التراث العالمي المهدد : القرى القديمة في شمالي سوريا قبل وأثناء الأزمة 2011 - 2021


تأليف :

الناشر : الشارقة : معهد الشارقة للتراث Sharjah Institute for Heritage

سنة النشر : 2023

عدد الصفحات : 364

ردمك ISBN 9789948775942

الوسوم - تراث - آثار

تقييم الكتاب

شارك مع أصدقائك تويتر فيسبوك جوجل


يرصد الكتاب أكثر من 700 قرية أثرية في شمالي سوريا، معروفة باسم «المدن الميتة» وتقع في عدة مناطق هي: (جبل سمعان، الحلقة، باريشا، الأعلى، الوسطاني، الدويلي، والزاوية) والمؤلف يسعى للبحث في تاريخ وجغرافيا هذه (المواقع – القرى) التي يعود تاريخاً إلى العصرين الروماني والبيزنطي، وهي التي هجرت معظمها خلال القرن الثامن الميلادي.

جاء الكتاب في مقدمة وعدة فصول بينها: (السياقان الجغرافي والتاريخي، تنظيم الأراضي في الكتلة الكلسية واستصلاحها، تسجيل القرى القديمة في قائمة التراث العالمي، المتنزهات أو الباركات الأثرية الثمانية).

يؤكد د. عبدالكريم أنه يوجد من هذه القرى اليوم 60 موقعاً أثرياً في حالة معمارية ممتازة، رغم تأثيرات الزمن، والآثار السلبية للأنشطة البشرية، وكذلك طبيعة الحجر الكلسي الذي بنيت منه.

الكتاب يفصل في تاريخ هذه القرى، من النواحي التاريخية والمعمارية والجغرافية، وما تركته من آثار شاهدة على مدى الزمن، فيرصد ما تهدم منها، أو رمم، وما زال باقياً إلى وقتنا الحالي.

الكتلة الكلسية
في الفصل الأول من الكتاب يدرس د. مأمون عبدالكريم الإطار الجغرافي للكتلة الكلسية، وهي عبارة عن سلسلة من الهضاب السبع المنتشرة في شمالي سوريا في محافظتي حلب وإدلب والتي تمتد 150 كيلومتراً من الحدود التركية شمالاً إلى مدينة أفاميا الأثرية جنوباً، ونحو 70 كيلومتراً من سهل الغاب غرباً إلى سهول حلب وقنسرين شرقاً.

يتراوح ارتفاع هذه الهضاب بين 400 متر وأكثر من 900 متر، وهي ذات مناخ متوسطي تسمح بزراعة المحاصيل الزراعية، حيث اعتاد السكان المحليون في هذه القرى جمع المياه وتخزينها في صهاريج كبيرة محفورة في الصخور بمختلف الأشكال والأحجام.

هذه الكتلة كما يوضح الكتاب، تشتمل على جبلي «سمعان» في الشمال و«الزاوية» في الجنوب، حيث يبلغ طول جبل سمعان 50 كم من الشمال إلى الجنوب، وعرضه بين 20 و40 كم، وتبلغ أعلى نقطة له من جهة الجنوب في قمة «الشيخ بركات» 876 متراً.

مواقع أثرية
اعتبر مؤلف الكتاب هذه المواقع قرى وليست مدناً، لأنها كانت تفتقر إلى البنية التحتية المرتبطة بالمدينة، كالتحصينات، وتخطيط الشوارع، لذلك تم تصحيح مصطلح المدن الميتة، واستبدل به مصطلح القرى القديمة من قبل المعماري جورج تشالنكو منذ خمسينيات القرن الماضي، وعلى هذا الأساس تم اقتراح هذه التسمية لتوصيف المنطقة عندما أدرجت على قائمة «اليونسكو» للتراث العالمي في 2011.

يصف الكتاب هذه القرى بأنها غير منتظمة، وتمتد في اتجاهات عشوائية، ومبانيها متصلة بالحمامات، والأندرون (مكان لاجتماع الرجال) أو الكنائس (التي استمرت بوصفها مجالس التجمع الوحيدة) التي لا تزال منتشرة في هذه القرى، وتم تشييد بعضها على نفقة المزارعين الأثرياء في القرى نفسها، ودرس الكتاب أحجام المباني السكنية في القرى وسماتها العامة، مثل مخططها المؤلف من طابقين أو أكثر، وما فيها من غرف حيث استخدم الطابق الأرضي لإيواء الماشية وتخزين المؤن، بينما خصص العلوي للأسرة، بعض المباني الأكبر حجماً توصف بالفيلات، وبها أروقة من طابقين، يواجهها صف من الأعمدة الحجرية ذات التيجان المزخرفة، والمنحوتات الزخرفية.

يشير الكتاب إلى تاريخ الاستيطان والهجرة في هذه الكتلة الكلسية، وتاريخ الاكتشافات والدراسات الأثرية فيها التي بدأت منذ منتصف القرن التاسع عشر، حيث زارها تباعاً الكثير من الكتاب والآثاريين الأوروبيين الذين أغنوا المعلومات بدراساتهم، ومنهم (وادينغتون) من خلال مؤلفه (الكتابات الإغريقية واللاتينية في سورية مجموعة ومشروحة) وقد تواصلت الأبحاث في المنطقة بتشكيل (بعثة فرنسية – سورية مشتركة) بمشاركة مؤلف الكتاب عن الجانب السوري حيث كان يشغل منصب المدير العام للآثار والمتاحف في بلده، فأجريت دراسات جديدة حول المعابد والكنائس والقبور والحمامات والبيوت وغيرها.

ثراء
تميزت مباني الكتلة الكلسية باستخدام كتل حجرية ضخمة مترابطة، ونحت دقيق وثراء في الزخرفة مستوحى من التقاليد الهلنستية في الشرق الأدنى، ومن بين المباني والمواقع التاريخية الواقعة داخل حدود المتنزهات توجد (قلعة سمعان) وهي معلم تذكاري قديم ذو معلم أهمية كبيرة اجتذب عشرات الآلاف من الزوار خلال العصور القديمة، وقد أحيطت القلعة ببيوت قديمة تميزت بعمارتها وغناها الزخرفي الذي يزين واجهاتها، وبعض هذه البيوت وجدت في حالة استثنائية من الحفظ، وتعطي هذه البيوت صورة واضحة لطبيعة العمارة السكنية، وغناها خلال العصر البيزنطي، حيث نرى زخرفة جميلة على واجهة البيت، كما نجد تنوعاً رائعاً في تيجان أعمدة الرواق المزينة بدورها بالزخارف النباتية المختلفة.

حمام القرية
من معالم الكتلة الكلسية، هناك حمام القرية، وهو معلم ذو سمات معمارية خاصة، ويقع في عمق الوادي إلى الغرب من نزل القرية، وأول من درس هذا الحمام هو الكونت ملكيور دو فوغيه في منتصف القرن ال 19، وقد ترك بعض الرسومات التي حملت بعض الأخطاء المعمارية، قام هوارد بتلر من بعده بدراسة هذا الحمام في نهاية القرن ال 19 وبداية القرن ال 20 بالاعتماد على طروحات دو فوغيه في وجود مجمع معماري واحد يضم المباني المذكورة سابقاً، ويعود الفضل إليه في اكتشاف لوحة فسيفساء في القاعة الكبرى، التي أمكن من خلالها تأريخ هذا المبنى الذي يعود إلى القرن الخامس الميلادي، تحديداً سنة 473م، وكان أحد السكان الأغنياء، واسمه جوليانوس بن تالايوس هو الذي قدم هذه الهبة الكريمة لقريته.

أضرار وتعديات
بحث مؤلف الكتاب في أصل الأضرار والتعديات التي لحقت بالقرى في المنطقة الكلسية في شمالي سوريا، خاصة (ضمن الباركات الخمسة الموجودة في محافظة إدلب) أو (الباركات الثلاثة الأخرى في جبل سمعان بمحافظة حلب) وعزا هذه التحديات إلى جملة أسباب من بينها: استيطان الأهالي في بعض القرى الأثرية، واستخدام بعض أحجارها في أعمال البناء في قرى أخرى، وانتشار العشوائيات والمخالفات العمرانية في بعض القرى والمناطق، وأيضاً معاناة مواقع عدة من حفريات وأعمال تنقيب غير مشروعة، والقيام بأعمال جرف للأراضي المحيطة بالمواقع الأثرية بهدف استغلالها في زيادة رقعة المساحات الزراعية، كما خلص إلى العديد من التقارير، والبيانات المستخلصة من تحليل الصور الفضائية التي خلصت إلى أن الكثير من الأضرار التي لحقت بالتراث الثقافي كانت هائلة.
https://www.alkhaleej.ae/2024-04-07/%D9%82%D8%B1%D9%89-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AB-%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A-%D9%85%D9%87%D8%AF%D8%AF/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9



هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك

تعليقات الزوار


التراث العالمي المهدد : القرى القديمة في شمالي سوريا قبل وأثناء الأزمة 2011 - 2021
التبراة : والجمع ( تباري ) وهي المغاصة التي يكثر في قاعها المحار الذي يحتوي على اللؤلؤ . فيقال ( المركب عنده تبراه ) أي وجد مغاصة يكثر فيها اللؤلؤ في قاعها الرملي . وقيل أن مناطق ( التبراة ) تسري ليلاً من مكان إلى آخر ، وأن المحار يطوف على سطح البحر ، فيلمع وكأنه ألوف المصابيح الدقيقة المنثورة على سطح البحر ، فتلاحقه سفينة الغوص حيثما ذهب . ( معجم الألفاظ العامية في دولة الإمارات العربية المتحدة )

التبراة : موقع إماراتي يتناول مئات المواضيع التي تضيء شعلة حب الكتاب لدى أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة ( شخصيات وهيئات ومؤسسات ) في نشر ودعم الكتاب على مستوى العالم وبكل اللغات . كما يعرض لأكثر من ألف عنوان كتاب يتم نشره سنوياً منذ بداية الألفية الثالثة .

ملاحظة : الموقع عبارة عن قاعدة معلومات فقط و لا يتوفر لديه نسخ من الكتب .

عداد الموقع

الكتب
35321
المؤلفون
19398
الناشرون
1901
الأخبار
10651

جميع الحقوق محفوظة - موقع التبراة