ضمن فعاليات مهرجان طيران الإمارات للآداب، نظمت في قاعة «واحة القصص» في فندق إنتركونتننتال في دبي، جلسة بعنوان «تأثير الاستقرار على الإبداع والمبدع»، افتتحها الفريق محمد أحمد المري، مدير عام الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب بدبي بكلمة ضافية، وذلك بحضور هالة بدري المدير العام لهيئة دبي للثقافة والفنون ، وتناولت الجلسة التي أدارها غيث حسن الحوسني، تجارب 4 من الكتّاب والمبدعين الذين نالوا الإقامة الذهبية وهم: ممدوح حمادة، نبيل سليمان، حوراء النداوي، وأمل إسماعيل.
وفي المستهل تحدث المري مشيراً إلى أن المهرجان قد وصل لعامه الـ17، وحقق خلالها الكثير من الإنجازات بفضل تضافر الجهود وصدق النوايا وإخلاص الرسالة في العمل.
وذكر المري أن الإمارات ظلت تستقبل ضيوفها في مطار دبي بعزيمة الشباب العاملين هناك بترحاب وابتسامة لا تفارق وجوههم، لافتاً إلى أهمية الاستقرار حيث إن النجاحات لا تتحقق في أي دولة أو مدينة أو أي مؤسسة إلا عبر الاستقرار، فهذه الكلمة هي مفتاح النجاح ولها العديد من المترادفات مثل الطمأنينة والسكينة وأيضاً الثبات.
وأوضح المري أنهم في الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب شركاء رئيسيون في النهضة التي تعيشها الدولة وإمارة دبي، وذلك لأن هذه الإدارة هي الجهة المنوط بها استقبال الزوار للدولة بصورة تزرع في نفوسهم الطمأنينة، حيث إن المبدعين يحتاجون إلى الاستقرار الأمني في كل وقت، وأن دبي استطاعت أن توفر الكثير من العوامل التي تجعل المثقف يستمر في بذله وعطائه الإبداعي.
ولفت إلى حقبة تفشي وباء كورونا التي كانت صعبة على العالم أجمع، إلا أن مدينة دبي كانت أول المدن التي بادرت بفتح مطاراتها لاستقبال الزوار وقاد ذلك الأمر إلى تشجيع بقية المدن في فتح مطاراتها وبدأ الزوار في الوصول إلى الدولة.
وأعلن المري نيل الكاتب المغربي الكبير عبد الإله بن عرفة الإقامة الذهبية لما له من إصدارات ومؤلفات رائعة، وتوجه المري بالشكر للقائمين على أمر الإقامة الذهبية لما ظلوا يقدمونه في حق شريحة المبدعين.
وعقب الكلمة قام كل من المري وهالة بدري بتكريم الكاتب والروائي عبد الإله بن عرفة صاحب المؤلفات الفكرية والروحية والملقب بـ«رائد الرواية العرفانية»، وفي كلمة ضافية، عبر بن عرفة عن امتنانه الشديد بهذه المناسبة، إذ إن دبي ظلت تشكل حاضنة مهمة للمواهب والمثقفين الذين يجدون فيها مناخاً جيداً للعطاء بفضل اهتمام قيادات الدولة بالثقافة والمثقفين.
وذكر بن عرفة أن دبي صارت من الحواضن الإبداعية المهمة، وذلك أمر يعود بالنفع على الدولة وعلى المبدعين، ويأتي ذلك الاهتمام من قبل الإمارات بالمشتغلين في مجالات الفكر والثقافة في وقت يتعرض فيه المبدعون حول العالم للتضييق لأسباب مختلفة هنا وهناك، غير أن الوضع مختلف جداً في دبي وعموم الإمارات، حيث يتمتع الأدباء والفنانون والكتاب بالاستقرار والرعاية الكاملة والدعم.
وعقب ذلك بدأت فعالية الجلسة التي أقيمت برعاية الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في دبي، والتي تناولت وضع المبدعين في ظل عالم تسوده الاضطرابات والنزاعات الجيوسياسية، حيث يواجه المبدعون، في مختلف المجالات، تحديات كبرى في العثور على بيئة آمنة ومستقرة تتيح لهم التركيز على إبداعهم بعيداً عن ضغوط الحياة، ولتوفير هذه البيئة الآمنة، خصصت دولة الإمارات فئة خاصة للمثقفين ضمن منظومة الإقامات الذهبية طويلة الأمد، مما يتيح لهم الفرصة للتركيز على إنتاجهم الإبداعي.
وتحدث في بداية الجلسة الكاتب السوري نبيل سليمان صاحب الأعمال الروائية الشهيرة ومنها «ينداح الطوفان»، و«السجن»، و«ثلج الصيف»، وذكر أن كلمات مثل القلق والاستقرار هي حمالة أوجه، فهناك قلق حميد للمبدعين ومن دونه ستكون هناك فجوة إبداعية، كما أن الاستقرار بأنواعه المختلفة سواء أمني أو اقتصادي هو أمر شديد الأهمية بالنسبة للكاتب وضروري، إلا أن بعض الاستقرار يقود إلى سكون الكاتب وربما توقفه عن التأليف.
وذكر سليمان أن عدم الاستقرار الأمني هو خطر كبير يواجه المبدع، وربما يعطله كثيراً عن مسيرته، وعلى الرغم من أهمية الاستقرار الاقتصادي إلا أن عدم توفره يجب أن لا يكون مبرراً لتوقف الكاتب عن العطاء، وهناك بلدان فيها الكثير من المشاكل والأزمات والحروب وهي عوامل تقود إلى حرمان الكاتب من حريته وإبداعه، بالتالي فإن الإمارات تقوم بدور كبير تجاه المبدعين العرب وحول العالم بمنحها الإقامة الذهبية لهذه الفئة المهمة، فهي تشجع على الإنتاج بالنسبة للكتاب والمؤلفين والفنانين وتمنحهم بيئة مثالية يتفجر من خلالها عطائهم الإبداعي.
بينما ذكر الروائي والصحفي ورسام الكاريكاتير السوري ممدوح حمادة أن هناك العديد من الفوائد التي يجنيها الكاتب الذي يحوز الإقامة الذهبية، فهي تسهم في تطور المبدع لما يجده من بيئة ومناخ مناسب، مشيراً إلى أنه قد حصل على الإقامة في وقت كان يعاني فيه عدم الاستقرار، وأن أحد الأصدقاء قام بإرشاده إلى نيل الإقامة الذهبية التي حققت له استقراراً كبيراً.
وأشاد حمادة بالاستقرار الأمني الكبير الذي توفره الدولة لكل المقيمين على أرضها، وهو أمر قد لا يوجد في كثير من دول العالم المتقدم، الأمر الذي يجعل من الإمارات مستقراً مثالياً للناس ليس من العرب فقط بل وحول العالم، وهذا الجانب له تأثيره الإيجابي الكبير على المبدعين، حيث إن الاستقرار في المكان يقود إلى أن يجدد المؤلف من كتاباته وأساليبه بعيد عن التكرار.
فيما دعت الكاتبة القصصية والروائية الفلسطينية أمل إسماعيل المولودة في إمارة رأس الخيمة، إلى الاستفادة من الحصول على الإقامة الذهبية في التفرغ الكامل للإبداع، حيث إن هناك مزايا كثيرة تتوفر للكتاب والفنانين بفضل هذه الإقامة التي تخلق بالفعل حالة من الاستقرار الوجداني والنفسي مما يحرض على البذل الإبداعي.
من جانبها ذكرت الكاتبة والروائية حوراء النداوي أنها من أسرة مهاجرة تنقلت في الكثير من الأماكن، لذلك فهي قد جربت عدم الاستقرار منذ وقت باكر، ووجدت في دبي ملاذاً آمناً من أجل التركيز على رسالة الكتابة والإبداع.
نشر في الخليج 16691 بتاريخ 2025/01/29
أضف تعليقاً