العلم والتقنية في الوطن العربي


تأليف :

الناشر : أبوظبي : مركز زايد للتنسيق والمتابعة Abu Dhabi : Zayed Centre for Coordination & Follow-up

سنة النشر : 2001

عدد الصفحات : 90

الوسوم - علوم تطبيقية

تقييم الكتاب

شارك مع أصدقائك تويتر فيسبوك جوجل


تؤكد الدراسة ان المنصفين من كتاب تاريخ العلوم والدارسين بأمانة لتراث الانسانية، لا ينكرون ان انجازات العرب والمسلمين مثلت دفعة قوية لتقدم الحضارة الانسانية، ولولاها لتأخر التقدم العلمي الذي نراه اليوم، والذي حمل شعلته الدول الغربية لمئات السنين. لقد سارت العلوم وتطبيقاتها التقنية في مسارين مختلفين التقيا في بعض الاحيان، ولكن اللقاء الحقيقي كان في القرن العشرين وشهد التاريخ ان المجتمعات تقدمت نتيجة للتجديدات والابتكارات التقنية التي لم يعد تطورها يأتي نتيجة لمحاولات الانسان في تحسينها بناء على التجربة والخطأ، ولكنها اصبحت تتقدم بناء على توالد المعرفة وتراكمها نتيجة للنشاط العلمي الذي يمارسه الانسان بقصد الافادة من تطبيقاته. لقد تغير الدافع من وراء العلم، واختفى مفهوم الهواية او «العلم للعلم» وظهر مفهوم «العلم النفعي» وهذا لا يتعارض مع ضرورة القيام بالبحوث النظرية او البحوث الاساسية التي تجري بهدف الحصول على معرفة جديدة، فالدول تسعى لكي تصبح المعرفة مثمرة ـ الى نوع من التوازن بين البحث الاساسي والبحث التطبيقي تبعا لمسلسل البحث العلمي ـ انتاج التقنية والذي يشير ايضا الى وجوب اجراء البحوث والتطوير. ويشهد التاريخ المعاصر ان التقنية والعلوم كانت اسلحة الدولة المتقدمة التي مكنتها من السيطرة على دول العالم النامي واخضاعها ونهب ثرواتها، والحكم عليها بأن تظل في موضع التبعية. وفي هذا العصر الذي يتسم بالتنافس الرهيب بين الدول ليس امام البلدان النامية الا محاولة اللحاق بالثورة التقنية التي بلغت مدى لم يتصوره احد من قبل، فإن ثمن التخلف في مضمار التقنية ثمن باهظ لا يمكن لأي بلد ان يتحمل عقباه. ويشهد العالم عدم التوازن في توزيع التقنية وتطويرها، وتبلغ قيمة النفقات على تنمية العلوم والتقنية في الولايات المتحدة بمفردها 2.8% من اجمالي الدخل القومي او ما يعادل 134 مليار دولار في حين لا يتعدى ما تنفقه الدول العربية 0.3% ـ 0.5% من اجمالي الدخل القومي. ويبلغ الانفاق على البحث والتطوير في البلاد المتقدمة 97% مما يصرف على هذا النشاط في العالم. وينفق هذا القدر من الاستثمار في دول متقدمة تعد على اصابع اليد، بينما تنفق الدول النامية في اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية اقل من 3% مما ينفق على البحث والتطوير في العالم كله. وتتبنى معظم الدول النامية بما فيها الدول العربية سياسات علمية وطنية، وكشفت الدراسات عن وجود اجهزة مختلفة في هذه البلاد تتباين في تكوينها او وظيفتها وفي اهدافها ومسئولياتها وسلطاتها وهي اما وزارات للبحث العلمي، او مجالس قومية، او اكاديميات علمية، او هيئات اخرى، وقد توجد منها اكثر من هيئة في الوقت نفسه في البلد الواحد، وبوجه عام فإن النمط المفضل هو جهاز حكومي مستقل ومتكامل ايضا يعمل على وضع السياسة العلمية، تخول له مسئوليات التخطيط والتنسيق وإدارة البحث والتطوير وتشجيع ادائهما، وتنظيم الخدمات المساندة. ولكن الجهود البنائية خالصة النية التي تبذل في البلاد النامية لوضع السياسات العلمية تؤدي وظيفة هامشية ولا تلبي حاجات تلك الدول. على الرغم من الصيغة المتقنة لبنائها ومتابعتها متابعة امينة. فغالبا ما تستشار الهيئات الدولية العلمية، ويستعان بالخبراء والارشادات وبرامج العمل والخطط العلمية التي طبقت بنجاح في بلاد اخرى متقدمة. ويبرر المسئولون في البلاد النامية التعثر في سياسات البحث العلمي بعبارات جديدة.. (عوائق) و(قيود) وتتمثل في الادارة السياسية، التي تتولى توفير الموارد، وتكشف الدراسات حول العلوم والتقنية في البلاد النامية عن عزلتهما عن الخطط الاقتصادية والاجتماعية وضعف صلتهما بقطاع الانتاج. ويضع آخرون اللوم على الاستعمار القديم، والجديد والدور الهدام للشركات عابرة القارات، وعلى وجود النظام الاقتصادي الدولي غير العادل، والمتحيز للدول المتقدمة، وبالطبع هناك بعض الحقيقة في ذلك، وتبدو هذه الاسباب مقنعة، ومع ذلك لا يقود ترديد مثل هذه الاقوال الى اكثر من دائرة مفرغة. ويعاد الآن في اطار التاريخ الاوروبي التفكير في تقويم المشكلات المعاصرة التي تواجهها اوروبا ومستقبلها المنتظر، وهنا تطرح الدراسة الاسئلة على علمائنا العرب، هل يمكن ان يسهموا في عملية تقديم المسيرة العلمية عندنا، او في تطوير معايير جديدة لقياس التقدم العلمي ـ مع العلم انه ليس لدينا معايير قديمة ـ وتطوير نظام قيمي جديد، هل لهم اي دور في صناعة مستقبل التنمية وبماذا يمكن ان يساهموا في الحركة العلمية والتقنية طبيعتها وخواصها ووظيفتها، في اطار تاريخنا وتقاليدنا ام انهم سيظلون مشاهدين من خارج الحلبة، ويراقبون المستقبل بينما يشكله الاخرون ليلائم حياتهم وأهدافهم؟! وترى الدراسة انه اذا أرادت المجتمعات العربية ان تصوغ مستقبلها طبقا لأهدافها السياسية، وتطلعاتها الاجتماعية والثقافية فالفهم الناقد للدور التاريخي للعلوم والتقنية اساس للتخطيط للمستقبل الذي يلعب فيه البحث العلمي دورا تتزايد حيويته باستمرار. انه اذن مجال تاريخ العلوم الذي يقدم لنا المنهج القويم لتخطيط سياسات البحث والتطوير. وقالت الدراسة ان تنمية قدرة التلاميذ والمواطنين على الفهم الناقد لسياسة العلم لا تتم الا من خلال جهد العلماء ومشاركتهم ولا يمكن ان تترك مسألة مشاركتهم في تنمية العلوم والتقنية وغرسها في المجتمع اعتمادا على الجوانب المهنية المحدودة بل يجب ان ترجع الى الوراء على وقت تنشئتهم في المدارس والجامعات فتعمل على ان تكون الدراسات الاجتماعية والفلسفية مكملة لمقررات الهندسة والعلوم بنفس القدر الذي تندمج به الابحاث في العلوم الاقتصادية والاجتماعية بالعلوم الطبيعية والتقنية. وفي استعراضها لوضع البحث العلمي والتقنية والتطوير في البلدان العربية اشارت الدراسة الى ان البلاد العربية توسعت على مدى العقود الثلاثة الاخيرة في بناء قواعد وطنية للبحث والتطوير من اجل خدمة مسيرة التنمية والتقدم وتعددت الجهود في بناء وتطوير مؤسسات البحث العلمي والتقني وبدأ العمل العلمي الجماعي العربي بعد انعقاد عدة مؤتمرات عربية وندوات تتعلق بالبحث العلمي والتقني في البلاد العربية والتي اكدت على ضرورة تطبيق العلم والتقنية لخدمة التنمية وتصميم الامة العربية على الاعتماد على العلم والتقنية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من اجل تحسين ظروف الحياة في المجتمع العربي. وأضافت الدراسة ان الانفاق على التقنية بالمنطقة العربية لا يزال دون المستوى المطلوب مقارنة بالدول المتقدمة تقنيا في الوقت الذي اولت فيه البلدان العربية اهتماما خاصا منذ البداية لبناء وحدات البحث والتطوير في ميدان الزراعة والحقول والمياه والاسماك وبلغ نصيب هذه الوحدات 36% من مجمل وحدات البحث والتطوير عام 1996 تلاها في ذلك الصحة التي بلغ نصيبها 18% وتوزعت نسبة 46% على عدد كبير من الحقول التي شملت الصناعة والطاقة والعلوم والنفط ومشتقاته. وتناولت بالجداول والارقام نمو القاعدة المؤسسية للعلوم والتقنية في الوطن العربي وتوزيع عدد وحدات البحث والتطوير وفق حقول العلم والجهات المسئولة في البلدان العربية واشارت الى اهم ملامح وقضايا مجهودات البلدان العربية في بناء رأس المال البشري المهني والمتخصص والمتمثلة في توزيع الطلبة على التخصصات والاختلافات المهمة في توزيع الطلبة على مراحل التعليم العالي والنقص الكبير في خريجي الدكتوراه والماجستير. وبينت بالجداول والارقام نمو عدد الطلبة المسجلين في مراحل التعليم في البلدان العربية وتوزيعهم النسبي في مراحل التعليم العالي. ونبهت الى ان نظم البحث والتطوير في البلدان العربية تمر بمرحلة انتقالية وأنه رغم انشاء العديد من الدول العربية لمؤسسات البحث والتطوير الا ان البحث في التطوير بصورته الاجمالية لا يزال يعاني من معوقات جوهرية وان على الدول العربية ان تتعامل مع موضوع البحث العلمي في المستقبل بجدية من خلال الاجابة عن عدة تساؤلات اهمها طبيعة رسالة نظم البحث والتطوير وبرامجها الاساسية وما هي اولويات البرامج والجماعات المستفيدة من هذه البرامج ومصادر التمويل لبرامج البحث والتطوير ودورها في توجيهه وما هي مجالات التعاون الثنائي او الاقليمي او الدولي في اي من برامج البحث والتطوير الوطنية؟ وأوضحت ان البلدان العربية انفقت ما يعادل 2.1% من مجمل الانفاق العالمي على التعليم العالي وانفقت 0.13% فقط من مجمل الانفاق العالمي على نشاطات البحث والتطوير وهو ما يضعها في ادنى مرتبة بين مناطق العالم بعد افريقيا، وإن المعدل العالمي للانفاق على البحث والتطوير البالغ 2.1% من مجمل الدخل العالمي يعادل 16 ضعفا لمعدل حجم الانفاق العربي. وتعرضت الدراسة كذلك للتعاون العربي ـ العربي، والعربي ـ الدولي في ميدان البحث والتطوير وتحدثت عن خصائص التعليم العالي ودوره في تنمية البلدان العربية. كما بينت ان معدل مساهمة الحكومة في البلدان العربية في نفقات البحث والتطوير بلغ 89% من مجموع النفقات وبلغ حجم المساعدات الخارجية لدعم البحث والتطوير في الدول العربية 8% من كامل نفقاته. وفي اشارة الى دور الجامعات في البحث والتطوير قالت الدراسة ان الاحصاءات تبين ان الجامعات العربية استقطبت 66% من مجمل الذين حصلوا على درجة الدكتوراه في البلدان العربية في الفترة من 1980 الى 1996 وان تكليف جميع الجامعات بوظيفة البحث والتطوير في ظل الظروف الحالية يتطلب اعادة النظر في رسالة الجامعة من اجل ازالة الشيوع بين الجامعات في وظيفة البحث والتطوير.
https://www.albayan.ae/across-the-uae/2001-09-07-1.1203805



هل قرأت هذا الكتاب أو لديك سؤال عنه؟ أضف تعليقك أو سؤالك

تعليقات الزوار


العلم والتقنية في الوطن العربي
التبراة : والجمع ( تباري ) وهي المغاصة التي يكثر في قاعها المحار الذي يحتوي على اللؤلؤ . فيقال ( المركب عنده تبراه ) أي وجد مغاصة يكثر فيها اللؤلؤ في قاعها الرملي . وقيل أن مناطق ( التبراة ) تسري ليلاً من مكان إلى آخر ، وأن المحار يطوف على سطح البحر ، فيلمع وكأنه ألوف المصابيح الدقيقة المنثورة على سطح البحر ، فتلاحقه سفينة الغوص حيثما ذهب . ( معجم الألفاظ العامية في دولة الإمارات العربية المتحدة )

التبراة : موقع إماراتي يتناول مئات المواضيع التي تضيء شعلة حب الكتاب لدى أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة ( شخصيات وهيئات ومؤسسات ) في نشر ودعم الكتاب على مستوى العالم وبكل اللغات . كما يعرض لأكثر من ألف عنوان كتاب يتم نشره سنوياً منذ بداية الألفية الثالثة .

ملاحظة : الموقع عبارة عن قاعدة معلومات فقط و لا يتوفر لديه نسخ من الكتب .

عداد الموقع

الكتب
33238
المؤلفون
18420
الناشرون
1828
الأخبار
10162

جميع الحقوق محفوظة - موقع التبراة