شعرية السرد النفسي وبناء الأسلوب الذهني : الرواية الإماراتية الحديثة نموذجاً


تأليف :

الناشر : الشارقة : دائرة الثقافة والإعلام Sharjah : Department of Culture and Information

سنة النشر : 2024

عدد الصفحات : 200

السلسلة : دراسات نقدية

ردمك ISBN 9789948744498

الوسوم - أدب - رواية

تقييم الكتاب

شارك مع أصدقائك تويتر فيسبوك جوجل


يسعى الكتاب إلى الكشف عن التطورات والتحولات التي طرأت على مفهوم الشخصية الروائية، للوصول إلى مصطلحات سردية نفسية مستقلة، تحمل بواعث شعورية، وبواطن داخلية، وإرهاصات نفسية وفكرية واجتماعية، تسهم في تكوين الشخصية وإثبات وجودها في النصوص السردية، بحمولتها العميقة، وذلك مع الكشف عن تجلياتها في مجموعة من النصوص الروائية الإماراتية.
يتكون الكتاب من مقدمة، وتمهيد وثلاثة فصول، كان أولها نظرياً بحتاً، وتحدث فيه المؤلف عن السرد النفسي وبناء الشخصية الروائية، أما الثاني فخصّصه للرواية الإماراتية، مستكشفاً فيها تجليات السرد النفسي، من خلال الشخصية ومستويات هذا النوع من السرد، فقدم نماذج للسرد النفسي والحلم، والسرد النفسي والأسلوب الذهني، والسرد النفسي وأسلوب المونولوج بنوعيه (المباشر وغير المباشر الحر)، فيما تناول في الفصل الثالث السرد النفسي والتشكيل الزمني، والمكاني.
يسهب المؤلف في الحديث عن أهمية الشخصية في الرواية، متتبعاً أهم ملامح وجودها التاريخي، فيورد أنها كانت خلال القرنين السابع عشر، والثامن عشر، تمثل في الرواية – لا سيما الإنجليزية – صورة خاطفة أو تحليلاً وصفياً لفضيلة معينة أو رذيلة، أو صورة الطباع الشخصية، فهي وثيقة الصلة بالحدث، ولا ينظر إليها إلا من خلاله، لأنها توجد في الرواية بصفتها عاملاً أو وظيفة أو فعلاً يؤطر تقديم الأحداث، وهو ما يؤكد ارتباطها بجذر المنطق الأرسطي، الذي يرى في الشخصية مكوناً ثانوياً من مكونات العمل الأدبي، يخضع خضوعاً تاماً لمفهوم الفعل والحدث.
إن ذلك هو ما سيذهب إليه التوجه البنيوي لاحقاً، في إطار نظرته إلى الشخصية الروائية وحضورها في حيز النص الروائي، من خلال ربطه بنية الشخصية بوظيفتها النحوية التي تؤديها داخل النص ولا شيء خارجه، حيث ركزت على رؤاها المغلقة التي ترفض الشخصية على أساس أنها قطب في العمل الروائي، إنما ينظر إليها كأنها شبح وهمي وكائن ورقى يقال له الشخصية داخل العمل السردي، وابتداءً من القرن ال19 أخذت الشخصية حيزها الأهم في الفن الروائي، ووجودها المستقل عن الحدث، ولم تزل تحتل الصدارة محتفظة ببعدها التخييلي الذي يرتكز عليه العمل الروائي الحديث.
ويتحدث المؤلف عن استفادة السرد الروائي ابتداءً من القرن التاسع عشر من علم النفس، فيبرز كيف استثمر الروائيون منجزات رواد التحليل النفسي، من تصورات عن الشخصية، والكشف عن المخفي، وما يظهر بوضوح، وكذا التركيز على عنصر الشخصية ببعدها النفسي، وأبعادها العامة الأخرى، خاصة ما يتصل بسلوكياتها الخارجية داخل المجتمع، وأثرها في باطنها النفسي ونوازعها الداخلية، ما يجعل الشخصية الروائية وفق دراسات التحليل النفسي تتخذ تكويناً يتضمن الأفكار، والدوافع، والانفعالات والميول، والاتجاهات والقدرات، والظواهر المتشابهة، وكل الموضوعات التي لها علاقة بطبيعة الشخصية، فما في ذلك أصلها، وتطورها، وتغييرها.
إلا أن كُتّاب القرن العشرين، وخاصة كتّاب الرواية النفسية جعلوا البعد النفسي الثيمة الرئيسية التي ترتكز عليها معظم الكتابات السردية، مستغلين كل ما في النفس البشرية من انعطاف باطني، فركزوا على المحتوى الداخلي للشخصية، وما تنطوي عليه من حالات ذاتية نفسية، والتعبير عن مجرى تجربتها العقلية، لتصبح الرواية النفسية رائدة في عصرنا، وتوصف بأنها الرواية الحديثة، لكونها تعكس النزعة الباطنية البعيدة الغور للشخصية الروائية، وما تتضمنه من حالات ذاتية، عكس ما كانت عليه الرواية والكتابات السردية في المراحل السابقة، فهذا النوع من الرواية حمل نظرة أخرى مغايرة، وقفزة نوعية في الكتابات الروائية وذلك عندما أولت اهتمامها الكبير لما تفكر به الشخصية، لتثبت أن الشخصية قد تجاوزت أن تكون مجرد وظيفة أو دور أو فعل، بل هي مدار العمل السردي ذاته.
وبعد عرض العديد من التصورات حول أسلوب السرد النفسي، يقدم المؤلف أهم الخصائص التي تميز هذا الأسلوب، منها تركيزه على إبراز ذاتية الشخصية الروائية من خلال السارد، إذ لا يقتصر عمله على ما تنطق به هذه الشخصية، بل يصوغ ما تشعر به وتفكر فيه، فيتعامل هذا الأسلوب مع الشخصية الروائية في أثناء الصياغة، وعندما ينقل عنها بصفتها مستودعاً من العواطف والمشاعر، والأفكار الكامنة المخفية غير الظاهرة، ما يجعلها تشكل محتوى سيكولوجياً خصباً، ومعقداً معاً، مليئاً بالتوترات، والانفعالات النفسية، وتُغذّيه الدوافع الداخلية، وله أثره الواضح فيما يقوم به من سلوك.
كما يمتلك أسلوب السرد النفسى قدرة تؤهله على إيجاد وخلق بعد زمني خاص به، في صياغته الخطابية غير اللفظية، وذلك لقدرته على تكثيف المسارات النفسية الممتدة في الزمن بين الماضي والحاضر، وتضخيمه لحظات معزولة من الحياة الداخلية للشخصية، وتكثيف وتوسيع الزمن، إضافة إلى تميّزه عن سائر الأساليب السردية الأخرى بمرونة عالية.
إلا أن المؤلف يستدرك ليشير إلى أن أسلوب السرد النفسي يفتقر في كثير من حالاته إلى التنظيم المنطقي، والترتيب في الأسلوب، في أثناء صياغة مشاعر الشخصية وأفكارها، وهو ما قد يحدث في «المونولوج» أو في أساليب التداعي الحر، بسبب اشتماله على مستويات الوعي، وما دون الوعي، واللاوعي، كما يتضح افتقار التنظيم والترتيب وغيابهما عندما تسرد شخصية السارد من خلال هذا الأسلوب حالات ذهنية تستقر في ذهن الشخصية، كحالات الأحلام، والرؤى، وأحلام اليقظة، والهستيريا، حيث يكون الذهن عالمها ومسرحها الخاص، بيد أن من أهم مميزات هذا السرد النفسي كونه يمتلك القدرة الفائقة والفريدة على تجْليَة هذه الحالات، وإضاءة المناطق الأشد ظلمة في الحياة الذهنية للشخصية، وتأتي أهمية سرد هذه الحالات لما تمثله من تجارب نفسية تحتاج إلى سارد يدرجها في سياق بضمير الغائب.
على الرغم من أهمية الجانب النظري في الكتاب، فإن المؤلف لم يقتصر عليه، بل عمل على تطبيق المعطى النظري، من خلال الكشف عن تجلياته في مجموعة من النصوص الروائية في المنجز السردي الإماراتي، الذي لم يأت من فراغ، بقدر ما يرتبط بعدة عوامل أهمها كون الرواية الإماراتية حققت تراكماً بارزاً، على مستويي الكم والكيف، ما جعلها تفرض نفسها على البحث والدراسة السردية، وقد ركز على عدة روايات هي: «يوميات روز» لريم الكمالي، «لا تقتلني مرتين» لأسماء الزرعوني، «السيد والحشرة» لمحمد بن جرش، «لا كلمة» لتهاني الهاشمي، «حتى آخر الشهر» لباسمة يونس، «زمن بني عاشق» لناصر الزعابي، «نواقيس العزلة» للطيفة الحاج، «قصتي الأخرى» لفاطمة المزروعي.
وقد تناول تلك الأعمال على ضوء ما قدّمه في الفصل الأول، وتطرّق إلى الزمن والمكان في السرد النفسي، من خلال ذات الأعمال، فإذا كان الزمن هو المجال الذي تتغير فيه الأحداث، فإن المكان هو الحيز الذي تجري فيه تلك الأحداث، أما الشخصية – ببعدها المتغير في ذلك الوجود – فإنها تعيش وسطه متموضعة في الزمن والمكان، وتحيا فيهما، لكونها تعيش سلسلة تجارب وذكريات زمانية ومكانية لم يبق منها سوى مؤثرات نفسية في كيانها الخاص، ما يجعلها تنمو في ظل مجالي الزمن والمكان مع بؤرة الأحداث.
https://www.alkhaleej.ae/2025-04-07/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A-%D8%B4%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB%D8%A9-5855426/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9



هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك

تعليقات الزوار


شعرية السرد النفسي وبناء الأسلوب الذهني : الرواية الإماراتية الحديثة نموذجاً

التبراة : والجمع ( تباري ) وهي المغاصة التي يكثر في قاعها المحار الذي يحتوي على اللؤلؤ . فيقال ( المركب عنده تبراه ) أي وجد مغاصة يكثر فيها اللؤلؤ في قاعها الرملي . وقيل أن مناطق ( التبراة ) تسري ليلاً من مكان إلى آخر ، وأن المحار يطوف على سطح البحر ، فيلمع وكأنه ألوف المصابيح الدقيقة المنثورة على سطح البحر ، فتلاحقه سفينة الغوص حيثما ذهب . ( معجم الألفاظ العامية في دولة الإمارات العربية المتحدة )

التبراة : موقع إماراتي يتناول مئات المواضيع التي تضيء شعلة حب الكتاب لدى أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة ( شخصيات وهيئات ومؤسسات ) في نشر ودعم الكتاب على مستوى العالم وبكل اللغات . كما يعرض لأكثر من ألف عنوان كتاب يتم نشره سنوياً منذ بداية الألفية الثالثة .

ملاحظة : الموقع عبارة عن قاعدة معلومات فقط  ، و لا يتوفر لديه نسخ من الكتب ، ولا يقوم بإعلانات تجارية سواء للكتاب أو المؤلف أو الناشر .

عداد الموقع

الكتب
37226
المؤلفون
20449
الناشرون
1951
الأخبار
10965

جميع الحقوق محفوظة - موقع التبراة