سنة النشر :
2024
عدد الصفحات :
248
ردمك ISBN 9791255910565
تقييم الكتاب
يتنوع السرد الروائي بتنوع المضامين التي يحملها «فوق تراكيبه»، والتي يمكن أن نطلق عليها «المعنى الأول»، أو تلك الداخلة في ساحات البناء السردي، والتي تحمل المعاني الأكثر عمقاً، بيد أن المضمون الفارق الذي يحتضن المعنى الإنساني الخاص في فكرته، يحتاج إلى طرح متغير في ذاته وفي جميع مراحل البناء السردي، وأن يكون متوهجاً في أغلب تمثلات المعنى الذي تحمله المضامين. هذا ما تعكسه قراءة رواية «ملمس الضوء» للروائية الإماراتية نادية النجار. وتتشكل الرواية، التي أصدرتها منشورات المتوسط بإيطاليا، عبر أربعة أبواب هي: باب الصوت، باب الرائحة، باب المذاق، باب اللمس. وينضوي تحت هذه الأبواب عدد من الصور والعناوين التي توجه المضامين السردية إلى نهاية مثلى للرواية.
اشتغلت النجار على الفقد الإنساني غير المكرر كفقد الحبيب والقريب، حيث غاصت في بحر تجربة إنسانية مختلفة لارتباطها بفقد الإنسان لأحد مكوناته الأساسية، وما أصعب أن يكون الفقد لإحدى الحواس الخمس، التي تترجم المرئي لكل الأعضاء المشكّلة لمسيرة الإنسان في الحياة، فتتجلى المشاعر وتؤسس لكل القرارات الوجدانية وغير الوجدانية.
استطاعت النجار أن توظف كل الجماليات الأسلوبية في توظيف الفكرة لخدمة السرد الذي يعبر عن استنطاق الشخصية الرئيسة «نورة» لحواسها الأربع الأخرى، وهي الصوت والشم والتذوق واللمس لتعويض فقدان بصرها، وتشكيل ما يمكن أن نطلق عليه «أضواء البصيرة».
تقول نادية النجار، لـ«الاتحاد»، عن سبب اختيار الفكرة: «أظن أن الروائي عندما يكتب في موضوع ما، أو في فكرة بذاتها، لا يكون حراً بشكل كامل، فهنالك أشياء يريد أن يحكيها، أو أمور يريد أن يفهمها أكثر. ربما كنتُ أريد أن أفهم عوالم المكفوفين، ولم أجد من الكتب التي قرأتها والأفلام التي شاهدتها ما يشبع فضولي، فكانت نتيجة رحلة اكتشافي هي هذه الرواية التي ساعدتني على اكتشاف ملمس الضوء».
التجريد والاستكشاف
اتكأت النجار في رسم هذا الاستنطاق الذي أحدثته نورة من خلال «التجريد» حيث جعلت من الشخصية الرئيسة ناطقاً رسمياً لحالتها، ومن المؤكد أنها عانت وهي تخط روايتها، لأنها جردت من ذاتها شخصاً آخر يروي حكايته، حيث تقص نورة الأحداث من خلال صور فوتوغرافية يتعرف عليها تطبيق إلكتروني ويشرح محتواها، ليتعرف القارئ هو الآخر من خلال الأحداث إلى عوالم المكفوفين، ونظرتهم الفريدة لما حولهم في ظل غياب حاسة البصر، وتكشف نورة من خلال سردها التاريخ الشخصي لأفراد عائلتها، وسيرة جدّها الذي كان يهوى التصوير، حيث تعود بالزمن إلى الوراء، وتكتشف تاريخ الخليج العربي بصفة عامة، وتاريخ دبي قبل اكتشاف النفط، وكذلك البحرين.
وعن التأثر والتأثير بالسرديات الإنسانية التي يتشارك فيها الناس حول العالم تقول النجار:«لعلَّ ذلك أجمل ما في الرواية والأدب عموماً، حيث إن الأدب شكلٌ من أشكال التعبير عن الإبداع الإنساني، ولا حدود له. فعلى سبيل المثال أخذتني روايات نجيب محفوظ إلى حارات القاهرة المفعمة بالحياة، وروايات أمين معلوف التاريخية أرجعتني بالزمن إلى الوراء مع ليون الأفريقي أو سمرقند، وسافرت إلى أميركا اللاتينية مع روايات ماركيز». وتضيف: «قراءة الروايات تضع العالم كله بين يديك، فتتوسع معها مداركك ويتولد لديك تسامح مع الآخر، ونظرة مختلفة لما حولك».
https://www.aletihad.ae/news/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9/4510222/%D9%86%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%AC%D8%A7%D8%B1--%D9%87%D9%83%D8%B0%D8%A7-%D8%A7%D9%83%D8%AA%D8%B4%D9%81%D8%AA--%D9%85%D9%84%D9%85%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D9%88%D8%A1
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك