سردية العجائبي في الرواية العربية : من التقييد إلى الإرسال


تأليف :

الناشر : الشارقة : دائرة الثقافة والإعلام Sharjah : Department of Culture and Information

سنة النشر : 2024

عدد الصفحات : 255

السلسلة : دراسات نقدية

ردمك ISBN 9789948744337

الوسوم - أدب - رواية

تقييم الكتاب

شارك مع أصدقائك تويتر فيسبوك جوجل


تأتي أهمية هذه الدراسة في كونها تُخضع النقد الأدبي إلى مفاهيم أكثر ارتباطاً بالأنثروبولوجيا الثقافية والتعامل معها كمنهج قادر على تفكيك النصوص الروائية وإبراز خصوصياتها وجمالياتها.
اشتمل الكتاب على قسمين رئيسيين: نظري وآخر تطبيقي، واشتمل كل قسم على ثلاثة فصول رئيسية على النحو التالي: تضمن القسم النظري الفصول التالية: (العجائبي: سؤال المنهج وإشكالية التجنيس، حدود العجائبي وقضية القرابة بين الأجناس، تشكل الظاهرة العجائبية: الجذور.. المرجعيات.. الآفاق) وتضمن القسم التطبيقي الفصول: (الخطاب الميكرو العجائبي والخيال الأنثروبولوجي، ميثاق الميكرو عجائبي وتحولات الشخصية من السيري إلى العجائبي، التخييل العجائبي كاشفاً لأنساق الثقافي.. الواقعي.. التاريخي).
يؤكد إبراهيم الكرواي أن التخييل العجائبي في الإنتاج الروائي يغذي التخييل السردي وينسج حكائية الرواية، وأن تمثل العجائبي في النص الروائي العربي ليس من باب الترف الخيالي، أو التجريد الذي يبتعد بالنص عن الواقع وقضايا الأمة، بل يحضر باعتباره كاشفاً للأسئلة التي تجلي علاقة الكتابة السردية بالراهن المجتمعي وقضاياه، ويضيء سؤال تأصيل الكتابة السردية العربية ورهاناتها المختلفة.
وبهذا المعنى يستخلص المؤلف أن الحكاية العجائبية انتقلت في الأصل من رحم الثقافة الشفوية، لتستقر بين أحضان المدون والمكتوب، وطقوس وتقاليد وفضاءات إنسانية موغلة في التاريخ، ولكنها ظلت متوجهة نحو المستقبل.
ويحاول إبراهيم الكراوي في بحثه لمقاربة الخطاب العجائبي في الرواية تطوير آفاق السرد الروائي العجائبي منطلقاً من منجز السرديات متحرراً من كل تلك النظريات الجامدة التي لا تواكب النص الروائي الجديد منفتحاً على مفاهيم الأنثروبولوجيا الثقافية والرمزية ومسترشداً كذلك بمنجزات نقاد حقل السرديات مثل سعيد يقطين، شعيب حليفي، محمد مفتاح، عبد الله إبراهيم، وغيرهم، وهو يشير إلى ريادة الناقد والروائي شعيب حليفي على صعيد دراسة العجائبي العربي وضبط المصطلح، والدقة المنهجية التي جعلت مباحثه في تحليل الخطاب العجائبي تصل إلى نتائج فعالة على صعيد الممارسة النقدية.
يشير إبراهيم الكراوي في المدخل النظري لكتابه الذي ينطلق من نظرية وتطور مفهوم الجنس الأدبي مدخلاً يفيد في مقاربة وتحليل مصطلح السرد العجائبي، إلى مسألة التجنيس كمعضلة أولى تواجه مقاربة ذلك المصطلح، فمنذ ظهور بعض الأعمال والكتّاب الذين ارتبطت أسماؤهم بـ«الفانتاستيك» أمثال ألان إدغار بو وإرنست غوتيير وهنري جيمس وبعد ذلك كافكا وبورخيس وغيرهم، بدأ المصطلح وما يوازيه من مصطلحات مجاورة، ينتشر ليدل على جنس من الأجناس الأدبية التي بدأت في النصف الثاني من القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر، ليعكس بذلك القلق الفردي والواقع الكابوسي الذي يعانيه الإنسان المعاصر.
يقول إبراهيم الكراوي: «إن عائلة أجناس السرد العجائبي تمثل المقولة الكلية والمثالية التي يتفرع عنها كل من الفانتستيك والغرائبي والعجيب والغريب، وقصص الخيال العلمي وغيرها، فقد كانت قصص الجن والمحكيات الشفهية، والمتخيل الميثولوجي والأنثروبولوجي وسير الأقوام السالفة منابع سردية تغذي التخييل العجائبي، وقد تطورت هذه النماذج التي اصطلح على تسميتها الأشكال السردية بفعل عوامل متباينة سواء ما ارتبط منها بأحداث وثقافة العصر وقضاياه، أو التحولات التي عرفتها رحلة الإنسان عبر العصور والأزمنة السحيقة».
يشير الكراوي تحت عنوان (حدود العجائبي وقضية القرابة بين الأجناس) إلى مجموعة إلى النقاد العالميين الذين قاربوا مفهوم «الفانتستيك» أو العجائبي مثل: لي روبرت، الذي يعتبره «خلخلة للنظام المألوف»، والمؤلف يسجل مجموعة من الملاحظات التي لا نعثر فيها على تمييز واضح بين الفانتستيك وأشكال أخرى من التخييل العجائبي، ويستنتج أن هناك بعض المغالطات التي سقط فيها التحديد، مثلما الأمر حين يخلط بين العجائبي والأساطير، كما يشير إلى أن «الفانتستيك» هو المتخيل، وهي صيغة ملتبسة، بما أن المتخيل يشكل أحد مكونات النصوص الأدبية، بغض النظر عن نوعها، وقد تنبه كثير من النقاد والباحثين عرباً وأجانب إلى إشكالية حدود المفهوم، ما حدا بالبعض إلى محاولة الحفر في نظرية تستجمع أشلاء السرد العجائبي عبر تاريخ السرد، ومنهم شعيب حليفي في «شعرية الرواية الفانتاستيكية» وسعيد يقطين في «ذخيرة العجائب».
ويقارب الكراوي مفهوم العجائبي بين مجموعة من النقاد مثل: بيير جورج كاستكس الذي قدم أطروحة «الحكاية الفانتاستيكية في فرنسا من نوديير إلى موباسان» سنة 1951، ولقي الكتاب بعد صدوره اهتماماً كبيراً في فرنسا بشكل خاص، وذلك باعتباره من أهم المؤلفات التي أسست النظريات الأولى في الأدب العجائبي، وتندرج مقاربته في إطار المقاربات التاريخية فهي ترصد ولادة السرد العجائبي وتطوره من خلال مجموعة من العوامل التاريخية التي مهدت لظهوره.
كما يشير إلى روجيه كايوا الذي يضع حدود العجائبي ضمن مفهوم القطيعة مع العالم المنطقي الذي يميز الواقع، والملاحظ أن مفهوم القطيعة الذي تبناه كايوا لا يوضح السمات الداخلية التي تمكننا من تمييزه عن السرد العجائبي عن قصص تنتمي إلى نفس العائلة، وهو يميز بين عجائبي قصص الجن وعجائبي الخيال العلمي.
يؤكد إبراهيم الكراوي في كتابه أن السرد العجائبي ينزع إلى إثارة أسئلة الذات والكشف عن اللاوعي الإنساني، وما يختزنه من ترسبات الواقع والصراعات المحتدمة بين الأنا والعالم الخارجي، فالعجائبي من هذا المنظور آلية لاستبطان النفس الإنسانية والكشف عن ترسباتها التي تعود إلى أزمنة غابرة في اللاوعي الفردي والجمعي، من هنا، فحضور العجائبي في السردية العربية قديمها وحديثها، يمثل كشفاً للّاوعي الجمعي وإثارة لأسئلة الواقع المرعب الذي تعيشه الذات العربية، ومختلف تحدياتها، وتشريحاً لوضعية هذه الذات في علاقتها بالواقع.
ويقارب إبراهيم الكراوي بعض النصوص للرواية التي اشتغلت على إنتاج خطاب تخييلي أنثروبولوجي ميكرو عجائبي، ويتتبع مقولة التحول والمسخ في هذه الروايات ويتوقف -على سبيل المثال- عند «سيرة حمار» للمغربي حسن أوريد، ويستخلص من خلالها نتائج تتجاوز حدود التمثل الجمالي للتخييل الأنثروبولوجي العجائبي إلى تمثل كيفية ترهين الخطاب السردي وإنتاج رؤية للعالم، في هذه الرواية التي تدور قصتها حول شخصية حمار يفكر كإنسان ويعيش في عالم يحكمه الانحلال الأخلاقي والفساد السياسي، وتتحول هذه الشخصية إلى رمز ينقل رؤية مختلفة عن الحياة والإنسانية. والرواية تتضمن قصصاً وتحليلاً للواقع الاجتماعي والسياسي في المجتمع المغربي، وكذلك تمس الإنسانية الجامعة. هي رواية سياسية وفلسفية عن قسوة الواقع، وتعد من الأعمال البارزة في الأدب العربي المعاصر
https://www.alkhaleej.ae/2024-11-17/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D8%AF-%D9%85%D9%86-%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D8%B1-%D9%85%D8%AE%D8%AA%D9%84%D9%81/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9



هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك

تعليقات الزوار


سردية العجائبي في الرواية العربية : من التقييد إلى الإرسال

التبراة : والجمع ( تباري ) وهي المغاصة التي يكثر في قاعها المحار الذي يحتوي على اللؤلؤ . فيقال ( المركب عنده تبراه ) أي وجد مغاصة يكثر فيها اللؤلؤ في قاعها الرملي . وقيل أن مناطق ( التبراة ) تسري ليلاً من مكان إلى آخر ، وأن المحار يطوف على سطح البحر ، فيلمع وكأنه ألوف المصابيح الدقيقة المنثورة على سطح البحر ، فتلاحقه سفينة الغوص حيثما ذهب . ( معجم الألفاظ العامية في دولة الإمارات العربية المتحدة )

التبراة : موقع إماراتي يتناول مئات المواضيع التي تضيء شعلة حب الكتاب لدى أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة ( شخصيات وهيئات ومؤسسات ) في نشر ودعم الكتاب على مستوى العالم وبكل اللغات . كما يعرض لأكثر من ألف عنوان كتاب يتم نشره سنوياً منذ بداية الألفية الثالثة .

ملاحظة : الموقع عبارة عن قاعدة معلومات فقط  ، و لا يتوفر لديه نسخ من الكتب ، ولا يقوم بإعلانات تجارية سواء للكتاب أو المؤلف أو الناشر .

عداد الموقع

الكتب
37226
المؤلفون
20449
الناشرون
1951
الأخبار
10965

جميع الحقوق محفوظة - موقع التبراة