الثقافة العربية في ظل التحديات المعاصرة


تأليف :

الناشر : أبوظبي : مركز زايد للتنسيق والمتابعة Abu Dhabi : Zayed Centre for Coordination & Follow-up

سنة النشر : 2001

عدد الصفحات : 80

الوسوم - إجتماع

تقييم الكتاب

شارك مع أصدقائك تويتر فيسبوك جوجل


قال مركز زايد فى مقدمة دراسته أن معطيات العالم الجديد تضع الثقافة العربية بخصوصيتها وتميزها أمام تحديات كثيرة تفرض عليها الخروج من الشرنقة والتفتح على ثقافات الاخر مع مراعاة أنها الثقافة الزاخرة تاريخيا ومعرفيا وحضاريا وتراثيا لانها تستقي ذلك الوهج من الحضارة الاسلامية وتستمد ديمومتها وصيرورتها من تنوعها وعراقتها تبعا للابعاد الجغرافية والبيئية والتاريخية واللغوية التى تمنحها امكانية تشكيلها معطى حضارى يجعلها محل اهتمام وقلق بالنسبة للغرب. واكدت الدراسة أن الثقافة العربية فى ظل تدفق المعلومة والديمقراطية وبمفهوميها الشكلى والضمنى واختلاف الرؤى حولها توضع الان فى أكثر من موقع بين من يراها كفيلة بالصمود أمام التحديات وبين من يحكم عليها بأنها ثقافة هشة تعكس أزمة فكرية حادة وتترجم مراحل تمزق عرفه الفكر العربى أن صحت التسمية. وفى ظل هذه المعطيات تساءل مركز زايد كيف يمكن للثقافة العربية أن تواجه تأثيرات العولمة وما هو الدور الذى يشكله المثقف العربى فى المجتمع الحالى، وهل التراث العربى يحمل ملامح الاندثار أمام الحداثة التى تشبع بها الوطن العربى رغم أنها غربية المنشأ ورغم وصول الغرب الى ما بعد الحداثة، وهل هناك فعلا هوة وفجوة بين المفكر العربى وبين السلطة والحكم، وهل تدرك الثقافة العربية والمفكر العربى على وجه التحديد ما الذى يعنيه التثاقف وصراع الحضارات وهل تلعب الفضائيات دورا ثقافيا فعالا بين الشعوب؟ وأضاف مركز زايد أن دراسته تجيب عن هذه التساولات المحيطة بالواقع العربى وتنظر فى ملامح الثقافة العربية فى ظل تحديات العصر. وأعرب مركز زايد عن أن أمله فى أن تكون دراسته هذه محاولة جادة لتجاوز الرؤية العادية للثقافة العربية والتى لم تكن يوما قاصرة على ما نطالعه فى كتاب أو ما نشاهده فى قناة تلفزية أو ما نسمعه عبر موجات اذاعية انعكاسا حقيقيا لصورة الثقافة العربية والتى تعبر فى أبعادها عن مسيرة أمة وحياة شعب أراد أن يرسم وجوده فى الخرائط التاريخية والمعرفية. وبعد أن قدمت دراسة مركز زايد استعراضا تعريفيا لبعض المفاهيم المتعلقة بالثقافة في مختلف جوانبها تناولت فى فصلها الاول المسألة الثقافية فى الوطن العربى. وتقول فى هذا الصدد أن قضية الفكر العربى تعتبر من أهم القضايا العربية التى تأخذ كل مرة حيزا من الاهتمام والمتابعة لدى الباحثين أو الدارسين له وفى ظل الاحداث السياسية التى يشهدها الوطن العربى منذ حرب الخليج الاولى والثانية والقضية الفلسطينية المستمرة لعقود متتابعة من الزمن وقد تركت هذه الاحداث تصدعات فى البنى الفكرية العربية التى تتجسد من خلال قمة تشتت الامة العربية الى أقطار وأمم ودويلات ويؤكد الباحثون بأن الواقع الثقافى يرتبط بشكل مباشر بالراهن السياسى وبجوانب الاعلام والاقتصاد والتمزق السياسى الذى تعكسه الحروب والتوترات الداخلية والتشتت. وأضافت الدراسة أن الغرب أعلن بوضوح ومن منابر كثيرة وبأشكال مختلفة بأن القرن الواحد والعشرين سيشهد نشر النموذج الثقافى الاميركي والقيم الاميركية والسلوك الامريكى وأنه كما شهد القرن الماضى انهيار الشيوعية والماركسية فسيشهد هذا القرن انهيار الاسلام والعروبة وأنه لم يعد هناك مجال للحديث عن أمة عربية ولا عن طموحات قومية فأفق الطموح لاى قطر عربى هو أن يرى نفسه آمنا فى حدوده الحالية دون أية أوهام أو أحلام أو طموحات قومية من أى نوع وفى مقدمتها التحرير والوحدة وهو على استعداد لان يتعامل مع الشيطان على أرضية ذلك وفى سبيله وقالت الدراسة أن بعض التقديرات تشير الى أن الثقافة العربية الحالية ثقافة ضعيفة لا تملك قدرة الصمود فهى ثقافة لها خصوصيتها التى تميزها عن الثقافات الاخرى اذ تحتوى على الكثير من القيم التربوية والحضارية والمعرفية انطلاقا من القرآن الكريم الذى يعتبر أهم منابعها وروافدها الى التراث العربى الضارب فى العمق وهو ما يخول لها القدرة على بناء الفرد العربى انطلاقا من التربية المنزلية والروضة الى الكتاب المدرسى الى الجامعة ثم الى الفضاء الخارجى الذى من المفروض أن يكون مشبعا بالقيم العربية والسلوكيات الحضارية فى العمل وفى الحياة وفى التعامل وفى كل الجوانب المعيشية للفرد. وأشارت الدراسة الى أن ثقافتنا العربية ثقافة عتيقة تشكلت عبر الاف السنين وأن كان هذا القدم والعراقة والجذور التاريخية الضاربة فى العمق من أهم المميزات التى تفرق جيلا من المعارف والحضارات عن جيل اخر فأنه فى المقابل جعلها تسير برؤية أن لم نقل بشكل بطيء. وأما عن أهمية الخطاب الفكرى والثقافى فذكرت الدراسة أن راهن الثقافة فى الوطن العربى بكل روابطها التاريخية والتراثية واختلاف الرؤى والاراء حولها يطرحها كضرورة حتمية فى هذا السياق ليس لعراقة موضوع الطرح وحسب ولكن لان البيت العربى مثلما يطلق عليه المفكرون والمثقفون العرب بحاجة الى حالة ترتيب ولن نقول لتأثيث من جديد لان ارتباط الثقافة العربية بكل الاغراض يعفيها من هذه المرحلة. وأكدت الدراسة أنها الضرورة فى خلق أو ابداع خطاب ثقافى يتلاءم وهذه المعطيات المطروحة لقدرته على توجيه موازين القوى ولان الامم فى المعايير السليمة تقاس بمدى ثقافة ووعى شعوبها ومن بعد تأتى مقاييس الاقتصاد أو الوزن فى سلم المعايير الاخرى. ولفتت الدراسة الى أن المثقف العربى معنى بخطاب ثقافى نوعى يأتى وفق ظروفه الانية والمحددة وفى توقيته المرتبط به ويرسم فاعليته ويحدد تأثيره خطاب ثقافى يستحضر بقاءه ويستمد قوامه من ملامح الحاضر أذ يملك حينها القدرة على استقصاء صور المستقبل وتحقيق أهدافه الحضارية والمعرفية والثقافية التى من شأنها أن تساهم بشكل كبير فى صنع قرار وتحديد التوجهات العامة. وأما بخصوص المسألة التراثية فأشارت الدراسة الى أن حضور التراث ووزنه فى الفكر العربى يشكل قضية بالغة الاهمية ساعد فى طرحها على الساحة الفكرية ما يواجهه هذا المجال من تحديات فى العصر الراهن. ويرجع المفكرون بحسب الدراسة دائما المشكل الثقافى الذى تعانيه الشعوب العربية خاصة شعوب العالم الثالث الى الاستعمار وطرائقه وأساليبه فى تدمير ثقافة الشعوب المستمرة وتقديم بدائله الثقافية لنموذج الثقافة المعاصرة المتحضرة أمام جهود هذه الامم فى استرجاع سيادتها واستقلالها الثقافى عن طريق بعث الثقافة الوطنية وتعزيز الهوية التى ترسم مقومات الشخصية مستهدفا بذلك الصفوة الثقافية التى تملك قدرة استيعاب عملية الطمس والتشويه لجسد الثقافة العربية وكونهم الفئة المعنية بمجابهة ذلك هذا لا ينفى أن هذه المحاولات فى مسخ الثقافة العربية لم تمس الشعوب البسيطة وأنما كان التركيز على النخبة لما لها من تأثير على الفئات الاخرى باعتبارها القناة المعبرة عن تطلعاتهم ووعيهم وطموحاتهم. وحول علاقة المثقف العربى بالسلطة قالت الدراسة أن المثقف العربى تقع على كاهله مهمة التفاعل مع الاطار السياسى وبالتالى تضييق الفجوة بينه وبين الحاكم وقد يتساءل البعض فى هذه النقطة بالذات ما علاقة السياسة بالثقافة وما أبعد المثقف فى الوطن العربى عن رجل الحكم أو السياسة فى الكثير من الاوضاع والظروف السياسية التى يمر بها الوطن العربى. واضافت أن الكل يقول كلمته فى الامر إلا أن المثقف العربى مغيب فى حالات كثيرة أو لنقل أنه غائب عن ساحة الاحداث والوقائع بالرغم من أن المثقف فى جميع الحالات هو فرد قادر على أن يضطلع بأدواره فى المجتمع لان القدرات والوسائل والامكانات التى يملكها تخول له ذلك ومن الضرورى جدا أنه بهذا التصور ينأى عن الدور المقزم أو الصورة المختصرة التى يمكن أن يكون عليها والاطار الضيق الذى رسم له بأنه يعطى فقط الاوجه الجميلة والصورة التى يريد رجل النظام أن يمنحها له مؤكدة أن المثقف العربى قادر على أن يؤدى دورا مهما وفعالا فى هذا المجال وهو أدرى وأقدر الافراد على ذلك. وأما عن واقع وتحديات الثقافة العربية فى ظل المتغيرات العالمية المحيطة بها حاليا فقد أكدت الدراسة أن العولمة تهدف الى الانفتاح اللامحدود للعالم بكل مقاييسه وأدواته فهل يدخلها المثقف العربى أم أنه يظل متوجسا من الدخول الى هذا العالم الغريب الذى يسقط فى الكثير من لوائحه الماضى بقيمته وتراثه وثقافته العريقة بحثا عن حداثة تدمر الجانب المشرق فى حضارتنا وتعبث عمدا بهمومنا بمعول الهدم والانسلاخ عن القيم والمثل لتودى بلا شك الى عولمة عائدة لحضارات منقرضة. وتتابع الدراسة قولها أن الشكل الذى نشأت عليه الثقافة العربية عبر امتداد الزمن تجابه اليوم تحديات العولمة والثقافات الغربية فى الحين الذى تحول فيه العالم الى (قرية الكترونية) مثلما يفضل أن يصطلح عليه البعض شجع على ذلك كل الازدهار الذى عرفه الاعلام فى عصر التسلح الاعلامى وتطور وسائل الاتصال التى ألغت الحدود الجغرافية ومحت كل الخرائط والحدود أمام هذه الكونية.
https://www.albayan.ae/across-the-uae/2002-09-08-1.1378223



هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك

تعليقات الزوار


الثقافة العربية في ظل التحديات المعاصرة
التبراة : والجمع ( تباري ) وهي المغاصة التي يكثر في قاعها المحار الذي يحتوي على اللؤلؤ . فيقال ( المركب عنده تبراه ) أي وجد مغاصة يكثر فيها اللؤلؤ في قاعها الرملي . وقيل أن مناطق ( التبراة ) تسري ليلاً من مكان إلى آخر ، وأن المحار يطوف على سطح البحر ، فيلمع وكأنه ألوف المصابيح الدقيقة المنثورة على سطح البحر ، فتلاحقه سفينة الغوص حيثما ذهب . ( معجم الألفاظ العامية في دولة الإمارات العربية المتحدة )

التبراة : موقع إماراتي يتناول مئات المواضيع التي تضيء شعلة حب الكتاب لدى أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة ( شخصيات وهيئات ومؤسسات ) في نشر ودعم الكتاب على مستوى العالم وبكل اللغات . كما يعرض لأكثر من ألف عنوان كتاب يتم نشره سنوياً منذ بداية الألفية الثالثة .

ملاحظة : الموقع عبارة عن قاعدة معلومات فقط و لا يتوفر لديه نسخ من الكتب .

عداد الموقع

الكتب
33306
المؤلفون
18451
الناشرون
1828
الأخبار
10183

جميع الحقوق محفوظة - موقع التبراة