سنة النشر :
2023
السلسلة :
كتاب المسبار الشهري ، 198
تقييم الكتاب
تناول الباحث الصومالي محمود عيسى تاريخ التديّن في البلاد، مشيرًا إلى محورية دور الطرق الصوفية التي حملت مشروعية الإسلام التقليدي، إلى أن تراجعت بعد تشكُّل الدولة الحديثة سنة 1960؛ مرجعًا ذلك إلى تبنّي الاشتراكية من جهة، وصعود الحركات الإسلاموية؛ التي تغذّت على أنماط التدين الوافدة مع أوبة طلاب الدراسات الدينية من الخارج من جهة أخرى، ومعهم نشأت المسايرة لما عُرِّف بالصحوة الإخوانية؛ فدخلت تغيّرات عقدية قضت على التصوف ووصفت المجتمع بالشرك العقائدي والسياسي.
ربما تزامنت خيوط الموجة الأولى لعمليّات «الأسلمة السياسية» في الصومال مع جهود التعريب التي حدثت نتيجةً للاتجاهات العروبية التي تتبنى المنهج الناصري أو البعثي في التعريب، ولكن ذروتها تبدو في تبنّي المنهج الإخواني القطبي، الذي نتج عنه ما سمي بـ«حركة الإصلاح» الإخوانية، بزعامة علي شيخ أحمد أبو بكر، الذي تأثرت به حركة الاتحاد الإسلامي. وانتشرت الموجة الثانية للأسلمة مع ظلال سيد قطب ومعالمه، وترافق ذلك مع بروز التشدد العقدي الجديد الذي تبنّاه جناح الاتحاد الإسلامي الذي انتقد المجتمع وممارساته الدينية الصوفية. ويُزعم أن بعض الإجراءات الرسمية ساهمت في توسيع دائرة استقطاب المتعاطفين وجذبهم إلى التيارات الإسلاموية، خصوصًا بعد قانون الأسرة الصادر سنة 1975، الذي أثار سجالات داخل المجتمع التقليدي المحافظ، فمنح التغييريين من الحركتين الإسلامويتين زخمًا، للتنافس على رمزية تزعّم التعبير عن رفضه، لأهمية شرعية تمثيل المحافظين في معركتهم لاختطاف الأصوات الرافضة لفرض التحديث والعصرنة القسرية المزعومة!
لاحقًا، وعلى إثر انهيار مؤسسات الحكم الوطنية بعد سنة 1991، شكّلت ثلاثية التكفير والتشدد ورفض الدولة، عوامل أساسية لحقبة انتشار الجماعات الإسلاموية وتجربتها في الحكم، فتزامنت مع تحولات عالمية منها: عودة المقاتلين الصوماليين المشاركين في قتال الاتحاد السوفيتي من أفغانستان؛ مكتسبين خبرةً قتالية ومهارات تجنيديّة كبرى، لكنهم افتقروا إلى خبرات إدارة المد الشعبي والحفاظ عليه. فعلى الرغم من نجاح الاتحاد الإسلامي عسكريًّا في المرحلة الأولى من الحرب الأهلية، وسيطرته على بلدية لوق (Luuq) بإقليم غدو (Geedo) وحكمها لمدة سنة (1996-1997)، فإن الحركة طُرِدت منها؛ ومن الموانئ والمناطق التي سيطرت عليها لفشلها شعبيًّا في التعامل مع المواطنين.
https://www.almesbar.net/%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%83%D8%A7%D9%81%D8%AD/
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك