سنة النشر :
2023
عدد الصفحات :
270
السلسلة :
عالم التراث ، 10
ردمك ISBN 9789948799887
تقييم الكتاب
بخبرته الواسعة وتكوينه الأكاديمي الرصين، ينطلق مؤلف الكتاب من موقفٍ فكري مضاد بل مخاصم لمقولات المنظِّر الأمريكي الشهير صمويل هانتنجتون في كتابه "صدام الحضارات" الذي أقام الدنيا ولم يقعدها في العقد الأخير من القرن العشرين، منذ قدم أطروحته تلك التي تقوم على المواجهة والصراع (بل حتميته!) بين ثقافات العالم وحضاراته، وقد اتخذ الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن من مقولات هنتنجتون أساسًا نظريًّا وبطانة أيديولوجية لتبرير حملاته العسكرية الموسعة عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001.
ويتخذ مؤلف الكتاب من مضمار تخصصه الأصيل "الثقافة الشعبية" وخاصة في دائرة "الحكايات الشعبية" مجالا ومادة لدحض مقولات هنتنجتون، والتدليل على عكس طروحاته على طول الخط. وينطلق أبو الليل من ملاحظة أن أوجه التشابه بين تيمات ووظائف وبنيات الحكايات الشعبية في كل الثقافات والأمم القديمة وما بعدها، تؤكد وحدة الثقافة الإنسانية وأن المشتركات التي تجمع بين البشر جميعا منذ الإنسان الأول "البدائي" والإنسان في كل مراحل تطوره التالية أكبر وأكثر تجذرا ورسوخا ممن يدعي غير ذلك أو عكسه أو نقيضه.
وقد دفعت قضيةُ التشابه هذه بين الحكايات الشعبية الباحثين والدارسين منذ وقتٍ مبكر في القرن التاسع عشر إلى دراسته ومحاولة تفسير هذا التشابه. فتعددت في ذلك النظريات والمناهج، كما يوضح، ما بين النظرية "الانتشارية" أو "الهجرة" أو "وحدة الأصل الإنساني"، أو "وحدة الوظيفة الإنسانية".
ولقد انتهت هذه الجهود، بدورها في بداية القرن العشرين، واعتمادًا على هذا التشابه، إلى طرح تصنيفاتٍ عالمية للحكايات الشعبية، تقوم بتصنيف تلك الحكايات الشعبية الموجودة، برواياتها المتعددة والمتشابهة، في كل المجتمعات الإنسانية، سواء كانت تصنيفات تقوم حسب النوع والنمط أو الموتيف أو الوحدات الوظيفية.
- 3 -
وفي هذا الإطار المنهجي الجامع، يستعرض مؤلف الكتاب في إيجاز وتكثيف تلك المحاولات التصنيفية لكل من الفنلندي آنتي آرني، والأمريكي ستيث طومسون، والروسي فلاديمير بروب. فكل حكاية من الحكايات الشعبية التي نظروا فيها وقاموا بوضعها في هذه التصنيفات تضمنت رواياتٍ لها من شتى المجتمعات الإنسانية، دون أن يتم التفريق في ذلك بين مجتمع راقٍ ومجتمع أقل رقيا. فإلى جانب الروايات الأمريكية والأوروبية لإحدى الحكايات الشعبية، تم وضع روايات إفريقية وآسيوية أيضا، بغض النظر عن الاختلافات والفروق الثقافية والعرقية واللغوية والدينية والأيديولوجية، التي يشهدها واقع العلاقة بين هذه المجتمعات.
ويشير مؤلف الكتاب بذكاء إلى أن التشابه والمشترك الثقافي الشعبي لم يقتصر على الحكايات الشعبية قط، بل نستطيع أن نلمسه دون عناء أو مشقة أو كد في ذلك التشابه الموجود أيضًا بين السيرة الشعبية العربية والملحمة الغربية، وبين الأساطير الشرقية والغربية (المقارنات في هذا الصدد لا تنتهي، والباب مفتوح على مصراعيه للدرس المقارن بين السيرة الهلالية وسيرة الأميرة ذات الهمة، والإلياذة والأوديسة، على سبيل المثال، بل إن هناك من رأى بعض حكايات مطولة في "ألف ليلة وليلة" ترقى إلى تصنيفها كسيرة عربية مكتملة، مثل حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان... إلخ).
https://www.omandaily.om/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9/na/%D9%85%D8%B1%D9%81%D8%A3-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%AF%D9%88%D8%B1%D9%87%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%A8-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D9%88%D8%A8
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك