ماذا لو كانت لأحلامنا صوت : مقاربات وردود لأفكار أحمد عيسى العسم


تأليف :

الناشر : الشارقة : العنوان للنشر والتوزيع

سنة النشر : 2023

عدد الصفحات : 139

ردمك ISBN 9789948788270

الوسوم - أدب

تقييم الكتاب

شارك مع أصدقائك تويتر فيسبوك جوجل


أحياناً يعمل كتاب على التوقف كثيراً عند لحظات من الإشراق الإبداعي عند مؤلفين آخرين في مختلف أنماط الأدب، يمارسون فعل التأمل والتأثر بتلك الفيوض من المعاني التي تشرق في نصوص وسيرة ذلك الكاتب الملهم والمحتفى به، ولعل لحظة الإعجاب تلك هي التي حكمت المسار التاريخي للفكر والأدب فكل كتابة هي ابنة التأثر بأخرى استلهمتها وقاربتها وربما تجاوزتها بعد ذلك ليس بالقطع معها بل بالسير به نحو أمكنة جديدة من أودية وبقاع الإبداع.

في كتاب «ماذا لو كانت لأحلامنا صوت»، لأسماء أحمد الحوسني، الصادر عن دار «العنوان»، للنشر والتوزيع في الشارقة، في طبعته الأولى عام 2023، تنشأ حوارية ومقاربة تجريها الكاتبة مع أفكار الشاعر أحمد عيسى العسم الواردة، وتتضمن المقاربة ردوداً على تلك الأفكار التي طرحها في سياق نظرته للحياة الإنسانية وتأمله في الطبيعة والوجود.

الكتاب حوارية مع رؤى وأطروحات ومعانٍ، وذلك تحديداً ما عملت عليه أسماء في هذا الإصدار الذي يُحلّق في سماوات الأدب المفتوحة، حيث تُقبل الكاتبة وهي روائية على خواطر وومضات ونصوص لشاعر لتحيط بها وتحاصرها، وفي المقابل، فإن للعسم وجود في الكتاب من خلال مشاركته شخصياً في العديد من منعطفاته بما في ذلك المقدمة، ولعل هذا الإصدار سيفتح للقارئ العربي الكثير من الآفاق في ما يتعلق بكيفية قراءة الأدب من مناظير مختلفة وغير اعتيادية.

وعلى الرغم من ورود توصيف «الكتابة المشتركة»، على الإصدار، فإن الصوت الغالب فيه لأسماء الحوسني، فهي التي تدير عملية التنقيب الجمالي والإبداعي في عوالم أحمد العسم، على الرغم من حضوره بقلمه وأفكاره في هذا الإصدار المختلف، لكن بصورة عامة فإن الكتاب مساحة حوارية بين جيلين مختلفين، أو تأمل لجيل في إبداع الجيل الآخر الذي سبقه، ربما هي استعانة به لمواجهة ثقل الحياة ومن أجل شق طريق مفروشة بأزهار الأدب نصوصاً ومقولات ولفتات، لعل القارئ سيستدعي أشكالاً مشابهة من مثل هذه الكتابة على نحو تلك الرسائل المتبادلة بين الشاعرين محمود درويش وسميح القاسم، على المستوى العربي، أو بين سارتر وسيمون دي بفوار، وفرانز كافكا مع ميلينا، وغير ذلك، إلا أن الاختلاف يبرز في فارق الخبرة بين الحوسني والعسم، فميزة هذه الحوارية أنها تتنقل بين عوالم مختلفة وربما متباينة، وهذا ما أكدته أسماء الحوسني نفسها عندما قالت: «أخذت من أفكاره وطريقة تفكيره كشاعر وكاتب، نعم تأثرت بكتاباته وفتحت عندي آفاقاً واتجاهات جديدة وأثارت خيالي، وهذه الخيالات أعطتني مجالاً أوسع لأكتب أشياء جديدة»، وأوضحت أسماء الحوسني أن «القلم»، كان نقطة تلاقي الأفكار وجسر التواصل بين السرد والشعر؛ لأن الشاعر يكتب مقالات من خلفيات ثقافية واسعة، وأنا التقطت الخيط الأدبي المشترك بيني وبينه، ولكل منا قراءاته وأفكاره وأسلوبه.

يبدو أن الكُتاب في مختلف مجالاتهم يبحثون عن أفق جديد في عملية التأليف وكذلك عن المزيد من التلاقي بين الأفكار والتأمل في نصوص بعضهم البعض، وهي العملية التي خاضتها الحوسني في مشهد تتلاشى فيها الحدود بين الأنماط الإبداعية؛ حيث يلتقي الشعر بالسرد لينتجا معاً نصاً مفتوحاً تكون فيه الأهمية للكلمات وليست للقوالب التي يوضع فيها، حيث يكون الانتصار للجمال الخالص والمطلق.

الكتاب يقع في 140 صفحة من القطع الصغير، ويتوزع على 20 ورقة، هي بمثابة عناوين؛ حيث تحمل الورقة الأولى موضوع: «تحية ونور إلى أحمد العسم»، أما الورقة الثانية ففيها: «الأصوات الجميلة وحلو الفرح»، ومن تلك العناوين التي تحملها تلك الأوراق: «الشعر رمان القلب»، و«إليك أيها المفكر الكبير»، و«هنا جانب مني ذابل»، و«أيها الشاعر»، «العمر مراحل» و«ورقة من آخر الليل»، و«أربع أوزان»، و«خيارات البداية»، و«كيف وقف هؤلاء»، والعديد من الإشراقات الجمالية التي تحملها تلك النصوص.

ومن الأجزاء اللافتة في الكتاب تلك المقدمات بقلم الحوسني والعسم، وكذلك الخاتمة، حيث أشار أحمد العسم في مقدمته إلى ثقل الحياة السريعة في هذا العصر، وهو ما يجعل من الكتابة المشتركة والحواريات خير صديق للذين يودون كسر الروتين، والذين تشتهي خواطرهم الفرح والسعادة، ويقول العسم في دفق نثري شفيف: «سأقنع قلمي بالروح الشفافة وعطائها القادم، ماء ثقيل في أحلامنا نكتب على ورق كبير وصفحات نفتحها على رؤية مشتركة حين الغياب والعتمة تكبر نفتح للنور درباً»، أما مقدمة أسماء الحوسني فقد جاءت تحت عنوان «لا ترعبنا الأشياء الجديدة بقدر ما تلهب قلوبنا وصدورنا من أجل تحقيقها»، وهي الكلمة التي غاصت عميقاً في عوالم الأحلام والأماني وما يحول دون تحققها، حيث يظل الأمل داخل الصدور ينتظر لحظته المناسبة متغلباً على كل الصعاب، فالأحلام عند الكاتبة هي فعل واعٍ ينتظر تحققه برافعة العمل والسعي لا الركون، وتقول الحوسني في مقدمتها: «كثيرة هي الأمنيات التي تعبق في دواخلنا بطعم خاص، ولها نكهة عجيبة، نتذكرها صباحاً على أنغام العصافير، ومساءً بوقت متأخر من ليل ساكن مظلم، نحلم ونحلم، حتى يمتزج الحلم بواقعنا، وتتسلل إلينا بشارة الأمل في تحقيقه».

ما بين السرد ودفقات الشعر يتجلى أسلوب الكتابة، فإلى جانب التأمل العميق في الأشياء، والوصف القوي لما يدور في داخل النفوس من حراك عاصف يريد أن يفصح عن نفسه، ولعل من أكثر الأشياء اللافتة في الكتب هو العنوان كعتبة نصية أولى والذي يفرد مساحة واسعة للقارئ للتأمل وإطلاق العنان في تخيل ماذا لو كان للأحلام صوت؟ ماذا يحدث في هذه الحالة، هل كانت ستعبر بصورة أقوى وأكبر مما فعل الشعراء والكتاب والمفكرون؟ فالعنوان يوفر مساحة للدهشة والتدبر في ذات الوقت وكأنه يقر بضيق العبارة أمام اتساع الرؤية، فلابد للأحلام نفسها أن تتحدث من دون وسيط، ثم يبرز سؤال آخر تفرضه براعة العنوان وهو لماذا صوت واحد وليست أصواتاً متعددة؟ فلابد أن لجميع الأحلام الجميلة التي تنشد واقعاً أفضل أكثر من صوت؟

الكتاب يصنع مساحة للتجوال في سهول وبقاع وأودية من الجماليات المختلفة، وهو يشير إلى مقدرة الكاتبة على صناعة الصور والمشهديات والتحريض على التأمل، فأسماء الحوسني روائية درست الهندسة، وربما كان لذلك الاختصاص دور في اشتغالها على مساحات متنوعة والبحث عن وصفات جديدة في عالم الكتابة، وللمؤلفة العديد من الإصدارات الروائية؛ منها: «الحياة على ظهر غيمة»، و«رحلت وما زالت هنا»، و«مثل وجه طفل أرسمك»، وغير ذلك من الإبداعات.
https://www.alkhaleej.ae/2025-08-03/%D8%A3%D8%AD%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A3%D8%B5%D9%88%D8%A7%D8%AA%D9%86%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D8%AF-%D9%8A%D8%AD%D8%A7%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1-6026471/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9



هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك

تعليقات الزوار


ماذا لو كانت لأحلامنا صوت : مقاربات وردود لأفكار أحمد عيسى العسم

التبراة : والجمع ( تباري ) وهي المغاصة التي يكثر في قاعها المحار الذي يحتوي على اللؤلؤ . فيقال ( المركب عنده تبراه ) أي وجد مغاصة يكثر فيها اللؤلؤ في قاعها الرملي . وقيل أن مناطق ( التبراة ) تسري ليلاً من مكان إلى آخر ، وأن المحار يطوف على سطح البحر ، فيلمع وكأنه ألوف المصابيح الدقيقة المنثورة على سطح البحر ، فتلاحقه سفينة الغوص حيثما ذهب . ( معجم الألفاظ العامية في دولة الإمارات العربية المتحدة )

التبراة : موقع إماراتي يتناول مئات المواضيع التي تضيء شعلة حب الكتاب لدى أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة ( شخصيات وهيئات ومؤسسات ) في نشر ودعم الكتاب على مستوى العالم وبكل اللغات . كما يعرض لأكثر من ألف عنوان كتاب يتم نشره سنوياً منذ بداية الألفية الثالثة .

ملاحظة : الموقع عبارة عن قاعدة معلومات فقط  ، و لا يتوفر لديه نسخ من الكتب ، ولا يقوم بإعلانات تجارية سواء للكتاب أو المؤلف أو الناشر .

عداد الموقع

الكتب
37226
المؤلفون
20449
الناشرون
1951
الأخبار
10965

جميع الحقوق محفوظة - موقع التبراة