سنة النشر :
2010
عدد الصفحات :
98
تقييم الكتاب
يمثل هذا الكتاب مرجعا مهما، حيث يعتبر الأول في موضوعه ويهدف إلى تقديم عرض شامل عن ماهية المدن الإعلامية التي أقيمت في الإمارات والهدف من إنشائها، والنظم التي تحكم عملها وواقعها الراهن على ضوء التجارب العربية الأخرى. وعلى ذلك يرصد الكتاب الوضع القائم في المدن الإعلامية بالدولة وهي أربع مدن في دبي وأبو ظبي ورأس الخيمة والفجيرة.
وينطلق الكتاب من الأهمية الكبيرة التي أحدثتها ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصال من نقلة هائلة في نمط حياة الإنسان، الأمر الذي فرض تذليل الفجوة الرقمية والإعلامية القائمة بين الشمال والجنوب وهو ما عمدت إليه الإمارات من خلال إقامة مدن إعلامية حرة مع بداية الألفية الجديدة.
ويقدم المؤلف في التمهيد لموضوعه تعريفا لماهية المدن الحرة ذاهبا بعيدا في هذا المجال إلى حد الإشارة إلى أنها وجدت لها تطبيقا بشكل أو بآخر خلال العهد الروماني.
غير أنه في تعريفه الحديث لمفهوم المدينة الحرة يشير إلى أنه يعني في أكثر معانيها شيوعا أنها منطقة تقع داخل حدود الدولة ولكنها تعامل جمركيا معاملة البلد الأجنبي.
ويتطرق بعد ذلك إلى تجربة الدولة والتي بدأت منذ الثمانينات من القرن الماضي بمنطقة جبل علي الحرة، مشيرا إلى استفادة المدن الحرة في الدولة من الوضع الفيدرالي بها من حيث سعة وحرية حركة كل إمارة على حدة في إدارة الشأن المحلي.
ثم ينتقل بنا المؤلف إلى الخوض في أبعاد ومقتضيات إنشاء هذه المدن الإعلامية الحرة والمبادئ التي تقوم عليها وكذلك المعاهدات الدولية والقوانين المحلية التي تنظم وجودها على الساحة العربية وما توفره تلك المدن من فضاء حر ومزايا اقتصادية وفنية مهمة وإن كان يسود في الوقت ذاته توجس من التداعيات السلبية لهذه المدن في ظل زحف العولمة.
وفي ذلك الصدد يذكر المؤلف أن من مزايا إنشاء المدن الحرة استفادة الدولة المضيفة في تنمية صادراتها وتوفير فرص العمل لمواطنيها وزيادة حصيلتها من النقد الأجنبي، فضلا عما تساعد عليه المناطق الحرة بشأن عملية نقل وتوطين التكنولوجيا الحديثة.
وعلى هذه الخلفية يتناول المؤلف المدن الحرة في الإمارات مفصلا الحديث في منظومة المنطقة الحرة للإعلام وتكنولوجيا المعلومات في دبي بمكوناتها الإعلامية والتكنولوجية المختلفة ووظائف كل منها والأنشطة والخدمات الداعمة لها.
وفي إطار تناول هذا الجانب يعرض لما تتمتع به هذه المدن من حوافز ومغريات ضريبية وتشريعية والهيئة المشرفة عليها وما رسم لها من أهداف وما تضعه من معايير وضوابط لممارسة العمل في مدينة دبي للإعلام.
ثم يتناول الكتاب تجربة المنطقة الحرة للإعلام في أبوظبي والتي أطلقتها شركة «مبادلة» في أكتوبر 2008 والتي تعد، بيئة حاضنة للشركات المحلية والإقليمية والعالمية العاملة في مختلف قطاعات الإعلام، وتشجيع وتدريب أصحاب المواهب العاملة فيها وتقديم خدمات الإنتاج وما بعد الإنتاج.
ويشير المؤلف في إطار استعراض هذا الجانب إلى قواعد تأسيس هذه المنطقة الإعلامية الحرة ومجالات عملها وخصائصها ومميزاتها واختصاصات الهيئة القائمة عليها.
كما يتناول الكتاب مدينة رأس الخيمة الإعلامية المولودة من رحم منطقة رأس الخيمة الحرة للتجارة في يناير 2006 وما تسعى إليه من استثمار الموقع المتميز للإمارة وبنيتها التحتية في استقطاب مؤسسات الإنتاج السينمائي والإعلامي العالمية ومجالات عمل تلك المدينة ومكوناتها الفنية وميزاتها القانونية والجغرافية.
كما يتناول الكتاب مدينة الفجيرة للإعلام والتي رأت النور في نوفمبر 2005 كمشروع إعلامي وإبداعي تسعى حكومة الفجيرة من خلاله إلى إحداث قفزة نوعية في قطاع الإعلام المرئي والمسموع والمقروء في الإمارة وإلى توظيف موقعها الاستراتيجي بوصفها نافذة للبلاد على البحار المفتوحة في جذب الاستثتمارات إلى تلك المدينة الإعلامية الحرة وتشمل منظومة الفجيرة للإعلام مناطق خاصة بالسمعيات البصرية والبث والربط عبر الأقمار الصناعية والطباعة والنشر والسينما والفنون المسرحية وتطوير خدمات الوسائط التكنولوجية والتدريب. كما أبرزت الدراسة في هذا المجال عناصر الجذب فيما تقدمه المدينة من حوافز وخدمات للمستثمرين.
ومن بين القضايا الخاصة المتعلقة بموضوع المدن الحرة التي يتناولها الكتاب ذلك المتعلق بالوضع القانوني لهذه المدن في ظل النظام الإعلامي لدولة الإمارات، حيث يستعرض السمات العامة لهذا النظام وما أدخل عليه من تعديلات في السنوات الأخيرة في كل من أبوظبي ودبي على ضوء إنشاء المدن الإعلامية الحرة وعلاقة المجلس الوطني للإعلام بتلك المدن.
ثم يستعرض الكتاب الوضع الراهن في المناطق الإعلامية بالإمارات من خلال عقد مقارنة بين المدن الإعلامية في دبي ومصر والأردن وإبراز عناصر الاتفاق والاختلاف بين المدن الإعلامية الأربع في دولة الإمارات من حيث العناصر المكونة لكل واحدة وواقع بنيتها التحتية وما يحكمها من ترتيبات قانونية وإدارية وما قد يطرح وجود تلك المدن من إشكالات تواجهه او معوقات.
ويختم المؤلف كتابه بمجموعة من النتائج والملاحظات يأتي على رأسها أن مدينة دبي قاربت إكمال منظومتها وبنيتها التحتية الأساسية خاصة فيما يتعلق بالمكاتب والاستويوهات ونظام الاتصال ويبقى لها إكمال مدينة دبي للاستوديوهات ومدينة الإنتاج الإعلامي المتخصصة في النشر والتغليف.
وتعمل المدينة بكامل طاقتها وقد وصلت إلى درجة التشبع في مدينة دبي للإعلام ومدينة دبي للإنترنت أما بقية المدن الإعلامية فهي لا تزال تعمل إداريا من خلال مكاتب مؤقتة.
وفي إشارة إلى الدور الذي صنعته هذه المنظومة لدولة الإمارات يذكر المؤلف أنها حققت أهداف تأسيسها بجعل دبي مركزا للتكنولوجيا والتجارة الإلكترونية والإعلام. وفي تأكيد على حيوية هذه الخطوة يذكر المؤلف أن هذه المناطق يمكن أن تسهم بقدر كبير في بناء صورة جديدة للدولة ومجتمعها.
حيث ساهمت في بروز اسم الإمارات على المستويين الإقليمي والعالمي. وفي رصد لما يمكن أن يكون لهذا التطور من سلبيات يشير المؤلف إلى تلك المتعلقة بالتدويل والعولمة وفي ذلك الصدد يتخوف البعض من أن يكون يلقي ذلك بتأثيره على وجود الدولة القطرية بتآكل النظام الوطني على المستوى المحلي.
من ناحية ثانية فإنه رغم الطفرة الهائلة في الإعلام الفضائي العربي المرئي والمسموع من المناطق الحرة فإن ذلك لم ينعكس في كثير من التجارب على جودة ما يقدم، مما يشير إلى السمة التجارية في منطلقاته، حيث انتشر على سبيل المثال عدد من القنوات التليفزيونية التي تعتمد على الربح السريع.
https://www.albayan.ae/paths/books/2009-07-18-1.454567
هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك