شما بنت محمد : القراءة تعيد برمجة عقولنا
ضمن فعاليات اليوم الختامي لمهرجان العين للكتاب 2025، الذي ينظمه مركز أبوظبي للغة العربية، احتضن قصر المويجعي جلسة «القراءة كفعل وجودي»، قدمتها الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، رئيس مجلس إدارة مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية والتعليمية، وصاغت خلالها رؤية عصرية ومبتكرة تحفز القراءة المستدامة، وتلهم الأجيال لصناعة المستقبل وبناء الوطن.
حضر الجلسة الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، وسعيد حمدان الطنيجي، المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية، ونخبة من المفكرين وصناع الوعي الثقافي، إضافة إلى حضور جمع من المثقفين والمهتمين والقراء.
قال الدكتور علي بن تميم، في كلمته الافتتاحية: «إن مشروع مجلس شما محمد للفكر والمعرفة، بوصفه مشروعاً إماراتياً نوعياً، يمثل واجهة معرفية تسهم في نهضة الفكر عبر الأدب والفنون، وأصبح فعلاً وجودياً للقراءة، عبر ملتقى ومكتبة مؤثرين في الوعي الثقافي، كون القراءة وفقاً لهذا المشروع ليست ممارسة اعتيادية، بل فعل يمنح الإنسان حيوات متعددة، وفعل القراءة كما صاغه هذا المشروع، يشكل رؤية وجودية تحفز على مراكمة الحياة والتجربة، ومواجهة الزمن المحدود عبر حسن اختيار الكتب».
قالت الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان: «إننا نعيش تحولاً يتجاوز تطور التكنولوجيا، إلى تغيير شامل للوعي البشري، وطاقات العقل والوجود الإنساني، وعلينا التفكير بشكل مختلف حتى نتمكن من مواجهة التحديات ثلاثية الأبعاد، وهي: تآكل الانتباه، وطغيان الخوارزميات، وأزمة المعنى؛ ولهذا فإننا لا نقدم دعوات للقراءة فقط، بل محاولات لبناء خريطة طريق، لإعادة برمجة عقولنا وتحصين ذواتنا، وتحويل القراءة إلى نظام تشغيل عقلي محدث، يتماهى مع تطور وتسارع العصر الحديث من خلال ثلاثة محاور مهمة».
أضافت الشيخة الدكتورة شما بنت محمد: «يتناول المحور الأول مقاومة القراءة المسطحة، كونها أخطر ما يهددنا اليوم، إذ نتصفح ونمر على العناوين، ونكتفي بالملخصات السريعة، دون الإمساك بفكرة واحدة، أو تنبيه وعينا، ما يهدد قدرة الأجيال القادمة على القراءة النقدية والتحليل العميق، وفقدان القدرة على قراءة النصوص الطويلة، واستيعاب السرديات الوطنية والفلسفية التي تبني الوعي الجمعي، ومن هنا تبرز أهمية القراءة العميقة المنتظمة، كأفضل السلوكيات الصحية التي تدرب الدماغ على الحفاظ على التركيز لفترات طويلة، وتكسبه المرونة العقلية».
فيما يتعلق بالمحور الثاني، فأكدت أنه يرتبط بمحو الأمية في عصر ما بعد الكلمات، وقالت: «لم تعد الأمية هي الجهل بالحروف، بل الجهل بالخوارزميات، فنحن نعيش داخل منصات تعرف عنا أكثر ما نعرف عن أنفسنا، وتقدم لنا المحتوى الذي نحب، وتخفي عنا المحتوى الذي نحتاج إليه، وتتعامل مع وعينا كأطفال مدللين، تقرر ما يشبهنا وما يطابق أذواقنا نيابة عنا».
أما بالنسبة للمحور الثالث «القراءة كقوة استراتيجية من الفرد إلى الوطن»، فأوضحت أنه في دولة الإمارات، لم تعد القراءة نشاطا ثقافياً، بل مشروعاً وطنياً، منذ أعلنت القيادة الرشيدة عام 2016 عاماً للقراءة، ولم تكن تحتفي بالكتاب فقط، بل كانت تصوغ مشروعاً حضارياً طويل المدى، دعمه المرسوم الاتحادي بشأن القراءة، ليحول الفعل القرائي من مبادرة إلى ممارسة مستدامة، وبنية ثقافية متجذرة في المجتمع.