سنة النشر :
2023
السلسلة :
كتاب المسبار الشهري ، 193
ردمك ISBN 9789948794318
تقييم الكتاب
عرِفت الطرق الصوفية؛ بطبقات تأثيرها في بعضها، وفي رجالات التدين، ففي طبقة التأسيس تأتي الجنيدية، والقادرية، والسهروردية وربما النقشبندية، إذ تشكل بعض أدبياتها طبقة من طبقات طرقٍ لاحقة؛ وكذا كانت طبقة مماثلة كالشاذلية والخلوتية، وكلا الطبقتين نشأتا في فارس وتركيا والمشرق العربي. وفي المغرب العربي أُسست طبقة ثالثة تمثلها المدارس التيجانية والسنوسية والإدريسية وغيرها. وقد نتج عن هذه الطرق الكبرى طرق لا مركزيّة، استقلت بمشيختها وأورادها وأذوناتها، واختلط بعضها بالأثر الاجتماعي القبائلي فتسمت باسم القبيلة، بل وانتزعت بعض القبائل اسم التصوف كالزاويّة، وعمِدت بعض الممالك إلى الارتكاز على هيكليّة الطرق الصوفية في حكمها، كتحالف القادرية مع سلطنة الفونج، أو قيام ممالك على أيدي شيوخ طرق كما فعل عمر الفوتي (1794-1864) وعثمان دان فوديو (1754-1817)، وغيرهما، وساهم تأسيس الدول المنسوبة للمتصوفة، في تعقيد فهم علاقة الصوفيّة بالسياسة والحكم والقتال، إثر دخول الدول في تنافس وخصومات، انعكست على علاقة الطرق ببعضها، إلى أن ظهرت طبقة جديدة سمحت بقبول تعدد الطرق مجددًا، فخففت حدة التنافس.
ولما كانت الطرق الصوفية الأفريقية والمغربية تعالج واقعًا مجتمعيًا؛ تباين موقفها من الدولة قبل الاستعمار، فمن المرور بعهد الإمبراطوريات المحلية، إلى «فكرة بلاد السيبة»، ومن ثم اصطدمت بالاستعمار بمعطى ديني من جهة، ومعطى اجتماعي سياسي من جهة أخرى، فتباين الموقف منه مجددًا وفقًا لتباين التقديرات والمصالح واختلاف السياقات. وفي عصور ما بعد الاستعمار، توحدت الطرق، إذ عادتها القوى السياسية والحداثوية التي لا تعوّل على التقليد، إلى أن ظهرت فورة «الإسلاموية» المنفرة، فألجأت إلى ضرورة التصالح مع المسار التقليدي للتديّن المعزز بقيم السلم المجتمعي الموروثة، والسماح له بالتطور التدريجي، عِوضًا عن الاصطدام المؤدي إلى انتصار التأويلات الثورية التطرفية الإرهابية.
يبدأ الكتاب بالأدوار الداخلية والخارجية للتصوف في المغرب، ساردًا تاريخ الزاوية، في المغرب، وتحوّلاتها منذ أن ظهرت في دولة الموحدين (1121-1269)، مبرزاً مهامَّ متداخلة؛ اجتماعية خدمية ومعرفية روحية، ومنبهًا إلى وظيفة تاريخيّة تتصل بتنظيم القبائل؛ إذ أضفت الزاوية شرعية على وجود القبيلة، ووفّرت دعمًا ماديًا لها.
تناول الكتاب الأربطة، والأضرحة، فبحث في أنماط العلاقة بالجانب السياسي، مركزًا على الطريقة البودشيشية، والكتانية، مستحضرًا خصوصية المغرب الدينية، وفرادة تنظيم الحقل الديني فيه.
https://www.almesbar.net/%D8%AA%D9%8E%D8%B4%D9%8E%D9%83%D9%91%D9%8F%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%91%D9%8F%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%91%D9%8F%D9%88%D9%81%D9%8A%D9%91%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82/
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك