الحضارة الفرعونية والعالم القديم، التراث الثقافي للفروسية العربية، ميادين وأدوات ووظائف ومشاهير الفروسية العربية، والموروث الشعبي للفروسية العربية).
يُعد الكتاب بحق سجلاً وثائقيا مصوراً لعناصر التراث الثقافي المادي للفروسية العربية، وموروثها الشعبي غير المادي، من خلال شرح وافٍ لألعاب الفروسية وتصنيف أنواعها، وتتبع قوائم الحكام والأمراء الذين اهتموا بها، وأسماء المشاهير والمعلمين الذين برعوا في ممارستها، وحصر الميادين والساحات والأماكن التي كانت تقام فيها، وأسماء المشرفين عل شؤونها، ويلقي الكتاب الضوء على الملابس والشارات والأدوات المستخدمة في الفروسية، من خلال نقوشها الأثرية، وفي تصاوير المخطوطات الإسلامية، وكتابات المؤرخين، وإشارات الرحالة، وقدم الكتاب شرحاً وافياً عن كيفية ممارسة الفروسية العربية عبر العصور.
يقول مؤلف الكتاب: «عرف الإنسان الفروسية عبر حضاراته القديمة، من حضارة بلاد الرافدين، وحضارة وادي النيل، والحضارات الصينية، والهندية، واليونانية والرومانية، إلى الحضارة الإسلامية، وقد ارتبط مفهوم الفروسية بالمعتقدات الدينية والثقافية والسياسات السائدة في كل حضارة».. والمؤلف يشير إلى أن هدف هذا الكتاب، يكمن في توثيق الفروسية العربية وإبراز خزائن ذاكرتها الثقافية، وتصنيف أنواعها، وتتبع نشأتها ومراحل ازدهارها في الحضارة الإسلامية من خلال رؤية مبتكرة مستمدة من تراثها الثقافي وموروثاتها الشعبية.
ويُعد الكتاب بذلك نافذة ثرية يطل منها الشباب وعشاق الفروسية والرياضيون على عالم رحب فسيح حول تاريخ هذه الرياضة وتراثها، من أجل العمل على حفظها وصونها، وتعزيز الوعي بأهميتها، للإسهام في بناء المعرفة الإنسانية وتنمية التراث الثقافي في الدول العربية.
لقد كان للنبي الكريم موقف واضح تجاه أهم أنواع الفروسية، وهي سباقات الخيل، وهذا الموقف دفع بسباقات الفروسية إلى الأمام، فقد كان صلّى الله عليه وسلّم، يحب الخيل كثيراً، ويسابق بها، ويعطي من يفوز الجوائز والهِبات الكثير، وقد ورد عن رسول الله أنه قال: «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة».
ازدهرت الفروسية في العصور الإسلامية، وساعد على ذلك ما أولاه الحكام والأمراء من عناية واهتمام بالأنشطة الرياضية بشكل عام، فلا عجب أن تنتشر أنواع الفروسية المختلفة من سباقات الخيل والهجن، والرماية، والمبارزة بالسيف والمطاعنة بالرمح، والعدو، والمصارعة، إضافة إلى الكرة والصولجان (البولو)، التي كانت تعتمد على أصول الفروسية، من ترويض الخيل والجري بها، وكذلك المران على المصارعة، والسباحة، والتحطيب، والصيد، وغيرها.
وقد أمدتنا المصادر التاريخية كما يوضح الكتاب بمعلومات قيّمة عن الفروسية في الحضارة الإسلامية، وكذلك حفظت لنا بعض التحف في مواد الفنون الزخرفية المعروفة في الفن الإسلامي الكثير من مناظر وألعاب الفروسية، وأدواتها، إضافة إلى ما جاء على تصاوير العديد من المخطوطات الإسلامية على اختلاف مدارسها.
تُعد سباقات الخيل والهجن من الأمور المهمة عند العرب، فكانت العرب يراهنون على سباق خيلهم، وكانت أول مسابقة في الإسلام سنة ست من الهجرة، فقد سابق فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، بين الخيل، فسبق فرس لأبي بكر الصديق فأخذ السبق.
وأما أصل الجياد العربية فكانت من نسل (ذات الركب)، وهو حصان داود الذي ينسب إلى الجياد الشريفة التي وهبها الله عبده إسماعيل، لذا سميت (بالعراب) فقد قال النبي الكريم «اركبوا الخيل فإنها ميراث أبيكم إسماعيل»، وكان أول من ركب الخيل هو إسماعيل عليه السلام، وقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم سابق بالخيل، وكان لديه من أفراس السوابق خمسة: (لزاز، ليحف، المرتجز، السكب، واليعقوب).
يورد الكتاب تفاصيل كثيرة عن واحدة من أهم وأبرز أشكال الفروسية العربية، وهي اللعب بالسيف، أو المبارزة بالسيف، و لعبت دوراً كبيراً في المجتمع الإسلامي بصفة عامة، ويعد الخليفة العزيز بالله الفاطمي أول من لعب بالرمح في مصر الإسلامية، كما كان تعليم الضرب بالسيف يستوجب من المدرب حمل السيف والعدو به، فقد كانوا يلعبون ألعاباً حربية لا خطر فيها، ويدربون جيادهم، ويتدربون على استعمال الأسلحة، كما كانوا يتقنون رياضة المبارزة، واستمرت المبارزة في العصر الأيوبي.
عرف المسلمون التدريبات الرياضية عبر حضارتهم، فكانت هناك منشآت وساحات للتدريب الرياضي، بعضها مخصص للجند، والآخر لعامة الشعب، فكانت منشآت التدريب الرياضي وساحاته وأجهزته وأدواته تعبّر في مجملها عن مدى تقدير المسلمين للرياضة، وحبهم للمنافسة، وتطلعهم لمستويات أعلى في الأداء الرياضي، ونظرا لأهمية أدوات ووظائف وشارات الفروسية العربية، فقد اعتبرت من أهم مكونات التراث الثقافي المادي العربي، حيث صاحب الاهتمام بالفروسية الاهتمام بأدواتها التي تعددت أشكالها، وتنوعت موادها، وتفاوتت صناعتها بين الجودة والإتقان، وقد اهتم السلاطين والأمراء العرب بأدوات الفروسية، ووظائفها وشاراتها، فعينوا لها من المشرفين والعمال ما يكفل حفظها واستمرارها، كما خصصت أماكن خاصة لحفظ أدوات السلاطين، وكبار الأمراء، لا يجرؤ أحد على استخدامها غيرهم، ولم يكتفوا بذلك، بل أنشؤوا عدداً من الدواوين الخاصة التي تساعد على تلبية طلبات الفروسية الشهيرة.
عدّ الإسلام الصيد وسيلة مشروعة من وسائل كسب العيش، وأضاف إلى آدابه ما هو أكرم للإنسان الصياد، وأرحم للحيوان المصيد، وقد أجاز الإسلام الاصطياد بجوارح السباع كالبازي، والشاهين، والصقر، وقد ورد أن إسماعيل عليه السلام كان صياداً.
وكانت رياضات الصيد، والبيزرة من أنواع اللهو البريء الذي أخذ به الخلفاء، والأمراء، وهي من أهم ضروب الرياضة عند العرب، ومن أحبها إلى نفوسهم، سواء في العصر الإسلامي، أو قبله، ومما حدا بهم إلى هذه الرياضة وحفزهم على ممارستها طبيعة بلادهم، وطريقة معيشتهم التي حتمت عليهم التدريب للدفاع عن النفس والحصول على العيش، وكثيراً ما كانوا يفخرون بقدرتهم البدنية، وصولتهم وشجاعتهم، ولم يكن للخلفاء الأمويين في دمشق، وبلاد الأندلس، والعباسيين في بغداد، والطولونيين والإخشيديين في مصر رياضة أمتع من رياضة الصيد، والقنص.
ظهرت مناظر الرماية على مواد الفنون الإسلامية، حيث يحمل طبق من الخزف المطلي والمزجج بالأخضر والبني منظر رامي سهام يعود إلى شمال سوريا في العصر الأيوبي، محفوظ بالمتحف البريطاني بلندن، ومنظر آخر للرماية على طست من النحاس الأصفر المكفت بالذهب والفضة، مؤرخ في العصر المملوكي يحمل مناظر ثلاثة فرسان في مواقف مختلفة من التدريب على الصيد، وبجانبه منظر يظهر الفرسان وهم يتدربون على المبارزة بالحراب والسيوف والأقواس والرماح.
https://www.alkhaleej.ae/2024-09-11/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%83%D9%86%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D8%A7%D9%83%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AB%D9%8A%D8%A9/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك