احتضنت قاعة الكتاب ندوة بعنوان “الرواية العربية تاريخ وإبداع” اشترك فيها الروائي بهاء طاهر، والناقدان الدكتور حمدي سكوت، والدكتور أحمد الزعبي، وأدارها الإعلامي محمد السويدي .حديث حمدي سكوت انصب على موضوع “المثقف الحائر وقضايا الوجود الإنسان في روايات نجيب محفوظ”وتناول فيه صور غربة المثقف الذي ينظر إلى ممارسات المجتمع ومعتقداته ولا يقتنع بها، وتتوالى عليه المصائب فتزعزع معتقداته، فيبدو حائراً، وقسم سكوت تلك الحيرة في روايات نجيب إلى ثلاث صور .الصورة الأولى تمثلها شخصية “كمال عبد الجواد”في الثلاثية، وخصوصا في الجزأين الأخيرين منها، حيث بدأ كمال يترك حياة الطفولة ويلج إلى حياة الشباب . الصورة الثانية استمدها سكوت من روايتي “السمان والخريف، والشحاذ«، ففي السمان والخريف تتلوث يدا عيسى الدباغ القيادي في الحزب بالرشوة وسرقة المال العمومي وتثبت عليه التهمة فيسقط من الأعلى إلى الحضيض .أما الصورة الثالثة التي رصدها سكوت عند نجيب محفوظ، فهي تلك التي ترسمها رواية “ثرثرة فوق النيل«، وهي صورة المثقفين العبثيين كما سمّاهم نجيب محفوظ نفسه، وهم هذه الطائفة التي لا يؤمن أصحابها بأي شيء، ولا يثقون في المجتمع ولا قيمه .الكاتب بهاء طاهر تناول بدوره أعمال نجيب محفوظ من جانب آخر، هو رواياته التي كتبها عن مصر القديمة، وقال “إن هذه الأعمال رصدت تاريخ الصراع الدرامي بين كهنة الآلهة والملوك الذي عاشته مصر الفرعونية، وانعكس الحكم فيها بالتأرجح بين القوة والضعف، وعبرت عنه رواية “رادوبيس«، كما رصد محفوظ أيضاً تاريخ الغزو الخارجي لمصر متمثلا في غزوات الهكسوس الذين كانوا يتفوقون على المصريين بامتلاك الأحصنة، لكن الملك الفرعوني أحمس جلب الأحصنة ودرب جيوشه عليها، وطرد الهكسوس وانتصر عليهم، وقد خلد محفوظ ذلك في روايته “كفاح طيبة«، ثم تأتي الفترة الثالثة والأخيرة من تاريخ مصر الفرعونية والتي عاد فيها الصراع بين الكهنة والملوك، وقد بلغت الدولة قمة مجدها وقوتها في هذه الفترة لكن الصراع تنامى، وقضى على سلالة الملوك وقد مثلت هذه الفترة رواية “العائش في الحقيقة”التي رصدت صراع الملك أخناتون مع الآلهة، وسعيه للوقوف في وجه ما يقرره الإله رع، لكنه يفشل ويقرر أن يورث عرشه لابن كاهن رع”.أحمد الزعبي جاءت مداخلته بعنوان “روايات عربية الهوية شكلاً ومضموناً”وقد تناول فيها البناء الفني والمضموني لرواية “مقامات المحال”للكاتب الأردني سليمان الطراونة، وقال “إن ميزة هذه الرواية هي أنها جاءت على شكل فن المقامات وهو فن عربي أصيل، ولم يذهب صاحبها إلى محاكاة البناء الروائي الغربي، كما أنها كتبت بلغة عربية أصيلة تستلهم اللغة التراثية، وطافت في عوالم ومرجعيات عربية قديمة وحديثة وتوقفت مع شخصيات تراثية عربية، وشكلت إبحاراً في الذاكرة وفي تاريخ البشرية، وهو ما يجعله رواية فريدة من نوعها، ومحاولة متقدمة لكتابة رواية عربية”. ( الخليج 12229 )
نشر في الخليج 12229 بتاريخ 2012/
أضف تعليقاً