تجليات اللون في النص الدرامي


تأليف :

الناشر : الشارقة : دائرة الثقافة والإعلام Sharjah : Department of Culture and Information

سنة النشر : 2023

عدد الصفحات : 177

السلسلة : دراسات مسرحية

ردمك ISBN 9789948800132

الوسوم - فنون - مسرحية

تقييم الكتاب

شارك مع أصدقائك تويتر فيسبوك جوجل


تثير الدراما عددا من التساؤلات والافكار والمضامين، وبذلك تشكل محورا من المحاور التي تضيء الحياة، سواء أكان النص الدرامي محاكيا للحياة أم لا، ولا يخفى عن اللبيب ان الدراما شكل من اشكال الأدب القديم الراسخ والمؤثر والمعني بالاتصال الجماهيري ومنذ نشأته الأولى، التي صاغت عوالم واحداث وحكايات واساطير ،لتتم تغذية المجتمعات وتكشف عن النواميس المتحكمة والافكار المتضاربة والالتماعات البشرية في اتخاذ موقف أو تحديد مفهوم ما .
ان حركية المسرح تتوقف بهذه الدرجة أو تلك على نوع الافكار والمضامين التي يتناولها ، بكلمة اخرى ، ان الرؤية الفكرية والجمالية المعبرة عن موقف فلسفي ، تكوّن التعبير الأكثر اثارة وتحكما في شكل ومضمون النص ، وبالوقت ذاته تعبر الافكار وتوالديتها وتفرعاتها وانثيالها ، ومهما كان صنف المسرحية : مأساة ، ملهاة ، مشجاه ، مهزلة ، فانه يبلور لنا بوضوح كبير موقفا من الحياة ، سواء اكانت المسرحية مبنية بناء دراميا محكما ام هشا تتطرق لموضوع وتعالجه بسطحية أو عمق ، فأنها تعطي تلك الصورة الحقيقة لطبيعة التفكير الابداعي ، وإلى نوع التسويفات المتعمدة والمصاغة بهذا الشكل أو ذاك ، ان االدراما_المسرح _فن القصدية العالية ،فن البحث عن الحقيقة ، أسوة بالفلسفة التي تبحث في جوانبها وتناولها وطروحاتها المختلفة عن العلل وعلاقة الانسان بالوجود .
ولاشك ان الدراما- المسرح- اكثر عمقا من الفلسفة ذاتها ، بوصفها تنهل من الفلسفة ارضيتها ، دوافعها ، تساؤلاتها ويضفي اليها الخاصية الجمالية ،ما يجعل وظيفة الفنان الدرامي وعمله أشد وقعا واكثر عمقا وتغلغلا ، وأروع تأثيرا ، ذلك لان الصياغة الفنية ، تكون تعبيرا عن نوع الافكار والتقنيات والاساليب التي يتبعها الفنان – ان كان مبدعا حقا – في الغوص لا في الوظائف التقليدية لتقنيات العرض وانما في اكتشاف الطرائق والاساليب المبتكرة والمؤثرة في التعبير عن الهواجس والمشاعر والاحاسيس والافكار الفنية اهمية كبيرة ، فالفكر الفلسفي يكون غير كاف ، ذلك ان فن الدراما، لا يكون فنا من غير شكل تعبيري ، مؤثر ، فاعل ، ليزيد من عملية التواصل والبحث الدؤوب لبلوغ الآخر ، الذي قد يكون بعيدا ، غريبا أو غير منتبه لما يجري حوله ، أي لفت الانتباه لما يحيط بالإنسان واعطاءه الفرصة السانحة لرؤية الاشياء والافكار من زاوية جديدة لزيادة الانتباه والمسألة قد تتعدى ذلك وتدخل في صلب المضامين ، والصيغ الاسلوبية المعتمدة في غي الفضاء الدرامي ، فقد يكون استخدام الحوار بأسلوب مختلف كما هو الحال في مسرح اللامعقول ، أو يعمد لتقديم صوره مليئة بالألوان وكأن صراعا لونيا بحدث في النص، أو يزيد من بناء الصور الحركية ويجعلها جوهر الدراما كما في نصوص البانتوميم ، او يسهم بجعل الحوار المتهشم ينوء بوظيفة التعبير عن حالات الانكسار والاضمحلال للشخصية التي ترزح تحت الضغوط وتفقد انسانيتها، فيتحول الحوار إلى حزمة من الصور الكولاجية تطفو في الفضاء الدرامي
وتأسيسا على ما تقدم ، فأن النص المسرحي ، ضاج بالحياة ، مليء بالعلامات والصياغات الاسلوبية ، وبهذا المعنى ، انما هو ثقافة ، ووجه من أوجه الحضارة ، وتعبير جمالي وفلسفي مصاغ بطريقة معبرة عن روح العصر ودرجة التغلغل الانساني للوجود ، وعمقه وفهمه لما يجري حوله ، وكلما توسعت دائرة الثقافة واتسعت رقعتها ، صار المسرح اكثر فاعلية ، بوصفه فاعلا في الحياة الثقافية ، واذا كانت الحياة تعتمد مبدأ الصراع ، فأن الصراع يشكل اسا ثابتا وجوهريا في الدراما ، صراع الافكار والابطال والمواقف والاحداث والاجواء والامكنة والازمنة ، مثلما هو صراع الالوان والكتل والاحجام والخطوط ، فالصراع يدخل حتى في التمفصلات مهما بلغت من . ان ثقافة المسرح بعمومه، وبأشكاله المختلفة ، تتخذ من الثقافة اساسا لها ومن الحياة مضمونا محركا ، ومن المعنى جوهرا للنفاذ إلى الآخر الذي يشكل في الديمومة الحياتية نبضا حيويا وايقاعا مثلما يشكل الوجه العميق لثقافة مجتمع من المجتمعات فلسفة وجمالا ، وسعة وشمولا ، قوة وتألقا.
وحينما نتطرق إلى العرض المسرحي لا يمكن ان ينهض بقوة ورشاقة من غير نص درامي، وان حركة المسرح منذ الاغريق وحتى يومنا لم تتخل عن النص –المؤلف-وهذا الأمر يعزز ما نذهب اليه باعتبار الدراما الأرضية التي ينطلق منها نص العرض، سواء أكن تجسيدا للنص أم اختلافا معه .
ويتضح في ضوء ما تقدم ،ان المسألة الجوهرية، ان الدراما تكون غنية وثرية ويمكن اكتشاف المغيب وغير المنتبه اليه سابقا، فالنص حياة مختزلة، تضاهي الحياة وتتفوق عليها ، لأنها تقطير لكل الارهاصات والأفكار والمشاعر وما ينتاب الانسان من انكسار وثورة. فعوالم النص المتنوعة بالأبطال –الارادات- والمواقف- الأفكار، والمفاهيم – الخطط- - تجعل النص الدرامي حزمة عوالم، وذلك لوحده يعيد انبجاس الحياة من جديد في الفكر والانسان والحاجة للبناء والتطوير وردم لحظات الخمول والكسل العقلي، وعلية فان الدراسات اللاحقة في الكتاب ما هي إلا نوافذ تتطلع إلى رؤى للدراما قد تتجاوزها إلى نظرية الدراما.
https://theaterars.blogspot.com/2023/12/blog-post_29.html



هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك

تعليقات الزوار


تجليات اللون في النص الدرامي
التبراة : والجمع ( تباري ) وهي المغاصة التي يكثر في قاعها المحار الذي يحتوي على اللؤلؤ . فيقال ( المركب عنده تبراه ) أي وجد مغاصة يكثر فيها اللؤلؤ في قاعها الرملي . وقيل أن مناطق ( التبراة ) تسري ليلاً من مكان إلى آخر ، وأن المحار يطوف على سطح البحر ، فيلمع وكأنه ألوف المصابيح الدقيقة المنثورة على سطح البحر ، فتلاحقه سفينة الغوص حيثما ذهب . ( معجم الألفاظ العامية في دولة الإمارات العربية المتحدة )

التبراة : موقع إماراتي يتناول مئات المواضيع التي تضيء شعلة حب الكتاب لدى أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة ( شخصيات وهيئات ومؤسسات ) في نشر ودعم الكتاب على مستوى العالم وبكل اللغات . كما يعرض لأكثر من ألف عنوان كتاب يتم نشره سنوياً منذ بداية الألفية الثالثة .

ملاحظة : الموقع عبارة عن قاعدة معلومات فقط و لا يتوفر لديه نسخ من الكتب .

عداد الموقع

الكتب
35370
المؤلفون
19414
الناشرون
1901
الأخبار
10718

جميع الحقوق محفوظة - موقع التبراة