سنة النشر :
2020
عدد الصفحات :
325
السلسلة :
كتاب المسبار الشهري ، 162
ردمك ISBN 9789948250838
تقييم الكتاب
تتباين مواقف الدول المعنية، في تعاطيها مع ملف استعادة القاصرين وأمهاتهم، وهو تباين تغذِّي أطرافه أسباب وجيهة: بين تزايد أعداد أطفال منتسبي «داعش»، وصعوبة إجراء إثبات الهوية لهم لنسبتهم لأوطان آبائهم، وبين تعقيداتٍ سياسية وإنسانية، مرتبطة بالمنفعة المجتمعيّة، والاستغلال السياسي لقضايا «اللاجئين» و«المسَفَّرِين» واستعادتهم. تصنّف دراسات الكتاب تأثر أطفال منتسبي «داعش» بالأيديولوجيا الإسلاموية المتطرفة، تبعاً لدرجة انخراطهم في «الفكر العنيف»، وتقيس مستوى استجابتهم «للتلقين المتطرِّف» عبر أمهاتهم وآبائهم المنتسبين إلى التنظيم الإرهابي. كما يتم موازاة ذلك بالعوامل اللاحقة؛ فتدرس حالتهم الراهنة، بفحص «ظروف معيشتهم في المخيمات»؛ وتصل ذلك بنقاشاتٍ تتسع دوائرها في بلدان والديهم الأصليّة، في وقتٍ ينقسم فيه الرأي العام بين الانحياز المطلق للأمن القومي ورفض فكرة الاستعادة من أصلها على «اعتبار الأطفال إرهابيين محتملين»، وبين الانحياز المطلق لحقهم في العودة، تماشياً أو تطبيقاً لصريح القانون «ببراءتهم مما ارتكبه آباؤهم»؛ دون اكتراثٍ بالعقابيل. وفي أتون الخلاف بين التيارين، يجزم الباحثون بأهمية توسيع الدراسات التي تدعم برامج التأهيل والإدماج، لعلاج خللها، وأهميّة إصلاح القوانين. درس الكتاب نماذج الدول على حدة، مركزًا على التباينات، فأولى التجربة الروسية اهتماماً خاصاً، بعدما تعلمت من تجاربها التاريخية الماضية جراء صراعها الطويل مع الحركات الإسلاموية في شمال القوقاز إبان حرب الشيشان الأولى (1994-1996) والثانية (1999-2009). عملت الاستراتيجية الروسية على تفكيك الحاضنة الاجتماعية للإرهاب، وكانت مدفوعة بعوامل عدة يتقدمها الأمن الإقليمي، فقد وظفت تجربتها –كما يبيِّن الكتاب- «في استعادة منتسبي أطفال داعش بدفع البلدان الحليفة لها في آسيا الوسطى؛ وبلدان الاتحاد السوفيتي السابق؛ بحذو حذوها ومساعدتها في استعادة أطفال المقاتلين المنتمين لها، حتى لا يتم استخدامهم ضد هذه الدول مستقبلاً، مما ينعكس على أمن المنطقة الإقليمية أو الداخل الروسي، فسكان هذه البلدان لهم الحق في الدخول إليها دون تأشيرة مسبقة، وهو ما بدأت تستجيب له هذه الحكومات بشكل كبير». درس الكتاب التعامل العراقي مع أطفال منتسبي «داعش» محلِّلاً وضعيتهم القانونية والدينية والسياسية، ومشيراً إلى أبرز العقبات التي تقف أمام الحكومة العراقية والجهات المختصة في ما يتعلق بصعوبات التأهيل. وهنا تبرز معضلة أخرى مع أبناء الأيزيديات لآباء من عناصر «داعش»، فتطرح –بالتالي- مشكلة المرجعية الدينية لهؤلاء الأطفال، في ضوء التعقيدات القانونية والدينية والنسب. حاولت الدراسات الإحاطة بمناهج التعامل النفسي مع أطفال منتسبي «داعش»، بدراسة أوضاعهم الاجتماعية والنفسية، وتقدير حجم الاضطراب الذي يعانون منه، وتصنيفهم تبعاً لمدى تأثرهم بالأفكار المتطرفة، ومن ثم تحديد مذاهب النظريات والتوجهات النفسية للتعامل معهم. يأتي الكتاب إعمالاً للجهود المبذولة في سبيل نزع التطرف، واستكشافاً لتقاطع المناهج والتخصصات بين دراسات مكافحة الإرهاب، ومعالجة آثاره، وتحفيزاً للتفكير العام، حول كيفية تعافي الأفراد والجماعات من التعصب. يطرح هذا الملف تحديات كبيرة أمام الدول والجهات المعنية، فيضعها أمام اختبار تحدي استعادة القاصرين المنتسبين للتنظيم؛ والنظر إليهم بوصفهم ضحايا محتملين، وبين التحدي الأمني شديد الوطأة، الذي يفرض نفسه أمام الرأي العام.
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك