سنة النشر :
2024
عدد الصفحات :
362
ردمك ISBN 9789948759775
تقييم الكتاب
تتحدث عن قصة حب وتغوص عميقاً في النفس البشرية، تدور أحداثها في يوم واحد فقط بنيويورك، وتتناول مصير شخصين من خلفيات مختلفة، دانيال شاب كوري - أمريكي يحلم بأن يصبح شاعراً، لكن أسرته تفرض عليه دراسة الطب، ونتاشا مراهقة جامايكية في أمريكا تواجه مصير الترحيل بعد 12 ساعة بسبب قرار حكومي، صدرت الرواية عن دار «روايات» من ترجمة أسماء قدري.
نتاشا، فتاة تؤمن بالعلم والمنطق وتنكر فكرة الحب من أول نظرة، حيث تلتقي بدانيال الذي يعيش في هارلم ويمثل النقيض لنتاشا فهو شاعر رومانسي، يؤمن بالقدر والحب من أول نظرة، لكنه يواجه صراعاً مع أهله الذين يودون أن يصبح طبيباً بدلاً من اتباع شغفه الأدبي.
يلتقي الاثنان بالصدفة في متجر، وبينما يحاول دانيال أن يقنع نتاشا بأن لقاءهما ليس صدفة، يصادف ببراغماتية نتاشا، وعندما ينقذ دانيال نتاشا من محاولة صدمها من سيارة مسرعة، تتفق نتاشا ودانيال، على تحديد موعد غداء يجمعهما معاً، تعبيراً عن امتنانها له، وهنا، تصر نتاشا على أن الحب يجب أن يحدد علمياً، تحداها دانيال للمشاركة معه في تجربة حب قرأ عنها في صحيفة نيويورك تايمز.
والتجربة تمتحن قدرة العلم على تفسير الحب، من خلال دراسة أنجزت عن (الانجذاب الكيميائي) والتفاعلات العصبية، وهي دراسة أجراها عالم النفس آرثر آرون وخلصت إلى أن أي غريبين سيقعان في الحب حتماً بعد أن يطرحا على بعضهما مجموعة من ستة وثلاثين سؤالاً، شرط أن يحدق كل منهما في عيني الآخر. وهنا تطرح الرواية حواراً فلسفياً بين المنطق والعاطفة.
وافقت نتاشا على المشاركة في هذه التجربة مع دانيال، وطوال يومهما يشرعان في تبادل الأسئلة حول التجربة، فيكتشفان حياة كل منهما. وفي خضم ذلك، ازدادت علاقتهما وداً. يقوم في وقت لاحق من اليوم، بمرافقة نتاشا إلى موعدها مع المحامي فيتزجيرالد وقضاء بعض الوقت معها، وهو على إيمان راسخ بأن قدرهما أن يكونا معاً، في الموعد المحدد، أخبرت موظفة الاستقبال نتاشا أن محاميها الجديد لشؤون الهجرة قد تعرض لحادث ولن يكون في المكتب إلا في وقت لاحق من اليوم. يمر الخبر عليها كالصاعقة، فتكشف لدانيال أنه قد يتم ترحيلها إلى جامايكا في اليوم التالي. انفطر قلب دانيال لأنها أخفت عنه خبر إقامتها غير الشرعية، وسمحت لعلاقتهما الرومانسية بالتطور رغم ظروفها. بعد شجار حاد، انفصلا لفترة وجيزة، ليدركا أنهما غيرا حياة بعضهما في غضون ساعات. واجه دانيال استياء شقيقه الأكبر تشارلي منه، وواجه والده بشأن خططه البديلة لحياته. في هذه الأثناء، تلتقي نتاشا بالمحامي فيتزجيرالد الذي يعدها بإصدار أمر قضائي بإلغاء ترحيل عائلتها. ستستغرق العملية عدة ساعات، لكنه يؤكد لها أن سجله حافل بالنجاحات في مثل هذه القضايا.
تمتعت الرواية بسرد شفيف، جاء على لسان شخصيتي العمل، ومن ذلك: «أنا لا أؤمن بالحب، تقول نتاشا، ويجيب دانيال: إنه موجود سواء آمنت به أم لا» وأيضاً: لم أكن أعرفك هذا الصباح، والآن لا أتذكر كيف كان الأمر بدونك، الناس يقضون حياتهم يبحثون عن الحب، وتكتب عنه القصائد والأغاني والروايات، كيف يمكنك الوثوق بشيء يمكن أن ينتهي فجأة كما بدأ، ولماذا نختار الشيء العملي، الشيء العادي؟ نحن مولودون لنحلم ونحقق ما نحلم به، الشمس أيضاً نجم، وهي نجمنا الأهم، هذا وحده يجب أن يكون جديراً بقصيدة أو اثنتين، أحياناً يهتز عالمك بشدة، من الصعب تخيل أن الجميع لا يشعرون بذلك أيضاً.
تميز هذا العمل الأدبي، بأسلوب سردي مميز، يجمع بين الشاعرية والعلمية، مع لمسة واقعية تعكس تعقيدات الحياة المعاصرة، ومن ذلك ما يمكن أن نطلق عليه 'السرد المزدوج' أو'ثنائي الأصوات' حيث تروى الرواية من منظورين مختلفين أو متناوبين فثمة نتاشا العقلانية العلمية، ودانيال الذي يمثل الرومانسية الشعرية، مما يخلق تناقضاً جميلاً يعكس صراع الأفكار بينهما، وكل فصل من فصول الرواية يحمل اسم الشخصية التي تسرد الأحداث، وهذا يمنح القارئ فكرة لطيفة وشاعرية حول العالم الداخلي الذي يعيشه كل من نتاشا ودانيال.
وهذا يقودنا إلى لغة الرواية التي كانت أقرب إلى اللغة الشعرية والعلمية في آن واحد، حيث الحوارات الذكية التي تمزج بين منطق نتاشا وحججها حول الفيزياء والاحتمالات، والعاطفة، كاستشهادات دانيال بالشعر والفلسفة.
كما يمكن الإشارة إلى ما يمكن أن نسميه (الاستعارات الكونية) ويتبدى ذلك من خلال تشبيه العلاقة بينهما بالنجوم والمجرات، في إشارة إلى فكرة الاتصال الكوني الذي تؤمن به شخصيتا العمل، حيث تلمح الكاتبة في نهاية الرواية التي لا تقدم إجابة واضحة عن 'هل كان لقاء كل من دانيال ونتاشا قدراً؟ حيث تترك للقارئ صورة مجازية عن احتمالية اتصالهما مجدداً حين تشير إلى نجمين يلتقيان مرة أخرى.
تطرح الرواية مجموعة من الأفكار، ومن ذلك مسألة (الحب والقدر) و(الهوية/الانتماء) وهنا، تسلط الرواية الضوء على تحديات الهجرة والهوية الثقافية، وتنجح الكاتبة في تفجير مجموعة من الأسئلة التي لها صلة بموضوع الصراع، وهو صراع مفتوح على كثير من الأسئلة ولعل أبرزها، معاناة الأفراد الذين يتنقلون بين هويات ثقافية متعددة، أو ما يطلق عليه (صراع الهوية) يشعر هؤلاء الأشخاص بالحيرة بين التوقعات الثقافية المختلفة والأعراف الاجتماعية. وقد يؤدي هذا إلى الشعور بالعزلة، وانخفاض تقدير الذات، والتوتر، مما يؤثر سلباً على الصحة النفسية.
وبينما تعاني نتاشا من خطر الترحيل، يواجه دانيال ضغوطاً عائلية لتحقيق الطموحات، وتنجح الكاتبة في طرح أسئلة مهمة حول الصراع الداخلي والخارجي، من قبيل الهجرة واليأس، حيث تواجه نتاشا موقفاً بيروقراطياً، فهي تعتبر أمريكا وطنها، كما أنها لا تعرف الكثير عن أصولها الجامايكية وتحاول يائسة البحث عن مخرج قانوني لإنقاذ عائلتها من الترحيل.
كما تطرح الرواية موضوع (العلم مقابل الرومانسية) حيث تعكس شخصيتا العمل الروائي رؤيتين مختلفتين كما أشرنا سابقاً، وهناك مسألة (الزمن واللحظة) حيث تظهر كيف يمكن ليوم واحد أن يحمل تغيرات جذرية في حياة الأشخاص، كما تبرز أهمية اللحظات العابرة وتأثيرها العميق في تحريك الكثير من الأسئلة حول المصير والكون وأعماق ودواخل النفس البشرية.
تنتهي الرواية نهاية مفتوحة تاركة مصير الشخصيات غامضاً ومع ذلك فهي تمرر العديد من الرسائل الإنسانية، وكأنها تغمز في القوانين الأمريكية التي تفصل العائلات دون اعتبار للظروف الإنسانية، كما أن الرواية تطرح أو تستكشف مديات الصراعات الثقافية، وهنا، يبرز سؤال الهوية والتسامح كسؤال مشرع ومفتوح، سؤال بحاجة إلى إجابات شفيفة حول كيفية تشكل هذه العلاقات وما هو مصير الأشخاص الذين يؤمنون بحدود وجغرافيا تحترم الجذور الثقافية للأفراد.
https://www.alkhaleej.ae/2025-06-01/%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%85%D8%B3-%D8%A3%D9%8A%D8%B6%D8%A7%D9%8B-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%AC%D9%88%D9%85-%D8%B3%D8%B1%D8%AF-%D8%A8%D9%86%D9%83%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A8-5941701/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك