سنة النشر :
2024
عدد الصفحات :
88
ردمك ISBN 9789948771357
تقييم الكتاب
للشعراء وحدهم القدرة على العودة إلى مستند الماضي والنبش في ما حدث وما قيل، فالشعر، ومنذ محاولات تمثّله الأولى عَدّه النقاد حالةَ تقمص تقبض على لحظات انقياد كانت منضوية تحت سيف سلطة الزمان والمكان الواقعيين، والشعر إزاء ذلك ديناميكية آلية تعمل على مدّ أشرعة الكلمات والألفاظ والمعاني أينما أراد الشاعر لها، فالشاعر لا يُخفي ما يودّ قوله وإن بُني على الكثير من ملابسات البلاغة وأغلفة المواربة اللفظية وفنونها، لذا فما لم يقل سابقاً يحق له أن يُقال من جديد، ولكن على بساط الشعر الذي منح الشاعر الإذن لأن يقول ما فاته قولُه، أو ما سكت عن قولِه أو غَفِل عنه، فجاء عنوان ديوان الأكاديمية والأديبة عائشة الشامسي (ما لم تقله عائشة)، صريحاً مكاشفاً غير آبه لسلطة القول اليومي والعادي والمتداول التي تمسك وتتحكم بما نقوله، فما لم تقله عائشة أجيز له أن يُستدرك الآن، وذلك حين مكّنته عوالم الشعر ليقال دون التباسٍ أو إكراهٍ معهودٍ في حالات التلقي والتواصل التي تعرفها لغتُنا اليومية العادية، والتي لا يمكنها اللّحاق بكل ما يقال وسيقال في عالم المجاز المجاور والموازي.
فقد منح الشعر عائشة صوتاً آخر لتقول وتستدرك ما قد مضى وحُبس في دوائر الزمن الواقعي، بيد أنّ دوائر الزمن الشعري دوائرُ متجددةٌ ومباحة يعرف الشاعر مفاتيح أبوابها ومسالكها ويديرها ببعض المجاز، لتمنح كل ما مضى لباساً جديداً وتهيئة مختلفة، فقد أمعنت الشاعرة في رحلة البحث عمّا لم يقل عبر دروب عوالم شعرية لم تتأتّ قبلاً، فالشعر وحده يعرف كيف يحرّر اللسان، ويتجاوز حدود الزمان والمكان ومقصلة الاعتراف، «فيا شعري الذي ما زلت تهوى جراحاتي وحاجاتي وجوعي» ص:27، ولعلّ الاعتراف الذي يكمن في الشعر لا يعتدّ به في الواقع، نظراً لاختلاف شرطه الموضوعيّ، فالشعراء لهم حرية البوح دون التفات أو انتظار، فما يقولونه لا يحفظه إلا أرشيف روحهم التي تعرف ما الذي تنوي قوله، فالشعر استنادٌ لظلال الذات الشاعرة، والشعر دندنة ذاتية محيّنة يُقرِضنا إياها الشاعر، ونستعيرها منه حتى يصبح قوله قولَنا نحن لا هو.
https://www.aletihad.ae/news/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9/4457899/%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D9%85%D8%BA%D8%A7%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%AF%D8%B1%D9%88%D8%A8-%D9%84%D8%B9%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%B4%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك