افتتح عبدالله العويس رئيس دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة في قصر الثقافة ورشة الإبداع العربي المصاحبة لفعّاليات توزيع جوائز الدورة السادسة عشرة من جائزة الشارقة للإبداع العربي التي تستمر على مدى يومين تحت عنوان “التقنيات الدرامية في البناء الشعري”، ويشرف عليها الدكتور عبدالسلام المسدي ويشارك فيها الفائزون بالجائزة لهذا العام .في كلمته الافتتاحية قال العويس: “ستةَ عشَرَ عاماً جعلت جائزةَ الشارقة للإبداع العربي أكثر ألقاً في ساحة الإبداع العربي . . ستَّ عشرةَ دورةً أفرزت تراكماً، مؤثراً وحيوياً بهؤلاء الشباب الذين وصلت مشاركاتهم إلى ستة آلاف ومئتين، فاز منهم أكثر من ثلاثمئة أديب في محاور الجائزة المختلفة، وصدر لهم ما يزيد على ثلاثمئة كتاب، وبنظرة تأمل، سنجد أن كثيراً من هؤلاء الفائزين أصبحوا أكاديميين في الجامعات العربية، أو عاملين في مجال الثقافة في أطياف الوظائف المتصلة مهنياً وإبداعياً، ما يعني عمق حضور جائزة الشارقة للإبداع العربي في ساحة الفعل الأدبي والثقافي في كافة أرجاء الوطن العربي” .الدكتور عبدالسلام المسدي المشرف على الجائزة قال في تمهيده للورشة: (أنا سعيد أن توكل إلي مهمة الإشراف على حوار أدبي نقدي يأتي تتويجاً لمسار ثقافي حصيف اكتسب على مر السنين رمزيةً فارقة في محافل الأدب والإبداع من ضفاف الخليج إلى مشارف المحيط إن جائزة الشارقة للإبداع العربي إشراقة أُخرى من إشراقات هذه الربوع الزكية التي تأتي شواهد على خيارات مضيئة لامعة : شواهد على المثابرة والدوام، على إدراج المحلي ضمن دوائر القومي، على استشراف مستقبل وَعود يجعل الحاضر جسراً مكيناً بين الماضي والمآل، إنه التكريم بجوائز تحفز على صناعة رواد المستقبل” .بعد الافتتاح نظمت جلسة محورها “انفتاح الأجناس الادبية على الفنون” وشارك فيها محمد عبدالله عبد الباري بورقة رأى فيها أن الفنون على تعدد أشكالها كالرسم والنحت والموسيقا وغيرها، تهدف إلى إثارة المتعة الجمالية الخالصة، والأدب يشترك مع الفن في هذه الخاصية، حيث يهدف الأدب بمختلف أجناسه إلى تشكيل اللغة وإعطائها بعداً جمالياً وروحياً موحياً، ما يعني أن للفنون كلها ومن بينها الأدب خصائصها المشتركة باعتبارها نشاطاً إنسانياً نوعياً واحداً له حقائقه من حيث عملية الإبداع وله آثاره من حيث الوظيفة الاجتماعية .وفي الموضوع نفسه جاءت ورقة خالد الحسن، حيث رأى أن القصيدة تتأثر بالعصر، وبالبيئة، وبظروف الحياة التي تتطور باستمرار، خاصة بعد أن خلخلت التحولات الحداثية ثوابت نظرية الأنواع الأدبية التي كانت تحدد مواصفات كل جنس أدبي بقوانين وشروط أدبية صارمة، فتلاقحت الأجناس والفنون، وانهمرت خواصها الفنية على بعضها، فظهرت تقنيات تشكيلية وسينمائية وسردية ومسرحية في القصيدة .محمد الحناطي رأى في ورقته أن كل تطور في أحد الفنون، يحدث تطوراً في الأجناس الأخرى، وضرب مثلاً بالرواية التي رأى أنها لا يمكن النظر إلى التطور الذي حققته بمعزل عن تطور تقنيات السينما من مونتاج ومزج، وسرعة في الإيقاع، وفنيات التعامل مع الكاميرا، في التركيز على لقطة بعينها أو أخذ مشهد متوسط أو لقطة بانورامية، إلى آخره .ياسين أبو الهيثم، ركز على آثار الانفتاح بين الأجناس ورأى أنه تلاق وانصهار يغني النص ويوسع دائرة الاجتهاد ويكشف في الأديب عن طاقات إبداعية خلاقة ويكسر النمطية والقولبة النصية، لكنه يحتاج إلى وعي وموهبة تجنب النص المنفتح على أجناس عدة السقوط في الغموض والقتامة والارتباك والإرباك .حسين محمد شريف أكد في بحثه أن انفتاح الأجناس الأدبية مغالطة يراد بها هدم هذه الأجناس وذهاب مرجعياتها، واعتبر أنه لا يمكن أن يتصور الإنسان وجود جنس أدبي أو فني من دون نسق معينِ، ومنطقي داخلي يستند إليه . علي عمران ذهب إلى أنه لا ينبغي تقنينِ الإبداع ولا قولبةِ النظريات النقدية في قوالب جامدة، حيث يجب الاهتمام بالتنوعِ وإمكانيةِ تحقيقِ المتعة بأكثر من سبيل، والمهم أن يصلَ الأديب إلى سر هذه المتعة، سواء أكان عن طريق هذا الانفتاح بين الأجناس أو الفنون، أو عن طريق الانفتاح بين روحهِ وروحِ المتلقين في معانقتِه للمطلق .أما يوسف بعلوج فقد عمد إلى تعريف كل مصطلحي أدب وفن، وتتبع من الناحية التاريخية علاقة الأدب بالمسرح وفن التشكيل وفن السينما، ليبين التشابك التاريخي بين الأدب وبين الأجناس الإبداعية المجاورة له، ويخلص إلى أنه حقيقة قارة على مر العصور، لكنّ الخصوصية اللغوية للأدب تجعله قادرا على صهر تقنيات تلك الأجناس في تشكيلاته اللغوية، بما يحفظ له خصوصيته . ( الخليج 12398 )
نشر في الخليج 12398 بتاريخ 2013/4/29
أضف تعليقاً