بين أحلام الطفولة البريئة، وعوالم القراءة والمطالعة، مضت الطفلة الإماراتية اليازية مطر المري، في رسم أولى خطواتها الثابتة في عالم الكتابة والإبداع، وذلك بعد أن أهدت لجمهورها الصغير وهي لم تتجاوز السابعة من العمر، أول قصصها القصيرة، لتبادر من بعدها بطرح مجموعة من الأفكار الرائدة والفريدة التي سرعان ما نالت الدعم والمؤازرة من والديها، اللذين سعيا بدورهما إلى تحقيق أحلام طفلتهما بتأسيس أول مكتبة متنقلة من نوعها.
أطلقت الطفلة على ابتكارها لقب «سفينة الكتب المستدامة» لتكون مشروعها الثقافي الرائد الذي راهنت به على المعرفة باعتبارها أساس البناء الفكري للإنسان، ولتعزيز قيم الانتماء والهوية من خلال العديد من الأنشطة المصاحبة التي تعنى من خلالها اليازية بدعم اعتزاز الأجيال الصغيرة بتراثهم المحلي وتنمية مهاراتهم في مجالات متنوعة مثل الزراعة، والحفاظ على البيئة وقيم الاستدامة وغيرها من الأنشطة المدرسية الهادفة في هذه المرحلة العمرية المهمة من حياة الأطفال.
في مستهل حديثها مع «الإمارات اليوم»، توقفت فاطمة حجي، والدة اليازية المري، عند بدايات تفتح موهبة ابنتها منذ مرحلة رياض الأطفال، وملاحظتها امتلاكها طلاقة استثنائية في قراءة الأحرف والكلمات قبل التمكن من قراءة الجمل المترابطة لاحقاً، قائلة: «في فترة الحجر الصحي حرصت على متابعتها في تجربة (التعلم الإلكتروني)، فيما أسهمت مدرستها من ناحيتها في تشجيعها على القراءة من خلال مجموعة متنوعة من البرامج المتخصصة التي كشفت عن شغفها الكبير بالقراءة حتى في أوقات الفراغ، وميلها الواضح لقراءة الكتب على حساب الألعاب»، مضيفة: «بعد انتقال اليازية إلى مرحلة الدراسة الابتدائية في مدرسة أخرى بدا واضحاً تميزها في مجال القراءة والمطالعة، وقد شجعتها على ذلك أنشطة المدرسة المتنوعة والمسابقات التي كانت تنظم بشكل دوري، الأمر الذي ساعدها كثيراً على كتابة قصتها الأولى في الصف الثاني».
وحول مضمون قصة «الدودة فوفو»، أشارت اليازية إلى أن الحكاية الأساسية لهذه القصة تتمحور حول دودة سمينة تعاني من التنمر والسخرية من الحشرات الأخرى، قائلة: «أحببت أن أوجه من خلال القصة رسالة غير مباشرة لأقراني الأطفال لنهيهم عن هذه الممارسات المؤذية للآخرين»، مضيفة: «كنت سعيدة للغاية بنشر هذه القصة في العام 2023، ويحدوني أمل في تعميم رسائلها على نطاق واسع بعد توافرها اليوم في العديد من المكتبات العامة والخاصة في دبي وفي أغلب معارض الكتب المخصصة للأطفال، بالإضافة إلى إمكانية طلبها عبر صفحتي الرسمية (عالم اليازية) على منصة إنستغرام».
في هذا الإطار لم تخف اليازية فرحها الغامر بتجاربها الأخرى في مجال كتابة قصص الأطفال التي أهلتها لحيازة جوائز ومراكز متقدمة في هذا المجال قائلة: «فازت قصة (إجازة في المريخ) العام الماضي بالمركز الأول على مستوى المدرسة في مسابقة (المبتكرون الصغار)، فئة الكتابة، كما فازت قصة (حقيبة الاستدامة) بجائزة مدرسة حصة بنت المر في مهارة الكتابة لمسابقة اليوم الوطني للاستدامة، على مستوى الحلقة الأولى في النطاق، كذلك الأمر بالنسبة إلى قصة (آلة الزمن) الفائزة في مسابقة المبتكرون الصغار فئة الكتابة ضمن فعاليات أسبوع الابتكار على مستوى المدرسة».
أسهبت اليازية المري في الحديث عن مشروعها المبتكر «سفينة الكتب المستدامة» وهي أول مكتبة متنقلة فريدة من نوعها في دبي، مخصصة لعرض كتب وقصص للأطفال. وسميت بالمستدامة كونها تتوزع فيها علب البلاستيك الفارغة التي تمت إعادة تدويرها لغرض الزراعة، مؤكدة أنها إلى جانب عرض الكتب تجوب أماكن عدة لإقامة ورش العمل للأطفال بهدف تشجيعهم على المطالعة ودفعهم نحو ألق الأعمال الفنية في مختلف المجالات، قائلة: «أسعى من خلال هذه المكتبة المتنقلة إلى تشجيع أصدقائي المولعين بالقراءة على عرض كتبهم، فضلاً عن تعزيز ثقافة الاطلاع المفيدة لدى الآخرين، بدلاً من تمضية أوقاتهم في متابعة وسائل التواصل الاجتماعي»، مؤكدة بالقول: «يمكن من خلال هذه السفينة المتنقلة مستقبلاً القيام بعدد من الزيارات الميدانية لبعض المدارس الابتدائية لعرض هذه المبادرات، وتعليم عدد من المهارات مثل زراعة بعض النباتات وصناعة السفن الشراعية التي تعد حرفة الأجداد والتي استوحيت منها مشروعي، وغيرها من المهارات والمهن التراثية التي تعزز قيم التراث والأصالة».
وحول المواد الأولية التي تم من خلالها صناعة هذه السفينة المبتكرة، أكدت والدة اليازية، أنه «تم اعتماد علب البلاستيك القديمة في هذا المشروع لاستخدامها في ما بعد لوضع التراب وتعليم الصغار زراعة بعض النباتات لدفعهم نحو الحفاظ على البيئة وترسيخ مبادئ الاستدامة».
في المقابل، عبرت اليازية عن طموحها في التعريف بشكل أوسع بمشروعها الرائد «سفينة الكتب المستدامة» من خلال المشاركة في المعارض والفعاليات الثقافية والمجتمعية الخاصة بالأطفال، ونيتها المشاركة في تقديم ورش متخصصة عن الزراعة وإعادة التدوير، كذلك تخصيص قسم خاص للتراث يتم من خلاله تصوير الأطفال بالملابس التقليدية الإماراتية قائلة: «أتمنى أن أستطيع مستقبلاً تحقيق هذه الأمنيات، وأن أصبح في يوم من الأيام كاتبة معروفة تمتلك مكتبتها الخاصة التي يمكن للجميع الاستفادة منها وتطويرها لتكون بمثابة المرجع المعرفي للجميع في جميع الأوقات».
فضلاً عن مشروعها في مجال تشجيع القراءة لدى الأطفال، شاركت اليازية المري، ابنة الأعوام التسعة، في الموسم الثامن من تحدي القراءة العربي على مستوى المدارس في دبي، حيث وصلت إلى تصفيات المرحلة الثالثة، في الوقت الذي انضمت أخيراً إلى منافسات موسمه التاسع قائلة: «انتهيت للتو من تلخيص أحد الكتب التي أتممت قراءتها وأتمنى الظفر إن شاء الله بمراكز متقدمة عن الموسم السابق ونيل التتويج الذي أحلم به بهدف تشجيع القراءة لدى الطلاب في العالم العربي، وتعزيز وعيهم الثقافي منذ الصغر».
نشر في الإمارات اليوم 6866 بتاريخ 2024/11/30
أضف تعليقاً