الخروج في خمسة أيام

يعتمد الكاتب محمد الطماوي في روايته «الخروج في خمسة أيام» على استدراج ما هو غير مألوف إلى النص، ويتجلى هذا المقصد الحكائي بانفتاح المشهد السردي على حدث فجائي لا ينتمي إلى عالم المصادفات ولا إلى الواقع «أنتم تسيرون خارج القضبان.. العربة خرجتْ عن القضبان وأنتم تسيرون في الاتجاه الخاطئ!»... هكذا بدأ بائع الجرائد «الشخصية المحورية في النص» يصيح بأعلى صوته عندما رأى عربة قطار تخرج عن القضبان.. تخرج لتسير في الطرقات ثم تحلّق فوق الميدان الكبير على ارتفاع شاهق في السماء.
ومن هذا الاستهلال الحكائي تنفتح الرواية على العالم الداخلي لركاب العربة الخمسة؛ الطبيب والسيدة الأربعينية والمجرم والمضيفة والشاب فارع القامة، ولكل راكب حكايته التي دفعته في ذلك اليوم إلى أن يستقل القطار هرباً من واقعٍ يعيشه، يقابل هؤلاء في النص شخصيات سكان الميدان الكبير من ذوي الياقات الزرقاء.
وكل شخصية من شخصيات هؤلاء تعكس وجهاً من أوجه الحياة التي يحيا داخلها الناس في المجتمع؛. وهنا يُمكن فهم نزوع الروائي محمد الطماوي إلى خلق هذا التصادم بين ما هو واقعي وما هو غير مألوف، وبنفس الوقت يكون قادراً على مباغتة المتلقي، وتحطيم أفق انتظاره وتحفيزه على إعادة النظر في ذاته ومجتمعه والعالم، لتكوين إدراك جديد قادر على التعامل مع فجائية اللامألوف، المقتحم للعالم المألوف.
يقول الراوي: «كم هو غريب أمر الموت؟ لماذا يظنّ كثير من الناس أن رحلة ما بعد الموت تبدأ برؤية ضوء أبيض كثيف يغشى البصر؟ لماذا لا تكون بداية الرحلة، رحلة ما بعد الموت، داخل عربة قطار تمرّدت على قضبان الحياة؟».
https://www.alkhaleej.ae/2022-04-04/%D9%82%D8%B7%D8%A7%D8%B1-%D9%8A%D8%AA%D9%85%D8%B1%D8%AF-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%82%D8%B6%D8%A8%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9